الشيخ عبد الرحمن خليف
الشيخ عبد الرحمن خليفمتداولة

عبد الرحمن خليف.. شيخ تونس الجليل

يمثل الشيخ عبد الرحمن خليف أحد أبرز الأعلام في تونس، اشتهر بسمو مكانته العلمية وعلو قدره وإشرافه على حلقات تحفيظ القرآن الكريم فضلاً عن تفوقه اللافت في مختلف العلوم الشرعية.

والرجل من مواليد سنة 1917 في مدينة القيروان، أول عاصمة إسلامية في أفريقيا، دخل الكتّاب وحفظ القرآن على الشّيخ المؤدّب عليّة بن غانم الذي كان له الأثر الكبير في تكوين الشّيخ عبد الرحمن فأتمّ حفظ كتاب الله في ثلاث سنين، أي في سنة 1931.

ثم التحق الشيخ عبد الرحمن خليف بالتعليم الزيتوني في سبتمبر / أيلول 1931، وحصل على شهادات التحصيل في القراءات السبع والعلوم وفن القراءات، ونال جميع هذه الشهادات بتفوق.

مسيرة زاخرة

ومرت مسيرته التعليمية الزاخرة بمراحل بين مدينة القيروان مسقط رأسه ومدينة تونس العاصمة، حيث درس على الأفاضل من المشايخ، ومنهم في فنّ القراءات المشايخ الهادي بن محمود ومحمّد الباجي وحمودة بن يحيى، وفي الفقه المشايخ محمّد بن عمر العلاّني، ومحمود صدّام، ومحمّد بوراس، وفي البلاغة الشّيخ محمّد الشّاذلي النيفر.

ومن بين العادات التي سنّها الشيخ عبد الرحمن خليف بجامع عقبة بن نافع بالقيروان سنة 1952 قراءة حزبين من القرآن الكريم يوميا بعد صلاة المغرب، ما يمكن من إتمام ختمة شهرية للقرآن، ولا تزال هذه العادة قائمة إلى اليوم.

وإضافة إلى ذلك، كان الشيخ عبد الرحمن خليف يشرف على حلقات تحفيظ القرآن صحبة جمع من خريجي جامع الزيتونة مثل الشيخ صالح البحري والشيخ الطيب الورتاني، وفي سنة 1956 تم تعيين الشيخ خليف على إدارة الفرع الزيتوني بالقيروان، وبادر منذ ذلك الحين بإنشاء معهد للطلبة خارج أسوار الجامع الكبير فأنشأ الحي الزيتوني مستفيدا من مساهمات وتبرعات الأهالي.

صدام مع السلطة

ويروي المؤرخون أن خلافا جد بين الشيخ عبد الرحمن خليف والرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة بسبب رفض الشيخ دخول فريق من الممثلين الفرنسيين لتصوير مشاهد سينمائية داخل جامع عقبة بن نافع، اعتبارا لقدسية المكان واعتبارا لأن المسجد يُستغل في الأصل للعبادة لا لأي غرض آخر.

ونتيجة هذا الاعتراض تولت السلطات عزله من إدارة المعهد الزيتوني بالقيروان ونفيه إلى محافظة قابس جنوبا، وإبعاده عن النشاط الديني، وهو ما أثار غضب أهالي القيروان الذين خرجوا للاحتجاج على هذه القرارات في أكتوبر 1960.

وبعد تلك المظاهرات حوكم الشيخ عبد الرحمن خليف مع عدد من طلّابه بجامع عقبة بن نافع، وحُكم عليه بالسجن المؤبد مع الأشغال الشاقة قبل أن يتم الإفراج عنه سنة 1962 بعد تدخلات، ليتم نفيه مجددا إلى سوسة وفرض عليه الإقامة الجبرية فيها حتى سنة 1970.

وحين عاد الشيخ عبد الرحمن خليف إلى القيروان عام 1970 كان جامع عقبة ما زال تحت الترميم وإعادة البناء، فتولى التدريس في جامع الباي بعد صلاة العصر وذلك خلال شهر رمضان، ولمّا تمّ فتح جامع عقبة تولّى الإمامة والخطابة به مع الشّيخ الطاهر صدّام، وعادت الدروس الليليّة مع الإملاء القرآنيّة.

وقد ترك الشيخ عبد الرحمن خليف عدة كتب ومؤلفات في الفقه والعقيدة والعبادات والمعاملات، من بينها رسالة "من مسائل الصيام" سنة 1952 وكتاب "التربية من الكتاب والسنّة"، وكتاب "العقيدة والسلوك" وكتاب "ترتيب مناسك الحج" سنة 1972 و"آفاق الصيام في الإسلام" سنة 1990 وكتاب "كيف تكون خطيبا" وقد طُبع بالمملكة العربية السعودية وبلبنان وبمركز الدراسات الإسلامية بالقيروان سنة 1994.

وتوفي الشيخ عبد الرحمن خليف في فبراير/ شباط من سنة 2006 وحضر جنازته بمدينة القيروان نحو 30 ألف شخص بينهم شخصيات رسمية وشيوخ وطلبة علم.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com