مع احتفال ألمانيا بالذكرى الثلاثين لسقوط جدار برلين.. جدران جديدة تشيّد حول العالم
مع احتفال ألمانيا بالذكرى الثلاثين لسقوط جدار برلين.. جدران جديدة تشيّد حول العالممع احتفال ألمانيا بالذكرى الثلاثين لسقوط جدار برلين.. جدران جديدة تشيّد حول العالم

مع احتفال ألمانيا بالذكرى الثلاثين لسقوط جدار برلين.. جدران جديدة تشيّد حول العالم

تحتفل ألمانيا، بدءًا من اليوم الإثنين، وعلى مدى أسبوع، بالذكرى الثلاثين لسقوط جدار برلين، غير أن رمز الانقسام الذي أُزيل قبل ثلاثة عقود، يعود مجددًا في مواقع أخرى من العالم، في مؤشر على أن ثقافة العزل والإبعاد والإقصاء قد تدوم طويلًا في ظل الصراعات العالمية المحتدمة.

ومن المنتظر أن تقام في سبعة مواقع مختلفة بمدينة برلين أنشطة احتفالية يصل عددها إلى نحو 200 فعالية تستعيد ذكرى سقوط الجدار الذي قسّم ألمانيا بين شرقية وغربية.

وتبدأ الاحتفالات في ميدان ألكسندربلاتس في العاصمة برلين، حيث تظاهر هناك قبل 30 عامًا في الرابع من تشرين الثاني نوفمبر العام  1989 مئات الآلاف من سكان شرق ألمانيا للمطالبة بحرية الرأي والديمقراطية.

ومن المقرر، إحياء ذكرى هذا اليوم التاريخي بعرض فني في نفس مكان الحدث، كما يعتزم البرلمان المحلي لولاية برلين إجراء نقاش حول تداعيات سقوط الجدار، ومن المنتظر أن تشارك في هذا النقاش المعارضة السابقة للنظام الشيوعي في ألمانيا الشرقية سابقًا، ماريانه بيرتلر، التي كانت ضمن المتحدثين خلال المظاهرات في ميدان ألكسندربلاتس.

وأمام بوابة براندنبورغ التاريخية، من المنتظر مشاهدة أحد الأعمال الفنية التركيبية، حيث سيُجرى عقد نحو 30 ألف ورقة تحوي رؤى أو أماني أو رسائل من أشخاص على هيئة سحابة ترمز إلى الحرية على امتداد 150 مترًا.

وستعقد كذلك، حلقات قراءة وعروض موسيقية وحوارات مع شهود على العصر ونصب تركيبات فنية وإقامة معارض وأجنحة لتقديم المعلومات وعرض أفلام في الأماكن التي شهدت الثورة السلمية في برلين.

كما يعتزم الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل حضور مراسم الاحتفال الرئيسية يوم السبت المقبل، التي ستقام عند النصب التذكاري لجدار برلين في شارع بيرناو، وسيقام أمام بوابة براندنبورغ في نفس اليوم عرض مسرحي كبير، ويلقي الرئيس الألماني على منصة العرض خطابًا أمام الجمهور.

معطيات عن جدار برلين

وتم البدء ببناء جدار برلين اعتبارًا من 13 آب أغسطس 1961 لوقف هجرة الألمان من الشرق إلى الغرب بعد أن تدفق ثلاثة ملايين شخص بين عامي 1945 و1961، وامتد الجدار على مسافة 155 كلم:43 كلم قطعت برلين من الشمال إلى الجنوب، في حين عزلت 122 كلم برلين الغربية عن باقي جمهورية ألمانية الديموقراطية.

وكان الجدار في قسم كبير منه مكونًا من كتل من الإسمنت المسلح ارتفاعها 3,6 أمتار تم تحصينها لثني أي محاولة لتسلقه.

وفي الجانب الشرقي؛ كانت هناك منطقة فاصلة تخضع لحراسة مشددة على امتداد الجدار أطلق عليها اسم "شريط الموت"، كانت تمنع سكان برلين الشرقية من الاقتراب من الحدود.

وسمحت أبراج المراقبة الـ 302 والتحصينات الـ20 لأكثر من 7 آلاف جندي بتولي الحراسة. وليلًا جعلت إضاءة الشوارع كل 30 مترًا  من الجدار المكان الأكثر إضاءة في المدينة في تناقض تام مع الظلمة التي غرقت فيها برلين الشرقية.

ولتحصين الجدار بشكل أفضل، نشرت أنظمة إنذار وأسلاك شائكة وحراسًا وآلية إطلاق نار أوتوماتيكية وحفرت خنادق، وكانت المنطقة الفاصلة التي حظرت حتى على العسكريين، تسمح باقتفاء أي أثر لخطى.

وكان على طول الجدار سبع نقاط عبور رسمية، أشهرها نقطة تفتيش تشارلي الواقعة بين حيي كروزبرغ غربًا وميت شرقًا، وشهدت هذه النقطة في تشرين الأول/أكتوبر 1961 مواجهة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي : تواجه جنود ودبابات من الجانبين لساعات بعد خلاف حول حرية تنقل الدبلوماسي الأمريكي "آلان لايتنر".

طرق الفرار

وبعد عام أصبح عامل البناء من ألمانيا الشرقية بيتر فيشتر (18 عامًا)، أحد أول ضحايا الجدار الذي قتله الحراس وهو يحاول تسلقه قرب نقطة تشارلي وتركوه ينازع في المنطقة الفاصلة.

وخلال 28 سنة تضاعفت محاولات الفرار إلى الغرب التي غالبًا ما أدت إلى الموت، وبحسب النصب التذكاري لجدار برلين قتل أكثر من مئة شخص بين 1961 و1989.

وعملية الفرار الأكبر كانت عبر "نفق 57" وأطلقت عليها هذه التسمية لأنها سمحت في تشرين الأول/أكتوبر 1964 لـ 57 شخصًا بالفرار إلى الغرب، وكان طلاب من الغرب حفروا نفقًا بطول 140 مترًا من قبو مخبز مهجور.

ومن بين عمليات الفرار الشهيرة، انتقال أسرة من أربعة أشخاص في آب/أغسطس 1988 إلى برلين في طائرة صغيرة تستخدم لرش الأراضي الزراعية.

سقط جدار.. وشُيّدت أخرى

ورغم أن سقوط جدار برلين اعتبر لحظة تاريخية أنهت حقبة الانكماش والعزلة بين الشعوب، وعبرت عن الانفتاح والتسامح، غير أنه وبعد مرور ثلاثين عامًا على تلك الذكرى، ارتفعت جدران جديدة في مواقع أخرى من العالم، وهو ما أشار إليه معهد "ترانسناشنال" الدولي للفكر التقدمي ومقره مدينة أمستردام الهولندية.

ويقول المعهد، إن جدار برلين الذي  كان آخر جدار جسّد بسقوطه أمل الكثيرين في أن يبدأ عهد جديد للتعاون والانفتاح العابر للحدود، إلا أن جدرانًا أخرى يتواصل تشييدها في مختلف أنحاء العالم، الذي يواجه مشاكل الأمن الدولي بجدران وعسكرة وانعزال.

ويؤكد المعهد، أن "الدول الأعضاء في الاتحاد الاوروبي وفي فضاء شنغن شيدت منذ تسعينات القرن الماضي نحو ألف كلم من الجدران، أي ست مرات طول جدار برلين، وذلك بهدف منع دخول نازحين".

ويبدو أن موجة التفاؤل كانت قصيرة الأمد، فالجدران ما زالت قائمة وتتكاثر، إذ تشير التقديرات إلى أن نحو 75 جدارًا تم بناؤه، منذ سقوط جدار برلين في عام 1989، وإذا جُمع طول هذه الجدران "فإنها ستمتد على نحو 40 ألف كلم" أي محيط الكرة الأرضية.

وتُبنى الجدران في محاولة التصدي للهجرة غير الشرعية أو الإرهاب أو الفقر، فالجدران تمثل حلًا سريعًا يمكن لحكومة شعبوية أن توظفه.

وبنت أسرائيل جدرانًا مع الضفة الغربية المحتلة، كما شيّدت الولايات المتحدة جدارًا على حدودها الجنوبية مع المكسيك، في حين شيدت تركيا جدرانًا على بعض أجزاء حدودها الجنوبية مع سوريا، كما شيدت جدران في القارة الآسيوية، حول الصين والهند وكوريا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com