جنود من قوات فاغنر
جنود من قوات فاغنرمتداول

تنازع روسي أمريكي يحتدّ في أفريقيا الوسطى

تطفو رائحة الحرب الباردة على ضفاف نهر "أوبانغي" وفي شوارع بانغي، عاصمة أفريقيا الوسطى التي تشهد تنازعًا حادًا بين النفوذ الروسي والأمريكي، مع استمرار وجود قوات "فاغنر" شبه العسكرية الروسية والإبقاء على "ملف غريب" مفتوحًا، وهو ملف إنشاء شركة أمنية أمريكية "بانكروفت".

وفي قلب عاصمة أفريقيا الوسطى، انفتحت إحدى جبهات الحرب التي أطلقها الرئيس فلاديمير بوتين قبل عامين في أوكرانيا، والتي تتجسّم، اليوم، في كتلة روسية وأخرى غربية، يمثلها الاتحاد الأوروبي وتركيا والأمريكيون، وفق قراءة نشرتها مجلة "جون أفريك".

وبحسب تقرير المجلة الفرنسية، فقد فهم رئيس أفريقيا الوسطى فوستين آركانج تواديرا هذا الأمر تمامًا الآن، حتى لو لم يتوقعه بلا شك خلال تقاربه مع الروس، في العام 2017، من خلال فتح بلاده لمجموعة "فاغنر" شبه العسكرية الروسية وجعلها بوّابة لهذه المجموعة في أفريقيا الناطقة بالفرنسية؛ مما وضعه، بحكم الأمر الواقع، في قلب صراع عالمي.

وبعد الترحيب بـ "فاغنر"، في العام 2018، يتفاوض الرئيس، الآن، على مرحلة جديدة من تحالفه مع روسيا منذ وفاة مؤسس مجموعة المرتزقة، إيفغويني بريغوجين، في أغسطس / آب 2023، وجرت عدة مفاوضات مع ممثلين من موسكو، لا سيما يونس بك إيفكوروف، نائب وزير الدفاع، وأندريه أفريانوف، جنرال المخابرات العسكرية الروسية.

وأكد المبعوثون الروس لفوستين آركانج تواديرا، أن موسكو لا تنوي تعطيل الأنشطة الروسية في بانغي، وأن اختفاء بريغوجين لن يضر بتحالف جمهورية أفريقيا الوسطى مع روسيا، على الرغم من أن المرتزقة الروس يخضعون، الآن، لإشراف وثيق من قبل المخابرات العسكرية الروسية وقائدهم في بانغي، فيتالي بيرفيليف، الذي غادر البلاد، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إلا أن مهامهم لم تتغير.

ووفقًا لـ "جون أفريك" فقد "أصبح تأثير "فاغنر" واضحًا بشكل متزايد على بعض وحدات الشرطة، لا سيما المكتب المركزي لقمع جريمة السرقة، وكان هذا هو السبب وراء العديد من عمليات التفتيش والاعتقال والاستجواب لشخصيات من أفريقيا الوسطى، والذين يعتبر بعضهم معارضين لفاوستين آركانج تواديرا وحليفه الروسي.

وبالتوازي مع ذلك، يُجري الرئيس تواديرا ووزير دفاعه جان كلود رامو بيرو، مفاوضات سرية مع السفير الروسي في بانغي ألكسندر بيكانتوف حول إنشاء قاعدة عسكرية روسية في أراضي أفريقيا الوسطى، وهو مشروع تحرص موسكو على تنفيذه، لا سيما مع انهيار فرص تنفيذ مشروع مماثل في السودان بسبب الحرب الأهلية هناك.

وأكدت "جون أفريك"، أنّ "فكرة استضافة قاعدة عسكرية روسية على أراضي أفريقيا الوسطى ليست جديدة، وقد سبق ذكره، في مارس / آذار 2023، خلال زيارة رئيس الجمعية الوطنية لأفريقيا الوسطى سيمبليس ماثيو ساراندجي، إلى موسكو، بمناسبة المؤتمر البرلماني الروسي الأفريقي، وأعيد طرحه بعد شهرين من قبل جمهورية أفريقيا الوسطى قبل القمة الروسية الأفريقية في سانت بطرسبورغ، التي زارها الرئيس تواديرا، في يوليو/ تموز الماضي.

ولم تتوقف المناقشات منذ ذلك الحين، وهي تقترب من تحقيق النتيجة، حيث "يكسب الروس الأرض"، وفق مصدر أمني في أفريقيا الوسطى، ويؤكد دبلوماسي في المنطقة أنّه "بفضل فاغنر، تسلل الروس إلى سلطة أفريقيا الوسطى، منذ العام 2017، وهم موجودون في الأوساط السياسية والاقتصادية وبالتالي يصعب إزاحتهم حتى لو أراد تواديرا حقًا الحد من نفوذهم".

التقارب مع الأمريكان

ووفقًا لـ "جون أفريك" فإنّ رئيس أفريقيا الوسطى يسعى بالتوازي مع ذلك إلى التحرر نسبيًا من ضغط الروس، من خلال التقارب مع الأمريكان، حيث أجرى عدة اجتماعات مع ممثلين من شركة "بانكروفت" الأمنية الأمريكية.

وأيّدت هذا التقارب مجموعة متنوعة من الشخصيات، من بينهم المستشار السابق للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ألكسندر بينالا، الذي كان في الواقع مهتمًا بجمهورية أفريقيا الوسطى، منذ العام 2019، عندما قدمه رجل الأعمال الفرنسي البنيني فنسنت ميكليت إلى فاوستين-آركانج تواديرا، وبدا أنه مرتبط بشكل وثيق بـ "فاغنر"، وهو يرغب في تطوير شبكات جديدة ــ أو إعادة تنشيط الشبكات القديمة ــ بالتقارب مع فرنسا والولايات المتحدة، كما تشرح "جون أفريك".

ولكن لم تظهر "بانكروفت" إلا بعد 4 سنوات، في أبريل / نيسان 2023، حيث يلتقي ألكسندر بينالا في لندن بالفرنسي ريتشارد روجيه، اليد اليمنى لأفريقيا لمؤسس الشركة الأمريكي مايكل ستوك، وتعرَّف الرجلان على بعضهما بعضًا من خلال تييري ليجييه، الحارس الشخصي السابق لجان ماري ومارين لوبان.

والتقى روجيه وبينالا مرة أخرى في مطعم باريسي بعد بضعة أسابيع، بصحبة بوريل ياونجا ييكو، الوزير المستشار لدى تواديرا. وفي 23 يونيو/ حزيران الماضي، كتب تواديرا رسالة إلى مايكل ستوك أضفى فيها الطابع الرسمي على اهتمام سلطات أفريقيا الوسطى بـ "بانكروفت".

وتهدف الشركة الأمنية "بانكروفت"، وفقًا للصيغة التي اعتمدتها جمهورية أفريقيا الوسطى على نطاق واسع، إلى تقديم "حلول للأضرار الناجمة عن النزاعات المسلحة". ويرى الوزير المستشار أنه في المقابل، يمكن لبلاده "عرض المشاريع المهمة للبلاد في مجال التنمية الاقتصادية، ومشاريع البنية التحتية الكبرى والزراعة والبيئة وتخطيط استخدام الأراضي".

وأكدت "جون أفريك" أنّه "تمت مناقشة وتنظيم لقاء مع فاوستين آركانج تواديرا بعد بضعة أيام في ليبرفيل، على هامش قمة المجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا.

أخبار ذات صلة
نصب تذكاري لزعيم "فاغنر" في أفريقيا الوسطى (صور)

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com