"فورين بوليسي":قمة ترامب وأردوغان مخيبة للآمال
"فورين بوليسي":قمة ترامب وأردوغان مخيبة للآمال"فورين بوليسي":قمة ترامب وأردوغان مخيبة للآمال

"فورين بوليسي":قمة ترامب وأردوغان مخيبة للآمال

مضت أيام على استضافة الرئيس دونالد ترامب لنظيره التركي رجب طيب أردوغان، ولا تزال هناك تساؤلات حول سبب الاجتماع.

وبعد كل عمليات الترويج للاجتماع، بما في ذلك تصويتان غير متكافئين في مجلس النواب يدينان القتل الجماعي للأرمن في عام 1915، باعتباره إبادة جماعية، ويجيزان فرض عقوبات على أنقرة، بسبب غزوها لسوريا في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كان الاجتماع مخيبًا للآمال في نظر كل المعنيين.

ووفقًا لمقال رأي نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، للكاتب ستيفن كوك، كان كل شيء تقريبًا ناقشه ترامب وأردوغان في مؤتمرهما الصحافي المشترك بعد ظهر الأربعاء الماضي، ضمن فئة "التحديات المستمرة" أو "الطموحات المستقبلية".

وقال كوك إنه على الرغم من كون إبراز الزعيمين لعواطفهما على الملأ كافيًا لتشتيت الجمهور عن التدهور المستمر للعلاقات الأمريكية التركية مؤقتًا، إلا أن الأمر لم يستمر.

وأشار إلى أن هذا الاجتماع لم يكن يهدف لتقديم محتوى مهم، بل كان يتعلق بالسياسة، وعلى هذا المستوى، ربح الرجلان، ولكن بخلاف ذلك كانت النتائج ضئيلة للغاية بالنظر إلى التحديات التي يواجهانها.

انتصارات سياسية ملموسة

ومع ذلك، حقق الزعيمان بعض الانتصارات السياسية الملموسة، إذ أمن ترامب إطلاق سراح سركان جولغ، وهو عالم تركي أمريكي احتُجز في حملة القمع التي أعقبت محاولة الانقلاب في يوليو/ تموز 2016، والذي كان متهمًا بالعمل لصالح وكالة الاستخبارات الأمريكية.

وأوضح كوك أن هذه التهمة كانت ملفقة، وأن جولغ كان رهينة، وعلى الرغم من أن الرئيس استحق بعض الثناء لتأمينه الإفراج عن مواطن أمريكي آخر كما فعل مع أندرو برونسون، الذي احتجزته تركيا -أيضًا- في أعقاب الانقلاب الفاشل، إلا أن مديحه وامتنانه اللاحق لسجان جولغ قلل من إنجازه.

هذا ووقف أردوغان إلى جانب الرئيس الأمريكي في البيت الأبيض الذي كرر أقوال الحكومة التركية حول غزوها لسوريا، والتي تسميها أنقرة عملية "نبع السلام"، وأكد ترامب أن تركيا تحارب الإرهاب مثل الولايات المتحدة، وأن أنقرة قد حاربت داعش مباشرة.

وأشار كوك إلى أن هذا يتجاهل حقيقة أن أنقرة أخبرت الرئيس باراك أوباما في عام 2014 إنها لن تقاتل قوات أبو بكر البغدادي، لأن الإستراتيجية الأمريكية لم تتضمن تغيير النظام في سوريا، فضلًا عن حقيقة أن العناصر الرئيسة في العمليات العسكرية الأخيرة لتركيا، والتي يسميها الأتراك بالجيش الوطني السوري، تتألف من مجموعة متنوعة من الميليشيات، بما في ذلك جماعات متطرفة.

سوريا وإبادة الأرمن

وربما كان تأييد الولايات المتحدة الكامل لسياسة تركيا تجاه سوريا بحد ذاته يستحق زيارة أردوغان، ولكنه أمن -أيضًا- التزامًا من 5 أعضاء جمهوريين حضروا اجتماع الرئيس التركي وترامب في المكتب البيضاوي، بعدم الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن، وفي الليلة نفسها، احتج السيناتور ليندسي غراهام، والذي يتردد بين نقد ودعم تركيا، على إعادة النظر في التشريع.

وكانت قضيتا سوريا والإبادة الجماعية للأرمن مهمتين سياسيتين لأردوغان، ولكنه لم يستطع تحقيق أي تقدم في القضايا الأساسية التي تختلف عليها الولايات المتحدة وتركيا.

صواريخ S-400 الروسية

وشرح كوك أن الوفد التركي كان يأمل التوصل لحل لمشكلة عقوبات الكونغرس المقبلة على أنقرة، والمتعلقة بشراء تركيا لنظام الدفاع الجوي الروسي S-400، والذي بدأت تركيا تسلمه في الصيف الماضي.

وفي إشارة إلى أن البلدين لا يزالان على خلاف، وصف ترامب القضية بأنها "تحد خطير"، ولكنه أعرب عن التزام إدارته بمواصلة الحوار مع تركيا حول هذه القضية؛ ما قد يكون كافيًا لردع الكونغرس مؤقتًا.

إلا أن عدم حل مشكلة نظام S-400، من شأنه أن يمنع مشاركة تركيا في برنامج تطوير مقاتلات "F-35"، وهي قضية لا تقتصر تداعياتها على الجانب الأمني فقط بل تمثل مشكلة اقتصادية، إذ يصنع الأتراك مجموعة متنوعة من المكونات للطائرة، وكان من المفترض أن تكون تركيا أحد أبرز المشاركين في المشروع، ولكن باستثنائها من البرنامج ستخسر تركيا هذه المليارات.

فتح الله غولن

ثم هناك موضوع فتح الله غولن، إذ يقول كوك، إن اردوغان اعترف أنه لم يتمكن من إحراز أي تقدم بشأن تسليم رجل الدين المقيم في بنسلفانيا، والذي يتهمه بتدبير الانقلاب الفاشل في يوليو/ تموز 2016، والتي كانت قضية وحدت الأتراك من مختلف الأطياف السياسية، ولكن دون دليل على أنه كان مسؤولًا عن محاولة الإطاحة بأردوغان، من المرجح أن يظل غولن في مجمعه في منطقة جبال بوكونو ببنسلفانيا.

وأشار كوك إلى أنه في المؤتمر الصحافي، لم يرد ذِكر بنك "خلق"، وهو بنك تركي تسيطر عليه الدولة، وتم اتهامه أخيرًا في الولايات المتحدة لدوره في مساعدة إيران على تجنب العقوبات.

وقد سعى أردوغان في السابق إلى التخلص من هذه المشكلة، والتي يُعتقد أنها أكبر مخطط لتجاوز العقوبات على الإطلاق، نظرًا لكيفية تأثير الإجراءات القانونية والغرامات المحتملة بشكل سلبي على القطاع المصرفي التركي والاقتصاد على نطاق أوسع.

اتفاقية تجارة حرة

ورأى الكاتب أن التزام ترامب بالتفاوض على اتفاقية تجارة حرة بين البلدين، ربما أدى إلى تخفيف المخاوف الاقتصادية المرتبطة بالمشكلة القضائية، ولكن بينما قد يسعد أردوغان بحقيقة أن ترامب يبدو مهتمًا بمساعدة الاقتصاد التركي بدلًا من تدميره تمامًا كما هدد سابقًا، إلا أنه على الزعيم التركي إدراك أن الاتفاقيات التجارية تتم عبر الكونغرس، وهو مكان لا يحظى فيه أردوغان بشعبية على الإطلاق.

وأوضح كوك أن معظم الأمور لم تتغير، إذ تستمر قضايا غولن واستخدام نظام صواريخ S-400 وبرنامج تطوير مقاتلات F-35، في تقسيم البلدين، وموافقة ترامب على غزو تركيا لسوريا، وهذه أمور لم تتغير بالاجتماع.

إلا أن الوضع مختلف عندما يتعلق الأمر بالسياسة أو المظهر، ففي هذا الصدد تفوق أردوغان على ترامب. فكل ما حدث بما في ذلك الزيارة، ومدح ترامب للعلاقات الثنائية بين أنقرة وواشنطن، وتجنب البيت الأبيض معاقبة تركيا على غزو سوريا وغيرها من القضايا المتنوعة حاليًّا، أثار تساؤلات بين المحللين حول نفوذ الزعيم التركي الواضح على ترامب، فمن الواضح أن أردوغان يستفيد من السمعة التي اكتسبها فيما يخص قدرته على إقناع ترامب.

وهناك تكهنات بأن إظهار ترامب تقديره لأردوغان، يتعلق بمصالحه التجارية في تركيا، ويظن آخرون أن الرئيس الأمريكي أصبح مقتنعًا بأن تركيا قد تكون مفيدة ضد إيران.

وختم كوك مقاله بالإشارة إلى أن ترامب يشتهر بميله للزعماء الأقوياء، فترامب يواجه تحقيق مساءلة وإعادة الانتخابات، كما اعتمدت حملته الانتخابية على الخروج من الشرق الأوسط، وفي النهاية أدى غزو أردوغان لسوريا إلى إعفاء الولايات المتحدة من المسؤولية عن شمال شرق سوريا؛ ما يعد بمثابة انتصار سياسي لترامب، والذي صوّر أن العملية التركية العسكرية، ونقل القوات الأمريكية، كنهاية لما يسمى بـ "الحروب الأبدية"، وهي قضية تحظى بشعبية كبيرة تتجاوز مؤيدي ترامب الرئيسين. وهذا الأمر وحده يجعل استضافة أردوغان في البيت الأبيض تستحق العناء.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com