جانب من الفوضى في العاصمة الهايتية
جانب من الفوضى في العاصمة الهايتيةرويترز

صحيفة: لا شهية لواشنطن في إنقاذ هايتي من الانهيار

قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية إن هايتي تتأرجح مرة أخرى على شفا الانهيار، وإن واشنطن اليوم "لم تعد لديها الشهية ذاتها  للقيام بمهمة إنقاذ"، وذلك بعد مرور 30 عامًا على تدخل الولايات المتحدة لإعادة الرئيس جان برتران أريستيد الذي أطاحت به فوضى عمت البلاد.

وفي العام 1994، هبطت قوة متعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة قوامها نحو 25 ألف جندي في هايتي، مدعومة بدعم جوي وحاملتي طائرات لإعادة أريستيد إلى السلطة.

وحسب الصحيفة، فإن أجزاء كبيرة من البلاد باتت تخضع الآن لسيطرة عصابات مدججة بالسلاح، فيما تقطعت السبل برئيس وزرائها في بورتوريكو، حتى بات غير قادر على العودة بعد رحلة لتأمين قوات حفظ السلام في كينيا.

أخبار ذات صلة
"باربكيو".. من هو زعيم العصابة الذي يهدد الحكم في هايتي؟
"باربيكيو" أشهر زعيم عصابات في هايتي مسؤولة عن الفوضى في البلاد
"باربيكيو" أشهر زعيم عصابات في هايتي مسؤولة عن الفوضى في البلادرويترز

ويأتي هذا فيما لا تزال الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى تركز على الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط، على حد وصف الصحيفة.

وأشارت إلى أن "الولايات المتحدة نصحت مواطنيها بعدم الذهاب إلى هايتي بينما دعا رئيس وزراء الأخيرة أرييل هنري، إلى تعيين مجلس انتقالي لتمهيد الطريق لإجراء انتخابات جديدة والمساعدة في جلب قوات حفظ السلام الدولية.

ونقل التقرير عن  إدواردو غامارا، الأستاذ في جامعة فلوريدا الدولية قوله: "لقد انخرطت الولايات المتحدة في هايتي بالفعل طوال الجزء الأكبر من المائة عام الماضية أو نحو ذلك، ولم ينجح أي من هذه التدخلات" .

وأضاف غامارا: "أعتقد أن الإدارة الأميركية الحالية اتخذت موقفا مماثلا لموقف كل الإدارات الأخرى وهو أن هايتي ستظل دوما مشكلة بالنسبة لواشنطن".

وأشار إلى أن "الهايتيين لا يريدون من الأمريكيين أن ينخرطوا كثيرا في بلادهم التي بدأت تظهر فيها حالة من الإرهاق".

عنف يرافق مظاهرات مناهضة للحكومة في هايتي
عنف يرافق مظاهرات مناهضة للحكومة في هايتيأ ف ب
أخبار ذات صلة
فيما رئيس الوزراء متوارٍ عن الأنظار.. الحرب الأهلية تدق أبواب هايتي

وبينت أن "هايتي تعرضت مؤخراً لموجة من عمليات القتل، تعادل ثمانية أضعاف ما كانت عليه قبل عقد من الزمن".

و"ارتفعت عمليات الاختطاف بشكل كبير، بما في ذلك اختطاف المبشرين الأمريكيين، حيث أصبح أمراء الحرب يسيطرون الآن على حوالي 80% من العاصمة بورت أو برنس، مما زاد من تدفق طالبي اللجوء الذين يشقون طريقهم إلى الولايات المتحدة".

وقالت "وول ستريت جورنال" إن أكثر من 76 ألف هايتي قد وصلوا إلى الحدود الجنوبية للولايات المتحدة حتى سبتمبر من العام  2023، بزيادة قدرها حوالي 40% عن العام السابق، وفقًا لهيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية.

والأسبوع الماضي، قال زعماء العصابات في هايتي بقيادة جيمي "باربيكيو" شيريزر، إنهم يهدفون الآن إلى إطاحة رئيس الوزراء من السلطة، بعد إطلاق سراح آلاف السجناء من سجون البلاد محذرين من حرب أهلية في حال حاولت الحكومة استعادة السيطرة.

الفوضى في عاصمة هايتي
الفوضى في عاصمة هايتيأ ف ب
أخبار ذات صلة
وسط فوضى عارمة.. عصابات تقترب من السيطرة على هايتي

ونقلت الصحيفة عن  ستانيسلاس فوجيودزكي، المستشار الاقتصادي السابق لهايتي قوله إن "الوضع اليوم في هايتي أسوأ بكثير مما كان عليه قبل عشر سنوات".

وأضاف فوجيودزكي: "نمر بعملية  صوملة هايتي" في إشارة إلى ما يجري في الصومال.

 مأزق أمريكي 

ووفق التقرير فإنه مع تدهور الوضع على الأرض، فإن الولايات المتحدة باتت في مأزق حيال ذلك فهي لم تعد ترغب في التدخل بشكل مباشر هناك كما فعلت إدارة بيل كلينتون عام 1994.

وأضاف: "لكن يبدو أن محاولات واشنطن  لإيجاد حلول دبلوماسية بديلة تصل إلى طريق مسدود في الوقت الذي يهدد  فيه عدم القيام بأي شيء تجاه الأحداث في هايتي  بحدوث أزمة إنسانية كبرى على بعد مسافة رحلة قصيرة من ميامي".

وقال المستشار الاقتصادي السابق لهايتي فوجيودزكي: "لقد انتقلنا من 200 عام من مبدأ مونرو والتدخل الأخرق إلى القيادة من الخلف"، في إشارة إلى سياسة التدخل الأمريكي في منطقة البحر الكاريبي.

أخبار ذات صلة
عصابات هايتي تتسبب بتشريد أكثر من 15 ألف شخص (صور)
الآلاف من سكان هايتي فروا من منازلهم
الآلاف من سكان هايتي فروا من منازلهمرويترز

من جهتها، اعتبرت المديرة السابقة لشؤون أمريكا اللاتينية في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي آنا روزا كوينتانا لوفيت أن "الولايات المتحدة حاولت دفع دول مختلفة لقيادة قوة متعددة الجنسيات من كندا إلى دول في أمريكا اللاتينية وإفريقيا" لكنها أشارت أن "إدارة بايدن لم تظهر أن لديها خطة واضحة تجاه هايتي".

ودعا مساعد وزير الخارجية لشؤون نصف الكرة الغربي براين نيكولز،  يوم أمس الخميس، الدول الأخرى إلى تقديم الدعم لهايتي مشيرا إلى أن وزارة الدفاع الأمريكية تعهدت بمبلغ 100 مليون دولار وتوفير الجسور الجوية والاتصالات والدعم الطبي لهايتي.

أخبار ذات صلة
في محاولة للجم العنف.. هايتي تعلن حالة الطوارئ

وذكرت "وول ستريت جورنال" أن هايتي وهي واحدة من أفقر دول العالم، نادرا ما كانت على رأس أولويات السياسة الخارجية لواشنطن، على الرغم من أن الولايات المتحدة كانت دوما متورطة منذ فترة طويلة في البلاد.

 ونقلت الصحيفة ما قاله بايدن في عام 1994، عندما كان عضوًا في مجلس الشيوخ في لجنة العلاقات الخارجية عندما قال إن "التأثير المباشر لمشاكل هايتي على الولايات المتحدة يتمثل في  زيادة أعداد  المهاجرين الهايتيين وضرب سمعة أمريكا".

وقال بايدن حينها في برنامج "تشارلي روز" التلفزيوني: "إذا غرقت هايتي بهدوء في منطقة البحر الكاريبي، أو ارتفعت لمسافة تصل  300 قدم، فلن يهمنا ذلك الأمر كثيراً من حيث علاقته مع مصالحنا".

وأضاف: "أما إذا سمحت الولايات المتحدة بوجود حالة  فوضوية قريبة من شواطئنا فإن ذلك سيكون له آثار على قدرتنا على التوصل إلى إجماع حول قضايا أكثر أهمية في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية".

ولفتت الصحيفة إلى أن الانحدار الأخير في هايتي إلى الفوضى بدأ بعد اغتيال الرئيس الهايتي جوفينيل مويز عام 2021، مما مكّن هنري، رئيس الوزراء، من الاستيلاء على السلطة مع تعزيز العصابات قبضتها على البلاد.

فرار آلاف السجناء من السجن الوطني في العاصمة الهايتية
فرار آلاف السجناء من السجن الوطني في العاصمة الهايتيةرويترز

في المقابل، قال النائب السابق لرئيس البعثة الأمريكية إلى هايتي لويس مورينو: "يمكنك أن تفهم سبب تردد  الولايات المتحدة والمجتمع الدولي للانخراط في هايتي لأنه بدا وكأن القصة ذاتها تتكرر كل 10 سنوات".

واستطرد مورينو: هذه المرة "الأمور مختلفة" حيث العصابات الآن أفضل تسليحا، وأكثر تطورا، وأكثر وحشية مما كانت عليه في الماضي".

وأضاف أن ما زاد من تأجيج الوضع في هايتي هو إطلاق الولايات المتحدة سراح حتي فيليب المدان  بتبييض الأموال ولعب دورا رئيسيا في تمرد عام 2004 ضد الرئيس السابق جان برتران أريستيد، كما اتهم بتدبير هجمات على مراكز الشرطة وأهداف أخرى.

وقد عاد فيليب إلى هايتي وأصبح الآن نقطة محورية في الجهود المبذولة للإطاحة بحكومة هنري.

أخبار ذات صلة
عصابات "العيش سويا" تشعل النار.. ماذا يحدث في "هايتي"؟

ووصف مورينو، الذي خدم في السفارة الأمريكية في هايتي من عام 2001 إلى عام 2004، هذه الخطوة بأنها كانت "خطأ" مع الأخذ في الاعتبار الجرائم المزعومة الأخرى التي كان من الممكن أن يُتهم بها فيليب.

 وفي هذا الصدد يلقي العديد من الهايتيين ببعض اللوم على واشنطن والمجتمع الدولي عن الفوضى المتفاقمة في البلاد، بحسب "وول ستريت جورنال".

ونقلت عن الناشطة في مجال حقوق الإنسان، ماري روزي أوجست عبر الهاتف من بورت أو برنس إن "المجتمع الدولي يواصل العمل مع أولئك الذين يحكمون البلاد، والمتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان".

وتابعت أوجست: "نريدهم أن يتوقفوا عن دعم أرييل هنري وفريقه".

أما مونيك كليسكا، عضو مجموعة مونتانا، وهي مجموعة في هايتي تقدمت بمقترحات من شأنها أن تؤدي إلى انتخابات جديدة في البلاد إذا تم إقرارها إن "الكثير من هذه الفوضى من فعل الولايات المتحدة. فيما يستمر  التدخل في البلاد".

وأضافت كليسكا: "باعتبارنا هاييتيين، فإننا بالتأكيد نتحمل مسؤوليتنا تجاه قادتنا الفاسدين والمجرمين وغير الأكفاء ولكن هؤلاء القادة تم تشجيعهم وتمكينهم من قبل حكومة الولايات المتحدة".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com