ما حكاية السم الذي شلّ الجاسوس سكريبال.. وسمّم العلاقة بين موسكو ولندن؟
ما حكاية السم الذي شلّ الجاسوس سكريبال.. وسمّم العلاقة بين موسكو ولندن؟ما حكاية السم الذي شلّ الجاسوس سكريبال.. وسمّم العلاقة بين موسكو ولندن؟

ما حكاية السم الذي شلّ الجاسوس سكريبال.. وسمّم العلاقة بين موسكو ولندن؟

يثير تصاعد نبرة العداء بين روسيا وبريطانيا، فضول المتابعين الذين يتساءلون عن طبيعة السم الذي استخدم ضد الجاسوس الروسي سيرغي سكريبال، وتسبب في انهيار العلاقة بين البلدين على نحو يعيد إلى الأذهان حقبة الحرب الباردة.

ويلاحظ محللون سياسيون أن الوسيلة المستخدمة في التخلص من سكريبال هي التي أثارت حفيظة بريطانيا والغرب عمومًا، مشيرين إلى أن التاريخ يحفل باغتيالات مماثلة لها علاقة بالأمن والجاسوسية، لكن هذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها غاز سام على هذه الدرجة من الخطورة.

وبحسب مختصين، فإن السم الذي استخدم في محاولة اغتيال سكريبال، هو نوع من السموم التي تؤثر في الجهاز العصبي، ولا يوجد في مكان آخر في العالم غير روسيا، الأمر الذي جعل بريطانيا مقتنعة بتورط موسكو.

ويصف مختصون هذا السم، الذي يطلق عليه اسم (نوفيتشوك) "الوافد الجديد"، بأنه "أخطر سلاح أنتجته البشرية بعد السلاح النووي".

وأسهم العالم الروسي فيل ميرزايانوف في التوصل إلى هذه "التركيبة القاتلة"، وهو يعيش، حاليًا، في الولايات المتحدة بعدما تمكن من الفرار إليها مطلع تسعينيات القرن الماضي إثر اتهامات وجهت له، آنذاك، بإفشاء أسرار الدولة، قادته إلى السجن.

وترأس العالم ميرزايانوف مركز محاربة التجسس العلمي التابع لمعهد الدولة للأبحاث العلمية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي خلال الحقبة السوفيتية، وهو يوضح بأن "هذا السم دخل مرحلة الإنتاج في ثمانينيات القرن الماضي وبقي برنامج إنتاجه سريًا".

ويضيف ميرزايانوف، معلقًا على تداعيات قضية سكريبال: "عندما كنا نطور هذه الأسلحة كان الهدف منها حماية بلادنا من الأعداء، لا أنا ولا أي من العلماء الذين عملوا في إنتاج هذا السم وإجراء التجارب عليه كان يتوقع أن يتم استعماله لأغراض إرهابية، إنه سلاح دمار شامل".

وتم تطوير هذا السم خلال عقدين من الزمن في منشأة قريبة من العاصمة موسكو، وكان يعمل في برنامج إنتاجه نحو ألف شخص في منتهى السرية، وكانت تجرى التجارب على الحيوانات وبعد ذلك كانت تدرس مواصفاته وخصائصه.

ويشرح ميرزايانوف تأثير هذا السم، فيقول: "إنه يشل الضحية، ويتسبب بالاضطرابات الجسدية وبصعوبة في التنفس وبعدها تموت الضحية، إن الأمر أشبه بالتعذيب الشديد. حتى لو كانت الجرعة صغيرة فإن الألم يستمر مدة أسابيع، لا يمكن تصور الفظائع التي يتسبب بها هذا السم".

واعتذر ميرزايانوف عن دوره في إنتاج مثل هذا السم، معربًا عن اعتقاده أن "أمام سكريبال وابنته طريقًا طويلًا للشفاء، فالتعرض لهذا السم ستكون له عواقب مدى الحياة".

وعثر على الجاسوس الروسي سكريبال، الذي عمل لصالح بريطانيا، وابنته يوليا، فاقدي الوعي خارج مركز تجاري في مدينة سالزبري بجنوب بريطانيا، يوم الرابع من آذار/مارس الجاري، ونقلا إلى المستشفى حيث يرقدان في حالة حرجة منذ ذلك الحين.

ويتكون "نوفيتشوك" من عنصرين مصرّح باستخدام كل منهما على حدة، إذ إن سميتهما لا تظهر إلا عند الجمع بينهما.

ووفقًا لخبراء أمنيين، فإن هذه الخاصية تمنح هذا السم ميزة مزدوجة، إذ يمكن، بسهولة، نقل العنصرين، اللذين يتألف منهما السم، منفصلين، ثم يتم خلطهما في اللحظة الأخيرة، قبل استخدامه ضد المستهدف.

ويأتي هذا السم على شكل سائل عديم اللون يمكن إضافته للطعام أو رشه على الجلد، كما يأتي على شكل مسحوق متناهي الصغر يستنشق عن طريق الأنف.

ولم يكتشف العالم وجود هذا الغاز السام إلا أوائل التسعينيات من خلال منشقين من دول الاتحاد السوفيتي السابق فروا إلى الدول الغربية.

وبحسب خبراء، فإن الاتحاد السوفيتي السابق عمل على اكتشاف هذا الغاز السام استجابة لتحد استراتيجي كبير واجه البلاد في حقبة الحرب الباردة، وتمثل في كيفية الجمع بين الامتثال لمطالب المجتمع الدولي بحظر الأسلحة الكيميائية، وبين تطوير سلاح كيميائي سري، فتاك للغاية.

وفي أحدث فصول هذه القضية، أفادت صحيفة تليغراف البريطانية، اليوم الجمعة، أن الغاز السام الذي استخدم في تسميم سكريبال وضع في حقيبة ابنته قبل أن تغادر موسكو في الثالث من آذار/ مارس الجاري، وفي اليوم التالي وجد سكريبال وابنته مسمومين.

ورجح المحققون البريطانيون فرضية تفيد أن قطعة من ملابس أو أدوات زينة أو هدية مشبعة بالمادة السامة فُتحت في منزل سكريبال.

وتنفي موسكو أي صلة لها بهذا الهجوم، وتقول إن العالم ميرزايانوف نشر صيغة المادة السامة، بشكل علني، في كتاب أصدره في أمريكا، وهذا يعني، بحسب موسكو، أنه يمكن تركيب هذا السم في أي مكان، وليس بالضرورة في روسيا.

لكن ميرزايانوف يرجح، مسؤولية موسكو عن الهجوم، لأن روسيا لا تزال تحتفظ بمخزونها من هذا السم، ناهيك عن أن تركيبته الكيميائية معقدة على نحو يصعب استخدامه من جهة غير حكومية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com