معركة "الرجل الثاني" تجدد الصراع السياسي في الجزائر‎
معركة "الرجل الثاني" تجدد الصراع السياسي في الجزائر‎معركة "الرجل الثاني" تجدد الصراع السياسي في الجزائر‎

معركة "الرجل الثاني" تجدد الصراع السياسي في الجزائر‎

تشهد الجزائر صراعًا حادًا في الكواليس بين أكبر حزبين في البلاد؛ حول من يظفر بمنصب الرجل الثاني في الدولة، بعد ظفر جبهة التحرير (الحزب الحاكم) بغالبية مقاعد مجلس الأمة (الغرفة العليا للجمعية الوطنية).

وبعد ساعات على حسم المجلس الدستوري نتائج انتخابات التجديد النصفي لغرفة البرلمان العليا، بدأت الأنظار تتجه إلى المعركة المقبلة الخاصة بانتخاب رئيس مجلس الأمة الذي يعدّ دستوريًا، الرجل الثاني في الدولة.

وإذا كان عبدالقادر بن صالح ظلّ رئيسًا لمجلس الأمة منذ العام 2002، مستفيدًا من امتلاك حزبه التجمع الوطني الديمقراطي للغالبية في الغرفة البرلمانية العليا، فإنّ العودة القوية لجبهة التحرير ونيلها 31 مقعدًا من مجموع 48 في الانتخابات الأخيرة، يجعل "حزب الرئيس" في أفضل رواق لافتكاك منصب "الرجل الثاني".

وفي ظلّ مرض الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، والغموض الذي يطبع الاستحقاق الرئاسي المزمع بعد أربعة أشهر من الآن، صار الرقم 2 في هرم الدولة الجزائرية يعني الكثير رسميًا وبروتوكوليًا، فمنذ إصابة الرئيس بوتفليقة بـ"النوبة الإقفارية العابرة" في 29 نيسان/أبريل، واظب رئيس مجلس الأمة على تمثيل رئيس الجمهورية في سائر المحافل الكبرى.

ويقرأ مراقبون "استفادة" جبهة التحرير، ليل يوم الجمعة إلى يوم السبت، من مقعدين إضافيين في مجلس الأمة، برغبة "المتنفّذين" في تعزيز قدرة تشكيلة الغالبية البرلمانية على الاستقطاب، و"تبرير" الخلع المرتقب لبن صالح (76 عامًا)، علمًا أنّ الرئاسة الجزائرية بعثت بإشارات قوية، منذ فترة، بعدم استمرار السفير الجزائري السابق لدى المملكة العربية السعودية، كرئيس لمجلس الأمة بعد 17 عامًا من توليه المنصب.

وعشية افتتاح الشوط المؤدي إلى انتخابات الرئاسة المزمعة في نيسان/أبريل القادم، يقرأ مراقبون، ما يحدث بمخطط "يدٍ خفية" في مخابر القرار تراهن على رفع هامش الاستقطاب لدى جبهة التحرير وقائده المؤقت، معاذ بوشارب، بعيدًا عن "العدو الحميم" التجمع الديمقراطي لمتزعمه، أحمد أويحيى، الوزير الأول.

ويحيل الناشط السياسي، محمد كناي، إلى أنّه بات واضحًا أنّ استعادة جبهة التحرير للغالبية الساحقة في مجلس الأمة، يؤهلها للظفر بمقعد الرجل الثاني في الدولة، بكل ما ينطوي عليه الأخير من رمزية في عيون قادة الجبهة.

وستعني تنحية الرئيس الحالي لمجلس الأمة، عبدالقادر بن صالح، المحسوب على فصيل الوزير الأول أحمد أويحيى، واستبداله بوجه جبهوي، الكثير بالنسبة لأويحيى ذاته ومن يقفون وراءه، تبعًا لأنّ الرجل لم يُخف طموحه لأن يصبح رئيسًا للبلاد.

من جانبه، يشير وزير سابق إلى أنّ الإطاحة ببن صالح من على رأس مجلس الأمة، سيشكّل ضربة موجعة إضافية ليست موجّهة للتجمع الديمقراطي، بل تستهدف شخص متزعمه، أحمد أويحيى، وتؤشر على حجم الصراع المحتدم بين الأجنحة المتنفذة في الخفاء، بغرض التموقع ضمن ترتيبات الخارطة الجديدة التي يجري طهيها على نار هادئة وسط جدل التجاذبات ومعيار التوازنات.

هذا الصراع لا يزال حبيس الغرف المغلقة، ولم يصل بعد إلى الشارع، لكنّه مرشح للتهدئة لعدة أسباب واعتبارات تكتيكية متصلة بنمطية منظومة الحكم واتكائها على نسق "الترضيات".

وعلى وقع الاتجاه إلى التمديد للرئيس الجزائري الحالي، عبدالعزيز بوتفليقة، يقول المحلل السياسي، محمد بن يعقوب، إنّ عرّابي مشروع الولاية الرئاسية الخامسة يسعون إلى الاعتماد على جبهة التحرير كلاعب أساسي لترويج محاسن "الاستقرار" في جزائر ما بعد اقتراع الربيع المقبل.

وليس مفصولًا عن السياق، إبان حزب جبهة التحرير من خلال إدارته انتخابات مجلس الأمة، مجددًا على قدرات كوادره في مجال الاستقطاب والاستيعاب، لذا سيعمل نشطاء تشكيلة الغالبية على تجنيد الشارع لإنجاح مسعى "الخامسة" وحسم مسارات المواعيد القادمة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com