بعد فشلها في "توظيف" الغاز الإسرائيلي.. لماذا يشكل اتفاق "شرق المتوسط" انتكاسة لتركيا؟
بعد فشلها في "توظيف" الغاز الإسرائيلي.. لماذا يشكل اتفاق "شرق المتوسط" انتكاسة لتركيا؟بعد فشلها في "توظيف" الغاز الإسرائيلي.. لماذا يشكل اتفاق "شرق المتوسط" انتكاسة لتركيا؟

بعد فشلها في "توظيف" الغاز الإسرائيلي.. لماذا يشكل اتفاق "شرق المتوسط" انتكاسة لتركيا؟

تحمل الاتفاقية التي وقعتها إسرائيل وقبرص واليونان، الخميس، بشأن مشروع مد خط أنابيب الغاز الطبيعي من منطقة شرق المتوسط، وصولا إلى إيطاليا، ومنها إلى دول أوروبية أخرى، العديد من الأبعاد الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية، ما دفع خبراء في إسرائيل للقول إن الحديث يجري عن واحدة من أهم الاتفاقيات التي وقعتها تل أبيب في السنوات الأخيرة.

وذهب بعض الخبراء إلى أن المزايا الاقتصادية والعوائد المالية الضخمة التي ستحققها الخزانة العامة جراء تصدير الغاز عبر خط شرق المتوسط East"־Med"، لا تقلل من قيمة الأبعاد السياسية والاستراتيجية، حيث دعا بعضهم الإعلام العبري في الوقت ذاته إلى عدم تسليط الضوء على الاتفاقية من زاوية كونها تأتي ردا على الخطوات التركية بالمنطقة، تحسبا لإمكانية فتح حوار بين تل أبيب وأنقرة مستقبلا.

ويخفي كل ذلك حقيقة أن المحاولات التركية -الإسرائيلية منذ اتفاق المصالحة العام 2016 بشأن تنفيذ مشروع لنقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر ميناء جيهان التركي، باءت بالفشل، رغم وجود بند في اتفاق المصالحة ينص على هذه النقطة، ومن ثم تسعى أنقرة لإفشال تنفيذ آلية توصيل الغاز إلى أوروبا باستخدام مسار آخر يمر قبالة قبرص واليونان إلى إيطاليا ومنها إلى دول أوروبا، بعد أن تبدد طموحها بشأن التحول إلى قاعدة لنقل الغاز إلى القارة الأوروبية وما يحمله هذا الأمر من قيمة استراتيجية وجيوسياسية.

واتبعت إسرائيل سياسة التعامل بالمثل مع الجانب التركي، ومن ثم قامت بخطوات دبلوماسية وسياسية مماثلة وأطلق مسؤولون بها تصريحات عدائية تشبه تلك التي أطلقها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأخيرا وقعت على اتفاقية مع قبرص واليونان ردا على توقيع اتفاقية تركية مع حكومة الوفاق في ليبيا، وكل ذلك يأتي في إطار مساومات متبادلة ربما لا تعكس الواقع المحتمل أو ما سيحدث مستقبلا.

حوار إسرائيلي – تركي

القناة الإسرائيلية السابعة تحدثت مع ميخائيل هراري، الأكاديمي والسفير الإسرائيلي السابق في قبرص، والذي ذكر أن التوقيع على الاتفاقية يشكل إنجازا سياسيا كبيرا للغاية، مضيفا أن القمة الثلاثية التي عقدت بين زعماء إسرائيل وقبرص واليونان "تشكل رسالة سياسية مهمة مقابل جميع التطورات التي تشهدها منطقة شرق المتوسط، ولا سيما ما يتعلق بتفاهمات أردوغان – السراج، الخاصة بالحدود البحرية بين تركيا وليبيا".

ورأى هراري أن الاتفاقية تأتي في إطار دعم إسرائيلي لشركائها وتتويجا للشراكات والتحالفات التي تتبلور، والتي تخدم المصالح السياسية والاقتصادية الإسرائيلية، مضيفا أنه على الأخيرة مواصلة العمل على تطوير تعاونها مع اليونان وقبرص والسعي نحو توقيع اتفاق آخر بشأن حقول الغاز المشتركة مع قبرص، ما يعطي تل أبيب مساحة كبيرة للمناورة السياسية، وربما يفتح الباب أمام حوار إسرائيلي – تركي لمواجهة التوتر المتزايد بالمنطقة.

إسرائيل وتركيا بدورهما كانتا قد وقعتا على اتفاق المصالحة بالعاصمة الإيطالية روما، منتصف العام 2016، ومن بنوده الأهم التفاوض بين الطرفين مستقبلا على مد خط للغاز الطبيعي يربط بين حقول الغاز الإسرائيلية شرقي البحر المتوسط، بالتحديد حقل "ليفياثان"، وبين ميناء جيهان التركي، على أساس استفادة تركيا من مصدر جديد للطاقة عوضا عن المصدر الروسي، واستفادة إسرائيل من موقع تركيا منطلقا للسوق الأوروبية، وهو الأمر الذي أثار حفيظة الحكومة القبرصية وقتها، والتي أكدت ردا على هذا البند أن مد خط الغاز الإسرائيلي – التركي الذي سيمر عبر مياهها الإقليمية غير مرحب به.

تركيا تتطلع لحصة

صحيفة "يديعوت أحرونوت" قالت بدورها: إن الحديث يجري عن اتفاقية تاريخية وتحالف شرق أوسطي جديد، مرددة تصريحات رئيس الوزراء المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو الذي أكد على هذه النقاط، ومسلطة الضوء على موقف الخارجية التركية التي قالت: إن "أي مشروع يتجاوز تركيا بمنطقة المتوسط لن يكلل بالنجاح"، وإن توقيع قبرص واليونان وإسرائيل جاء "ضمن محاولة لاقصاء تركيا وشمال قبرص التركية".

وحسب الصحيفة، يمتد طول الخط المزمع 1900 كيلومتر، من بينها 550 كيلومترا على اليابسة و1350 كيلومترا في البحر المتوسط، من حقول الغاز الكامنة في المياه الإسرائيلية والقبرصية، وصولا إلى أوروبا، بما يتيح عملية ربط منطقة شرق المتوسط بالكامل بشبكة تصدير موحدة إلى أوروبا.

وأوضحت أن العديد من الخبراء في تل أبيب كانوا قد حذروا من أن تركيا ستعمل على منع هذا المشروع، ولن تسمح بمرور خط الغاز الطبيعي عبر اليونان وقبرص دون موافقتها، مدعومة بالاتفاق الموقع مع حكومة الوفاق في ليبيا، وهو الاتفاق الذي أشارت الصحيفة إلى أنه "وقع بشكل أحادي الجانب، دون مراعاة حقوق دول مثل اليونان وقبرص ومصر، ودون مراعاة حق إسرائيل في نقل الغاز إلى أوروبا".

وتريد أنقرة على ما يبدو فتح حوار مع تل أبيب بشأن فكرة نقل الغاز إلى أوروبا في المجمل، وكانت قد وجهت رسائل إليها بالفعل وخصتها بذلك دون غيرها من الدول ذات الصلة، وأكدت أنها منفتحة على الحوار بشأن الرغبة الإسرائيلية لتدشين خط أنابيب لنقل الغاز إلى أوروبا، ما يدل على أنها تعتمد على قاعدة اتفاق المصالحة لعام 2016، الذي شمل بندا للتفاوض بشأن نقل الغاز إلى أوروبا عبر ميناء جيهان التركي بدلا من المشروع الذي تم التوقيع عليه بين إسرائيل وقبرص واليونان، أمس الخميس.

تخفيف النزاعات

وأكد نمرود غورين، رئيس المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية "ميتافيم" ومقره مدينة "رامات غان" شرقي تل أبيب، أن السياسات الخارجية الإسرائيلية تولي اهتماما كبيرا بمنطقة شرق المتوسط، في وقت كانت تجد فيه صعوبة في الاندماج في هذا المحيط الشرق أوسطي، بيد أنها امتلكت علاقات جوار وسلام جيدة مع مصر، وعلاقات دبلوماسية مع تركيا رغم الصعوبات، فضلا عن تحالف عميق مع اليونان وقبرص.

ورأى غورين، وفق "القناة السابعة"، أن إسرائيل اتبعت الحذر في التعاطي مع الصراعات بالمنطقة وحرصت على تعزيز علاقاتها من منطلق حماية مصالحها، معتبرا أن هذا الإطار من السياسات يعني ضرورة الكف عن التعاطي مع الاتفاق على أنه موجه بالأساس ضد تركيا، لتجنب تعميق الخلافات ولتحقيق الغرض الأساسي من اتفاق نقل الغاز إلى أوروبا مضيفا: "يفضل أن تبدأ إسرائيل فورا في تنفيذ المشاريع القابلة للتنفيذ بالمنطقة وهي مشاريع تسهم بدورها في تخفيف حدة النزاعات".

إنجاز هائل

ووقعت قبرص واليونان وإسرائيل، أمس الخميس، في العاصمة اليونانية أثينا، على اتفاق خط الأنابيب المشار إليه، وبكلفة تقدر بقرابة 6 مليارات يورو، لكي تصبح هذه الدول عنصرا مهما في امدادات الطاقة إلى أوروبا، وهو اتفاق يحظى بدعم ومباركة أمريكية، في وقت تسعى فيه تركيا للعب دور في هذا القطاع، وتهدد بعدم نجاح أي مشروع يتجاهل ما تقول إنها حقوقها بمنطقة شرق المتوسط.

"القناة 20" العبرية، اعتبرت الاتفاقية إنجازا اقتصادية هائلا بالنسبة لإسرائيل، مقدرة أنها ستدر في النهاية بعوائد مالية ضخمة تقدر بمليارات الدولارات التي ستعزز الاقتصاد الإسرائيلي، وتحول الدولة العبرية إلى دولة مصدرة للغاز ولاعب في مجال الطاقة، هذا بخلاف كونها ستعزز شراكات إسرائيل مع دول الجوار، فضلا عن الأهمية الجيوسياسية لخط الغاز المزمع، وأخيرا خلق ثقل مضاد أمام ما تفترض القناة أنه "عداء تركي تجاه إسرائيل".

ونقلت "القناة 20" عن إيلي حازان، وهو مدير شعبة العلاقات الخارجية بحزب السلطة في إسرائيل، أن توقيع الاتفاقية ينفي ما يتردد بشأن عزلة إسرائيل السياسية، وينفي أن الوضع الاقتصادي الإسرائيلي تدهور، ومع أن حديثه كان يحمل طابعا حزبيا داخليا، لكنه رأى أن زعماء إسرائيل مثل بن غوريون واسحاق رابين لم يحلما حتى بتوقيع اتفاقية مماثلة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com