فكر داعش يسيطر على مخيم الهول السوري والغزو التركي يفاقم الكارثة
فكر داعش يسيطر على مخيم الهول السوري والغزو التركي يفاقم الكارثةفكر داعش يسيطر على مخيم الهول السوري والغزو التركي يفاقم الكارثة

فكر داعش يسيطر على مخيم الهول السوري والغزو التركي يفاقم الكارثة

يخفي هدوء مخيم الهول في فترة ما بعد الظهر الكثير من المشاكل الكامنة تحت السطح، حيث ينمو تمرد خطير في مبنى ملحق بالمخيم المخصص لحوالي 10 آلاف زوجة أجنبية وأطفال مقاتلي داعش من جميع أنحاء العالم.

خلال الأشهر القليلة الماضية، أقام المحتجزون الموالون لداعش محاكم شرعية في المعسكر، وكانت هناك سلسلة من عمليات القتل التي تستهدف من لا يلتزمون بالقوانين التي تحددها تلك المحاكم، كما يشير تقرير صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، إلى اندلاع أعمال الشغب وتعرض الحراس للهجوم بالسكاكين.

بعد حوالي 9 أشهر من سقوط "خلافة داعش" المزعومة، تعتقد سلطات المعسكر أن دولة الإرهاب لا تزال تعيش في هذه المستوطنة القاحلة بسهول شمال شرق سوريا.

100 محاولة هروب

أتت النساء المحتجزات في مخيم الهول من أكثر من 50 دولة للانضمام إلى داعش، ومعظم تلك الدول، بما فيها بريطانيا، ترفض إعادة توطينهن؛ بسبب المخاوف الأمنية.

وتشير التقارير إلى أن قدرة سلطات المخيم على احتواء الآلاف من أعضاء داعش المتطرفين تتضاءل، إذ يقول الحراس إنهم أحبطوا أكثر من مائة محاولة للهروب في الأشهر الأخيرة، كما عثروا على نفق داخل إحدى الخيام، يمتد نحو سياج المعسكر، كما تمكن البعض من الفرار من المخيم قبل إعادة القبض عليهم.

ومع ذلك، أصبح من المعروف أن الحراس لا يستطيعون وقف جميع محاولات الهروب، كما بات الجميع يعلم أن هناك طرقًا للخروج من مخيم الهول.

تهريب مقابل 15 ألف دولار

وقالت "أم عبدالله"، وهي معتقلة تبلغ من العمر 37 عامًا من السودان: "نرى عمليات الهرب تحدث دائمًا، والكل يعلم أنها ممكنة، فمن الشائع أن تختفي مجموعة، قبل أن يُكتشف أنها غادرت، ثم تختفي مجموعة أخرى، حظًا سعيدًا لهم".

ويُعتقد أن عمليات الهروب تتم بمساعدة مهربين يعملون لصالح داعش، إذ أعلن التنظيم عن عزمه "تحرير نساء الهول"، ووفقًا لأم عبدالله، يتقاضى المهربون ما يصل إلى 15 ألف دولار مقابل عمليات التهريب.

ومن جانبها، تناشد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والتي تحرس المخيم، المجتمع الدولي طلبًا للمساعدة في المهمة الضخمة المتمثلة في احتجاز هذا العدد من المتعاطفين مع داعش، وأصبحت هذه المهمة أكثر صعوبة في الأشهر الأخيرة؛ بسبب معركة تجري في الشمال.

وبدأ الجيش التركي عملياته العسكرية مع تحالف من جماعات المتمردين السوريين لتكوين "منطقة آمنة" على طول الحدود، خالية من وجود قوات سوريا الديمقراطية، التي تعتبرها جماعة إرهابية؛ بسبب صلاتها بالانفصاليين الأكراد داخل تركيا.

وتقول قوات سوريا الديمقراطية، إنها اضطرت إلى إرسال نصف حراسها لمحاربة الغزو التركي؛ ما أضعف قبضتها على المحتجزين في المعسكر، ولا يعرف الحراس بالضبط عدد الأشخاص الذين فروا، لكنهم يعلمون أن ذلك يحدث.

أمل الداعشيات بالغزو التركي

وتقول أيلول رزجار، إحدى حراس المعسكر والبالغة من العمر 30 عامًا: "لقد أعطى هجوم تركيا المحتجزين الأمل، لقد تصاعدت الهجمات وأُحرقت الخيام وحدثت أعمال شغب، لقد حاولوا قتل الحراس عدة مرات".

وكانت أيلول، التي كانت من المحاربين القدامى في الحرب ضد داعش وعضوة في ميليشيا النساء الكرديات، أحد أهداف هذه الهجمات.

وقالت: "لقد وردتنا معلومات تفيد بأن امرأة تونسية كانت على اتصال مع داعش، وعندما فتشنا خيمتها وجدنا خريطة كاملة للمخيم، ولكنها أنكرت كل شيء. وعندما كنت وحدي في الغرفة، معها وامرأة أخرى، هاجمتاني، وكنت أحاول إبعاد سلاحي حتى لا تتمكنا من استخدامه. وهذه الهجمات تحدث كثيرًا الآن".

وأشارت إلى أن نقص الموارد سمح بتطور الخلايا الإرهابية النائمة داخل المخيم، وأوضحت: "إنهن يحفرن الأنفاق، وبالفعل عثرنا على نفق أسفل إحدى الخيام، وعلى الرغم من قصر طوله إلا أنه كان عميقًا وكان يتجه نحو السياج، نحن نشهد (خلافة) صغيرة هنا".

وكما هو الحال في "خلافة داعش"، تم تعيين بعض المحتجزات في المخيم كشرطة أخلاقية لتطبيق الشريعة، وقتلن بعض المحتجزات الأخريات بطريقة وحشية. وتقول سلطات المعسكر إن 9 عمليات قتل قد وقعت في الأشهر الأخيرة.

وكان من بين الضحايا فتاة أذرية (14 عامًا)، والتي خُنقت حتى الموت؛ لعدم ارتداء النقاب، كما تعرض الشاب السوري عبدالله أحمد للطعن حتى الموت؛ بسبب تعاونه مع الحرس الكردي.

18 امرأة بريطانية

ويحتوي المخيم على 18 امرأة بريطانية على الأقل، وأطفالهن. ويقول المسؤولون البريطانيون إن نساء داعش، يشكلن تهديدًا مماثلًا لمسلحي المجموعة الرجال، كما يقلقون من أن المحاكم البريطانية ستواجه صعوبة في إدانتهن؛ بسبب عدم وجود أدلة على جرائم محددة، ونتيجة لذلك، كانت الدول الأوروبية، وخاصة المملكة المتحدة، مترددة في إعادة توطينهن.

ولذلك، يبدو أن المسؤولين سعداء بتركهن في هذا المخيم، وهو قرار يقول الكثيرون إنه سيشجع التطرف.

وفي مقابلة مع الإندبندنت، في وقت سابق من العام الجاري، وصف الجنرال أليكوس غرينكويش، نائب قائد التحالف الدولي لمحاربة داعش، انتشار التطرف في معسكرات الاحتجاز، بأنها "أكبر خطر استراتيجي طويل الأجل"، في الحرب ضد داعش، إلى جانب العمليات العسكرية الجارية.

وقال الجنرال: "يمكنك رؤية الجيل القادم من داعش في تلك المعسكرات اليوم، إنها مشكلة هائلة".

وتقول إليزابيث تسوركوف، وهي زميلة في معهد أبحاث السياسة الخارجية التي أجرت أبحاثًا مكثفة داخل المخيم، إن موجة الحوادث الأمنية في الأشهر الأخيرة ترجع جزئيًا إلى خوف النساء من عودة سيطرة الحكومة السورية على المنطقة، وعلى الرغم من أن هذا الخوف قد خفت حدته في الأسابيع الأخيرة، إلا أن هناك تداعيات طويلة الأجل لترك القلق ينمو بين سكان المخيم.

وشرحت: "الحفاظ على الوضع الراهن مكلف، وحلول فصل الشتاء سيجعل الظروف أشد قسوة في المخيم، كما أن انسحاب بعض المنظمات الإنسانية من المخيم ساهم في تدهور الخدمات. فكلما طالت فترة بقاء العائلات في المخيم، تربى الأطفال في بيئة تشجع على التطرف، بعيدًا عن الدعم اللازم لصحتهم العقلية، ولذلك سيكون من الصعب عكس الضرر الذي يلحق بنفسياتهم".

وفاة نحو 400 طفل

ويعتبر القسم الأجنبي مجرد جزء من معسكر النزوح العملاق، إذ يسكن المخيم أكثر الدواعش تطرفًا، أولئك الذين ظلوا متمسكين بآخر معاقل "الخلافة" حتى انهارت في قرية باغوز السورية.

وكان العديد من الذين تم اعتقالهم أثناء مغادرتهم من القرية، من السكان المحليين الذين حوصروا داخل مناطق داعش بسبب المعركة، لكن الغالبية كانوا من زوجات وأفراد أسر المقاتلين، الذين لا يزالون يدعمون الجماعة المتطرفة.

وفرت هذه المجموعة من الباغوز، وهم في حالة صحية رهيبة، بعد أشهر من الحصار، والحرمان من الطعام، ومات ما يقرب من 400 طفل في طريقهم إلى مخيم الهول، أو بعد فترة وجيزة من وصولهم؛ من أمراض كان من الممكن الوقاية منها.

ومعظم هؤلاء الناجين محتجزون الآن في معسكرات الاعتقال، والتي يعتبر الهول أكبرها، حيث يبلغ عدد سكانه أكثر من 70 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال من سوريا والعراق، كما يضم هذا الملحق الأجنبي بالمخيم 10 آلاف مواطن أجنبي.

ويعتبر نصف سكان المخيم من الأطفال تحت سن الـ 12 عامًا، والذين تعرضوا لسنوات من التلقين والتشجيع على التطرف في عهد داعش، والذي قد يستمر حتى يومنا هذا في المخيمات.

وأثناء التجول في المخيم، يلاحظ أنه من الصعب تحديد مدى انتشار الأيديولوجية المتطرفة، فمعظم النساء يبتعدن بسرعة عن المراسلين عند الاقتراب منهن، ويلقي الأطفال الحجارة على الزوار الأجانب ويصرخون بشعارات داعش، بينما يظل معظمهم بعيدًا عن الأنظار.

وأولئك الذين يتحدثون، وهم يمثلون المعتدلين بين سكان المخيم، نادرًا ما يظهرون أي ندم على الجرائم التي ارتكبتها المجموعة التي انضموا إليها.

غسل أدمغة

وقالت "أم رماسة" (25 عامًا) من المغرب: "أود أن أعود مرة أخرى، لقد جئنا إلى هنا لأننا أردنا الشريعة وحكم الله، أريد أن أعيش في ظل الشريعة الإسلامية، لم يكن لدي أي علاقة بالقتال، لكن زوجي كان مقاتلًا".

وأضافت: "أنا أعلم أن داعش اضطهد بعض الناس، وحتى شعبه، فنحن نعلم أنهم قطعوا رؤوس الجواسيس، ولكن هؤلاء الجواسيس تسببوا في الكثير من المشاكل في داعش".

وعلقت جيسيكا، التي أتت من دولة ترينيداد وتوباغو في الكاريبي، مع زوجها، وتعيش الآن في المخيم مع أطفالها الـ 3: "أتيت باحثة عن شيء مختلف، أردت أن أبتعد عن العري والجنون وكل الأشياء الأخرى التي اعتدنا عليها.. أنا لست نادمة على ما فعلته".

العودة إلى الوطن

ومثل العديد من الآخرين الذين انتهى بهم الأمر في المخيم، تريد جيسيكا العودة إلى الوطن مع أطفالها، مشيرة إلى أنه ليس جميع من في المخيم ينتظرون عودة داعش.

وشرحت: "هناك أشخاص متطرفون للغاية في المخيم، ولكن هذا ينطبق على البعض فقط وليس الكل، فكل شخص لديه نواياه الخاصة، ولكن كيف تجعل العالم يفهم ذلك؟ إنهم ينظرون إلينا وكأننا مجانين، وهذا أمر مفهوم".

ولا تعتبر جيسيكا الوحيدة التي تتوق لمغادرة المعسكر، إذ أعربت "أيلول" حارسة المعسكر، عن رغبتها في الانضمام إلى رفاقها في الحرب ضد تركيا.

وأوضحت: "ليس من واجبنا حماية الأجانب، لا أحد يريد احتجاز الإرهابيين، لكن ينبغي على الدول أن تأتي وتأخذ مواطنيها، فنحن نعاني بسببهم، فمن الأفضل لي حماية شعبي على خط المواجهة، بدلًا من حماية هؤلاء الناس".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com