هل تؤدي "صفقة القرن" إلى انقسامات "حقيقية" في صفوف اليهود الأمريكيين؟
هل تؤدي "صفقة القرن" إلى انقسامات "حقيقية" في صفوف اليهود الأمريكيين؟هل تؤدي "صفقة القرن" إلى انقسامات "حقيقية" في صفوف اليهود الأمريكيين؟

هل تؤدي "صفقة القرن" إلى انقسامات "حقيقية" في صفوف اليهود الأمريكيين؟

شهدت الأيام الأخيرة، حالة من الزخم بين الأوساط اليهودية الأمريكية بشأن خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية، استنادا لخطة السلام الأمريكية المعروفة بـ "صفقة القرن"، والتي يبدو أنها تواجه صعوبات جوهرية على أصعدة شتى.

وذكرت صحيفة "ماكور ريشون" الإسرائيلية، اليوم الأربعاء، أن المنظمات اليهودية الأمريكية تشهد حراكا ملحوظا في هذه الأثناء، ومع اقتراب موعد تنفيذ الخطة مطلع الشهر المقبل.

ولفتت إلى أن غالبية اليهود الأمريكيين، بنسبة 70%، يعتبرون أنفسهم من ناخبي الحزب الديمقراطي، وهو الحزب الذي أبدى معارضة كبيرة لخطة السلام الأمريكية، والتي يرى البعض أنها من بنات أفكار مستشار الرئيس الأمريكي وصهره غاريد كوشنير.

وأشارت إلى أن العديد من الحملات بدأت ترى النور مؤخرا، كما بدأت منظمات يهودية كبرى تبدي موقفها بشأن خطة الضم، ومن ذلك لجنة الشؤون العامة الأمريكية – الإسرائيلية (أيباك)، والتي أعلنت مؤخرا أنها "لا تؤيد ولا تعارض تطبيق السيادة على أجزاء من الضفة الغربية".



وبحسب مصادر على صلة بالملف، يأتي هذا الموقف في وقت وجهت فيه تلك المنظمة اليهودية، رسائل من وراء الكواليس إلى عدد من المشرعين الأمريكيين، تحثهم على "عدم انتقاد (أيباك) علنا لو أعلنت رفض المخطط"، مؤكدة أن المنظمة في الوقت نفسه ستحافظ على موقفها المؤيد لاستمرار المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل.

رفض وتحفظ

ونشرت هذه الرواية للمرة الأولى عبر وكالة الأنباء اليهودية الدولية (JTA) ومقرها نيويورك، والتي تحدثت عن موقف "أيباك" المشار إليه، ما دفع هذه المنظمة إلى اصدار بيان على لسان المتحدث الرسمي آدم هاريس، جاء فيه أن لجنة الشؤون العامة الأمريكية – الإسرائيلية "لا تشجع أعضاء الكونغرس على انتقاد حكومة إسرائيل، إن دورنا هو تعزيز منظومة العلاقات بين البلدين الحليفين".

وتدير منظمات يهودية في المقابل، حملات علنية ضد خطة الضم، ومن ذلك منظمة "جي ستريت" الليبرالية، والتي تضع ضمن أولوياتها حث الإدارة الأمريكية على انهاء الصراع العربي الإسرائيلي، وحل القضية الفلسطينية بطرق سلمية ودبلوماسية.



وأعربت "الحركة الإصلاحية اليهودية" في الولايات المتحدة الأمريكية أيضا عن رفض المخطط، فيما لم تعلن منظمات كبرى مثل "أيباك" كما ورد أنفا، ومعها منظمة "الكونغرس اليهودي الأمريكي" وغيرها، موقفا محددا - مع أو ضد - لكن المصادر التي تحدثت للصحيفة أكدت لها أن "صمت هذه المنظمات يخفي رغبة دفينة في عدم تنفيذ المخطط".

الصهيونية تدعم

وعلى النقيض، تدير منظمات يهودية أمريكية أخرى حملات لدعم مخطط ضم قرابة 30% من أراضي الضفة الغربية المحتلة، ومنها المنظمة الصهيونية الأمريكية (ZOA)، والتي مولت حملة لافتات داخل مدينة القدس المحتلة تعرب عن دعمها لمخطط نتنياهو.

وتعد تلك هي المرة الأولى التي تكشف فيها وسائل إعلام عبرية مصدر تمويل الحملة التي قيل إن حركة "ريغافيم" الإسرائيلية اليمينة المتطرفة دشنتها، الأحد الماضي، لمؤازرة نتنياهو للمضي في تطبيق مخطط شرعنة احتلال أجزاء كبيرة من الضفة الغربية.

وتأسست حركة "ريغافيم" العام 2006 وتستهدف ترجمة الفكر الصهيوني والطابع اليهودي إلى واقع عملي فيما يتعلق بالأراضي التي تحتلها إسرائيل، وتراقب أنشطة البناء العربية بالضفة الغربية المحتلة، كما وتحصل على تمويل ضخم من المجالس الاستيطانية بالضفة، فيما كشفت الصحيفة أن المنظمة الصهيونية الأمريكية مولت حملتها الأخيرة، والتي تشمل تعليق ملصقات على الحافلات العامة، ولافتات كبرى على العديد من البنايات والميادين في أنحاء إسرائيل.

ونقلت صحيفة "ماكور ريشون" عن دان إيلوز، مندوب المنظمة الصهيونية الأمريكية (ZOA) في إسرائيل، أن المنظمة "تستهدف تشجيع نتنياهو من خلال التأكيد بأن اسمه قد يصبح ضمن سلسلة من الأسماء التاريخية التي ترسخت مواقفها في التاريخ الصهيوني، وأنه لو نفذ الضم سيدخل التاريخ"، على حد زعمه.



وبين ممثل المنظمة الصهيونية الأمريكية أن سبب تدشين الحملة هو "قيام عدد من المنظمات اليسارية الأمريكية بحراك للترويج إلى أن تطبيق السيادة بالضفة سيؤدي إلى أزمة دبلوماسية، وأزمة في العلاقات بين إسرائيل ويهود الشتات"، مضيفا "أننا أمام منظمات اعتادت انتقاد إسرائيل، مثل (جي ستريت) التي حذرت من أن الضم يمثل خطا أحمر، فضلا عن منظمات أخرى مثل (أيباك) التي يشوب موقفها الغموض".

 دعوات لا تتوقف

الصحيفة تحدثت أيضا مع عوديد رفيف، رئيس المجلس الاستيطاني "إفرات"، والذي وصفته بـ "وزير خارجية" المجالس الاستيطانية، كونه حلقة وصل مع المنظمات اليهودية بالخارج. المسؤول الإسرائيلي أكد لها أنه توقع مقدما معارضة المنظمات اليهودية الأمريكية.

وكشف رفيف إنه تلقى خلال الأيام الخمسة الماضية فقط عددا لا نهائيا من الدعوات من قبل منظمات يهودية في الولايات المتحدة وكندا، تدعوه للمشاركة في فاعليات عبر الإنترنت، لتفسير مسألة تطبيق السيادة.



وأضاف"لقد أجريت استشارات ومحادثات مع كبار المسؤولين بالمنظمات اليهودية الذين يتطلعون للاستماع إلى موقفي".

وأشار إلى أن منظمة "أيباك" فقط "هي التي تركت المجال لحرية التصويت على الخطوة بين أعضائها، بالرفض أو الموافقة، لكن باقي المنظمات اليهودية أكدت على رفضها، حتى ولو بصوت خافت".

نقطة اللاعودة

وتعتقد المنظمات اليهودية الرافضة والمتحفظة، أن "تطبيق السيادة" على الضفة يمثل "نقطة اللا عودة" في العلاقات بينهم وبين إسرائيل، وتقول الصحيفة إن وثيقة صادرة عن مركز دراسات تابع لمنظمة "جي ستريت"، أشارت على أن "الانطباع السائد هو أن الضم سينزع عن إسرائيل لباس الدولة اليهودية الديمقراطية التي تتطلع للسلام".

وترى الوثيقة أن "نقطة اللا عودة" تلك بشأن العلاقات مع إسرائيل هي العنوان السائد حاليا في لغة الخطاب والوعي الجمعي ليهود الولايات المتحدة الأمريكية، ومن شأنها أن تسفر عن "شرخ عميق يصعب إصلاحه" سيمس بقسوة بقدرات إسرائيل على مواجهة الحملات التي تدعو لسلب الشرعية عنها حول العالم".

ويسود انطباع بين اليهود الأمريكيين، الذين تجاوز عددهم خمسة ملايين نسمة، أن هناك أزمة عميقة في علاقاتهم بإسرائيل كما تتزايد الفجوة بين ملايين اليهود الأمريكيين وبين إسرائيل، للحد الذي وصل بالكثير منهم إلى انكار صلته بالدولة العبرية.

أسباب الفجوة

وتتعدد أسباب هذه الفجوة، منها ما يتعلق بالدين، وشعور اليهود الإصلاحيين والليبراليين بالولايات المتحدة الأمريكية، أن حكومة إسرائيل تميز بينهم وبين الأصوليين المتشددين دينيا في إسرائيل، وتمرر أجندة الحريديم على حساب رؤيتهم، وهو الملف الذي طغى على السطح في السنوات القليلة الماضية، إبان صدور قانون التهويد وأزمة "حائط البراق الشريف" المحتل، المتعلقة بمنع الصلاة المختلطة التي تجمع الرجال بالنساء.

وثمة أوجه اختلاف أخرى، ظهرت خلال الهجوم الذي شنه رئيس منظومة "الكونغرس اليهودي العالمي"، وهي منظمة يهودية جامعة كبرى، تتشكل من العديد من المنظمات والجمعيات اليهودية حول العالم.



وقد شن رئيس هذه المنظمة رجل الأعمال الأمريكي رونالد لاودر، في آذار مارس 2018 عبر صحيفة "نيويورك تايمز"، هجوما حادا ضد الحكومة الإسرائيلية ونتنياهو، إذ اتهمها بالسعي لنسف مفهوم الدولة الديمقراطية، من خلال مساعيها لترسيخ فكرة التحول إلى دولة يهودية، وتنصلها من حل الدولتين.

وحذرت تقارير إسرائيلية في الأعوام الأخيرة أيضا من أن يهود أمريكا، يفقدون ارتباطهم بإسرائيل بشكل تدريجي؛ لأن أبناء الجيل الجديد الذين نشأوا في أسرة تضم أبا أو أما غير يهودية، لا يتم تسجيلهم في الإحصائيات الإسرائيلية كيهود، وأن إسرائيل لا تمتلك بذلك خطة لمواجهة ما اعتبرته "شبحا ديموغرافيا" مرتقبا خلال العقود المقبلة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com