تركيا تطرق أبواب الخليج.. والاقتصاد يجني ثمار التقارب
تركيا تطرق أبواب الخليج.. والاقتصاد يجني ثمار التقاربتركيا تطرق أبواب الخليج.. والاقتصاد يجني ثمار التقارب

تركيا تطرق أبواب الخليج.. والاقتصاد يجني ثمار التقارب

 تولي الحكومة التركية الكثير من الاهتمام لعلاقاتها الاستراتيجية مع دول مجلس التعاون الخليجي؛ إذ شهدت سياستها الخارجية حيال تلك الدول تحولًا جديدًا بعد أعوام من التوتّر الناتج عن اختلاف التوجّهات السياسية، ليُترجَم التقارب عبر سلسلة من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية.

السوق الحرّة

تسعى أنقرة إلى الارتقاء بمستوى التبادل التجاري مع دول مجلس التعاون الخليجي، للوصول إلى اتفاقيّات تجارة حرّة، وتعزيز الفرص الاستثمارية المتبادلة.

وسبق أن أشار كبير مستشاري وكالة دعم وتشجيع الاستثمارات في رئاسة الوزراء التركية، مصطفى كوصو، في 25 أيلول/ سبتمبر الماضي، إلى أن حكومة بلاده ستبحث مع المملكة العربية السعودية، ملف توقيع اتفاقية التجارة الحرّة بين تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي، في أقرب وقت ممكن.

وستعلن عن حزمة من الحوافز والتسهيلات للمستثمرين الخليجيين، قبيل نهاية العام الجاري، لتعزيز استثماراتهم في الأراضي التركية.

وكان وزير التنمية التركي، لطفي علوان، دعا منتصف أيلول/ سبتمبر الماضي، خلال جولته الخليجية، مع وفد من رجال الأعمال الأتراك، إلى عقد اتفاقية للتجارة الحرّة، التي تدعم إنشاءها بالدرجة الأولى إمارة قطر.

أنقرة تمتص غضب الرياض وتحولها إلى شريك استراتيجي

بدأت ملامح التحالف الإستراتيجي بين السعودية وتركيا منذ مطلع العام الماضي، إثر أعوام من القطيعة السياسية، لتشهد العلاقات خطوات غير مسبوقة من شأنها التنسيق حول إدارة الأزمات المحيطة بالرياض وأنقرة، بما يضمن بقاءها تحت سيطرة الدولتيْن المحوريتيْن إقليميًّا.

وكانت تركيا -التي تمتلك ثاني أكبر أسطول لطائرات "إف16" في العالم، وثاني أكبر الجيوش في حلف شمال الأطلسي (الناتو)- انضمت إلى التحالف الإسلامي الذي تقوده السعودية لمكافحة الإرهاب، منتصف كانون الأول/ ديسمبر 2015، في محاولة لتوجيه رسالة تفيد بجدّية أنقرة في الحرب على الإرهاب، وضرب معاقله في سوريا، عبر تشكيلها مع المملكة "جبهة تمثّل التيار الإسلامي المعتدل، الذي يتولى محاربة التطرف".

تركيا تساهم في إنقاذ مشاريع الإسكان السعودية المتعثرة

وفي ظل التعثر الذي تشهده مشاريع الإسكان، لجأت وزارة الإسكان السعودية، منتصف تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، إلى عقد اجتماعات عدّة مع شركات إنشاءات تركية لتنفيذ مشاريع تابعة للوزارة في مختلف مناطق المملكة.

وتعاني السعودية أزمة إسكان متفاقمة، وذكرت تقارير سابقة أن ما نسبته 60% من المواطنين السعوديين، البالغ عددهم 21 مليون نسمة، يسكنون في منازل مستأجرة، في ظلّ ارتفاع حدّة الأصوات المنتقدة لتعثر المشاريع الحكومية، في قطاع الإنشاءات، وتأخّر الوعود الرسمية.

ميزات خاصة للمستثمرين السعوديين

وسبق أن أعلنت الحكومة التركية عن تقديم تسهيلات وميّزات خاصّة بالمستثمرين السعوديين، الراغبين في العمل في قطاع الصناعة التركية؛ كالإعفاء الضريبي والجمركي، والأرض المجانية، والقروض الميسرة.

ويصل عدد الشركات السعودية المستثمرة في تركيا إلى أكثر من 700 شركة، بإجمالي استثمارات تصل إلى أكثر من ملياري دولار؛ وفقًا للحكومة التركية.

الكويت تستكمل ما بدأته السعودية

بعد التوجهات السعودية لتعزيز العلاقات مع تركيا، دخلت دولة الكويت إلى خط التعاون، ضمن مساعي دول مجلس التعاون الخليجي للوصول إلى صيغة توافق مع الحكومة التركية تعزّز العلاقات السياسية والعسكرية والأمنية والتجارية.

ويجمع الكويت وتركيا، علاقات اقتصادية متميّزة، تمّت ترجمتها بالتوقيع على ٤٠ اتفاقية تعاون؛ اقتصادية، وسياحية، وثقافية، خلال العام الماضي.

وسبق أن أشار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أواخر نيسان/ إبريل الماضي، إلى سعي بلاده لرفع التبادل التجاري مع الكويت ليصل إلى مليار دولار، خلال العام الجاري.

وتساهم الاستثمارات الكويتية في تركيا، في خلق فرص عمل للاقتصاد التركي؛ وبشكل خاص في القطاعين المصرفي والعقاري، ويوجد في تركيا حوالي 160 شركة استثمارية ذات رأس مال كويتي، إضافة إلى 260 فرعًا لبنك "كويت ترك" التابع لبيت التمويل الكويتي، وامتلاك بنك "برقان" الكويتي أسهمًا في أحد البنوك التركية.

البحرين تحاول استقطاب المستثمرين الأتراك

وبمناسبة استضافة مملكة البحرين، اليوم الثلاثاء، لأعمال "منتدى الاستثمار الخليجي التركي الثاني"، كان عضو مجلس الشورى، رضا فرج، أكّد على أن المنتدى "من شأنه أن يوضح لرجال الأعمال الأتراك ما تتميّز به البحرين من بيئة استثمارية صلبة وآمنة وقانونية جاذبة للمستثمرين".

وتوقّع فرج أن يتمخّض المنتدى عن "عقد شراكات بين رجال الأعمال البحرينيين ونظرائهم الأتراك".

قطر بوابة تركيا إلى الخليج العربي

انعكس الحلف الاستراتيجي بين تركيا وإمارة قطر بشكل إيجابي على العلاقات التركية الخليجية عمومًا. وتُعدّ قطر النافذة الأبرز لتركيا، للنجاة من طوق العزلة الإقليمية الذي بات يهدّد سياستها الخارجية، بعد تحول معظم جيرانها العرب إلى أعداء.

وكثّفت الحكومة التركية من الخطوات السياسية الرامية إلى إرساء تواجد عسكري طويل الأمد في منطقة الخليج العربي، إذ أعلنت في العام 2015، عن عزمها إنشاء قاعدة عسكرية لها في قطر، بعد اتفاقية وقعها الجانبان في العام 2014، ما يجعلها إحدى الدول القليلة التي تحاول بسط نفوذها في الخليج.

وبإنشائها قاعدة عسكرية في قطر؛ تنضم تركيا إلى كلّ من الولايات المتحدة، صاحبة النفوذ الأكبر في الخليج، بالإضافة إلى فرنسا، التي أسست قاعدة جوية وبحرية وبرية متعدّدة الأغراض في الإمارات، وكذلك بريطانيا التي أسّست قاعدة مماثلة في البحرين.

ويشكّل الحلف الإستراتيجي مع الدوحة، نقطة مميزة في السياسة الخارجية التركية، وبات التقارب في وجهات النظر بين الدولتين، حول أبرز القضايا الإقليمية، واضحًا بشكل متزايد في الأعوام الأخيرة، إذ يجمعهما نظرة مشتركة حيال ثورات الربيع العربي، وعدائهما لدمشق.

واستفادت الشركات التركية من ذلك التقارب لتعزيز استثماراتها في قطر، ومنذ العام 2005 تنشط تلك الشركات؛ وبشكلٍ خاص في قطاع البناء والتشييد والبُنى التحتية، لتتمكن من الاستحواذ على 119 مشروعًا بقيمة 15.1 مليار دولار.

الاستثمارات التركية في عُمان

تتجه رؤوس أموال تركية للاستثمار في سلطنة عُمان، مستفيدة من الاستقرار الأمني ووفرة الفرص الاستثمارية في البُنى التحتية وقطاع المقاولات.

ويجمع كل من تركيا وعُمان اتفاقيّات اقتصادية، تعمل على رفع حجم التبادل التجاري من 500 مليون دولار، إلى مليار دولار.

تبادل تجاري ضخم بين الإمارات وتركيا

بلغ حجم التبادل التجاري بين دولة الإمارات العربية المتحدة وتركيا 6.7 مليار دولار، خلال العام الماضي وتستضيف الإمارات أكثر من 10 آلاف وافد تركي، يعملون في مختلف قطاعات الاقتصاد الإماراتي.

منغّصات

وعلى الرغم من المصالح المشتركة والاتفاقيات المتبادلة، إلا أن العلاقات التركية الخليجية لا تخلو من منغّصات، في ظلّ إصرار أنقرة بالحفاظ على متانة علاقاتها مع طهران.

ووجّهت تركيا ضربة لعلاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي، عقب تصريح سفيرها لدى إيران، رضا هاكان تكين، يوم 26 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أن حكومة بلاده ترفض الاعتراف بأن الجزر الثلاث المحتلة من قبل إيران؛ طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى، تعود للإمارات، معتبرًا أن "هذه الجزر إيرانية وتركيا تدعم ذلك".

وقال تكين إن "تركيا دعمت إيران في كثير من الأوساط الدولية، وفعلًا حاولنا مساعدة إيران في قضية الجزر الثلاث والقضايا المرتبطة بها في اجتماع الرياض (المنعقد منتصف تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بمشاركة وزراء خارجية دول مجلس التعاون) حيث صدر بيان شدید اللهجة ضد إيران بشأن الجزر الثلاث وسياساتها الإقليمية، لكننا حاولنا تغيير النص قليلًا وتلطيفه".

وجاءت تصريحات السفير التركي، بعد أن انتقدت الخارجية الإيرانية، موقف الحكومة التركية الداعم للإمارات باستعادة جزرها المحتلة.

وكان وزير الخارجية الإماراتي، عبدالله بن زايد آل نهيان، أعرب في مؤتمر صحافي عقده مع نظيره التركي، مولود جاووش أوغلو، خلال زيارته إلى أنقرة، في 16 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، عن شكر بلاده لموقف تركيا ووقوفها مع الإمارات حول إعادة الجزر المحتلة من قبل طهران.

وفرضت إيران سيطرتها على الجزر الإماراتية الثلاث العام 1971، عشية إعلان استقلال وقيام دولة الإمارات في 2 كانون الأول/ ديسمبر من العام ذاته.

ويشكّل تنصّل تركيا من اعترافها بأحقية الإمارات بالجزر المحتلة، ضربة للعلاقات التركية الخليجية، التي شهدت فترة من الهدوء والتقارب منذ كانون الثاني/ يناير 2015، بعد أن عاشت أعوامًا من التوتر على خلفية محاولات التفرد بإدارة أزمات المنطقة، بالإضافة إلى دعم أردوغان، لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، التي لا تحظى بدعم غالبية دول مجلس التعاون التي تصنفها على أنها "منظمة إرهابية".

ومهما يكن من أمر تلك المنغّصات، تبقى المصالح والمخاوف المشتركة العنوان الأبرز للعلاقات الخليجية التركية، في ظلّ التوجّهات الغربية الأخيرة، والانتقادات الأمريكية التي طالت كلا من أنقرة والرياض، بالإضافة إلى ما تشكله أنقرة من أهمية لتوازن الأمن القومي للخليج العربي إقليميًا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com