مع غياب قاعدة "الإجماع".. إسرائيل تنسف صفقة ترامب وتشرعن احتلال الضفة الغربية
مع غياب قاعدة "الإجماع".. إسرائيل تنسف صفقة ترامب وتشرعن احتلال الضفة الغربيةمع غياب قاعدة "الإجماع".. إسرائيل تنسف صفقة ترامب وتشرعن احتلال الضفة الغربية

مع غياب قاعدة "الإجماع".. إسرائيل تنسف صفقة ترامب وتشرعن احتلال الضفة الغربية

يطرح موقف وزراء ونواب "أزرق أبيض"، الشريك الائتلافي لحزب "الليكود"، والذي يتراوح بين الرفض والتحفظ على المخطط المزمع لشرعنة احتلال أجزاء كبيرة من الضفة الغربية، استنادا إلى خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "صفقة القرن"، أسئلة بشأن تمسك الأخير بخطته، بعد أن أفرغتها إسرائيل من مضمونها بندا تلو الآخر.

وفقدت الصفقة الأمريكية قاعدة "الإجماع" السياسي والشعبي والبرلماني الإسرائيلي، تماما مثلما أفرغتها دولة الاحتلال من شرط إقامة دولة فلسطينية أو إجراء مفاوضات مع السلطة، وكذا شرط عدم تنفيذ خطوات أحادية الجانب بالضفة الغربية.

وبُنيت لغة الخطاب التي اتبعتها الإدارة الأمريكية، وفق غالبية التقارير، على محورين، الأول لم يعد مطروحا حاليا من النواحي العملية، ويتعلق بضرورة إجراء مفاوضات مع السلطة الفلسطينية، وعدم تنفيذ المخطط بشكل أحادي الجانب.



وارتكز المحور الأمريكي الثاني على قاعدة أن يكون تنفيذ مخطط الضم تحت غطاء من الاجماع البرلماني والشعبي والسياسي الكبير في إسرائيل، والذي لا لبس فيه، ومن الواضح أن الهدف من هذا الطرح هو تسهيل مهمة الإدارة الأمريكية حين تشرعن الضم أو تعرقل أي مشروع قرار ضده في مجلس الأمن الدولي.

وشهدت الأيام القليلة الماضية ترويجا إعلامية إسرائيليا لرواية ثابتة، حول موقف غامض يتبناه كل من زعيم "أزرق أبيض"، وزير الدفاع بحكومة الاحتلال بيني غانتس، والرجل الثاني بالحزب، وزير الخارجية غابي أشكنازي، بشأن المخطط، للحد الذي دفع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للدخول معهما في تراشق إعلامي علني، بيد أن الثابت هو أن الأخير يؤكد أن شيئا لن يمنعه عن إعلان تطبيق السيادة.

موقف غامض

صحيفة "يديعوت أحرونوت" رصدت عبر موقعها الإلكتروني، الثلاثاء، الموقف داخل "أزرق أبيض"، والذي ينبغي أن يتسق في هذه الحالة مع موقف "الليكود"، تلبية لمتطلبات النهج الأمريكي المتبع في هذا الملف، لكنها قالت إن عددا من وزراء "أزرق أبيض" أكدوا لها أنهم "يعتزمون معارضة الضم أحادي الجانب طالما لم يتم تنسيقه مع الولايات المتحدة الأمريكية والأردن".

وأشارت الصحيفة إلى غموض موقف كل من غانتس وأشكنازي، ورجحت أن الغموض ينبع من رفض المخطط طالما سينفذ بشكل أحادي الجانب، مشيرة إلى أن واشنطن طالبت الحزبين الكبيرين بضرورة التوافق أولا، وتحقيق حالة من الإجماع، لافتة إلى أن نتنياهو مازال يحاول التوصل مع شريكه غانتس إلى حل وسط.

محللون إسرائيليون كانوا قدروا أن فشل مخطط الضم سيعني انهيار حكومة نتنياهو، والذهاب إلى انتخابات جديدة، كما أن عدم تنفيذه في تموز/ يوليو المقبل، قد يعني تجميده إلى الأبد، لأن الأمر مرتبط باتجاهات السياسة الأمريكية، في وقت تقترب فيه الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، وجميع السيناريوهات مفتوحة بين الرئيس ترامب وخصمه الديمقراطي جو بايدن.



قائمة الرافضين

صحيفة "يديعوت أحرونوت"، نوهت إلى أن وزراء بحزب "أزرق أبيض" أكدوا لها أن الاتفاق الائتلافي يتيح حرية التصويت على ملف الضم داخل الكنيست، ولا يلزم نواب الكتلة الائتلافية بالتصويت نحو تجاه محدد، وأن مزاعم "الليكود" بأنه لو فشل مخطط الضم سيكون ذلك بسبب موقف "أزرق أبيض"، يأتي ضمن ذريعة من جانب نتنياهو لجر البلاد إلى انتخابات جديدة.

وقالت إن قائمة وزراء "أزرق أبيض" الرافضين للمخطط طالما سينفذ بشكل أحادي الجانب هي قائمة طويلة، تضم مثلا وزير الزراعة ألون شوستر، وهو أحد مَن تحدثوا علانية ضد المخطط، وأكد في حديث لإذاعة الجيش، أنه "لو كان الضم بشكل أحادي سأصوت ضده، إننا أمام خطوة يشوبها الغرور".

وزير الشؤون المدنية والاجتماعية ميخائيل بيتون، والذي يتولى وزارة مستحدثة تتبع وزارة الدفاع، أشار في وقت سابق إلى أن تطبيق السيادة "ينبغي أن يكون ضمن مسيرة سياسية شاملة، مضيفا: "ينبغي أن تطبق السيادة بالتنسيق مع أمريكا ومع شركائنا الإستراتيجيين بالمنطقة".

وعبر عن الموقف ذاته -أيضا- وزير السياحة آساف زمير، بيد أنه حذر من اجتزاء صفقة القرن، وذكر وفق "يديعوت أحرونوت" أنه "يؤمن بتنفيذ صفقة القرن كاملة في إطار تسوية شاملة، وأن السير في خطوات أحادية الجانب، سيؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة".

السلام مع الأردن

ومع ذلك، تعتقد مصادر أن موقف "أزرق أبيض" لن يحمل تأثيرا كبيرا على تنفيذ المخطط، إذ أكدت للصحيفة أن نتنياهو مازال قادرا على تمريره دون حتى موافقة "أزرق أبيض"، ومن دون "تدحرج" بعض أصوات أحزاب المعارضة لصالح المخطط، ولا سيما من كتلة "يمينا" المتطرفة، والتي ترفض المخطط لأسباب أخرى تماما، وتطالب بصفقة أمريكية أكثر سخاء، من وجهة نظرها.

ويرى نتنياهو أن إعلان الضم مسألة حياة أو موت "سياسيا"، في حين يسود تجاه عام داخل "أزرق أبيض" يرى أنه من غير المنطقي ضم أجزاء من الضفة مقابل المخاطرة باتفاق السلام مع الأردن، إذ نقلت الصحيفة عن مصادر بالحزب أنه "يجب أن يتم الضم تحت غطاء من التوافق مع الأردن وليس أمريكا فحسب... هذا شرطنا"، مضيفة: "لا يمكن المخاطرة باتفاق السلام مع الأردن مقابل الضم".



خطوات على الأرض

لكن على خلاف هذا المواقف المعلنة، مازالت هناك شكوك تحوم حول مصداقية موقف "أزرق أبيض"، وإذا ما كان الأمر مجرد توزيع أدوار يدار بشكل محكم، إذ إن نجاح نتنياهو – غانتس في تشكيل الحكومة الـ 35 بالأساس، استند إلى توافق بشأن مخطط الضم وصفقة القرن الأمريكية، هذا بخلاف التفاهمات الأخرى.

ويخشى مراقبون للشأن الإسرائيلي أن خطوات تتم على الأرض بالضفة الغربية، يبدو وأنها حصلت على مصادقة وزير الدفاع غانتس، وعلى رأسها قرار إعداد سجل إحصائي للسكان الفلسطينيين بالمناطق المشمولة في خرائط الضم.

وتشرف ما تسمى "الإدارة المدنية الإسرائيلية" -وهي كيان عسكري يتولى العمليات الإدارية بالضفة الغربية المحتلة، ويخضع لإمرة مكتب منسق أعمال الحكومة بالأراضي المحتلة- على مشروع السجل السكاني، ويجري الحديث عن كيانات تتبع وزارة الدفاع.

ويستهدف السجل وفق ما يقول الاحتلال، منع الزيادة السكانية الفلسطينية بالمناطق التي ستصبح تحت السيادة الإسرائيلية، والحيلولة دون توجه فلسطينيين إلى هذه المناطق فور دخول المخطط حيز التنفيذ.

من جانب آخر، شهد صباح أمس الثلاثاء، تدشين خط مياه جديد يربط بين مستوطنات الضفة وبين شبكة المياه المركزية في إسرائيل، إذ يخرج هذا الخط من مستوطنة "ألفي مناشيه" في منطقة التماس على الطرف الغربي من وسط الضفة الغربية، ليصل إلى مستوطنة "إلكانا" عند تلال السامرة الشمالية الغربية في الضفة.

وأعلنت شركة المياه الإسرائيلية الوطنية "مكوروت"، بالأمس أيضا، عن تدشين محطة ضخ مياه جديدة في المنطقة الصناعية "باركان" شمالي الضفة، يمكنها ضخ كميات من المياه للمستوطنات اليهودية شرقا بواقع 6 آلاف متر مكعب يوميا، مصدرها محطة المياه المركزية في إسرائيل، الأمر الذي أشارت إليه "قناة 20" العبرية، وقالت إنه بداية لتطبيق السيادة على الأرض.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com