ماذا قال النقاد عن مسلسل معاوية؟

لا يزال مسلسل معاوية الذي تنتجه شبكة "إم بي سي" والمتوقع عرضه خلال شهر رمضان يثير الجدل على أكثر من مستوى.

المسلسل الذي أفادت أنباء عن ميزانية ضخمة لإنتاجه وصلت إلى 100 مليون دولار، لاقى من الرفض كما لاقى من التأييد، باعتبار أنه يتناول شخصية جدلية في التاريخ الإسلامي ومرحلة حساسة من الصراع على الحكم، لا يزال العالم الإسلامي يعيش تداعياتها التاريخية حتى اليوم. 

وفي وقت سابق، طالب زعيم التيار الصدري العراقي مقتدى الصدر شبكة "إم بي سي" بالتراجع عن بث مسلسل معاوية بن أبي سفيان، وذلك ضمن تغريدة له على "تويتر".

وجاء في مطالبته: "أرى من الأجدر والأفضل بل المتعيَّن، أن تتراجع قناة الـ(أم بي سي) عن بث مسلسل درامي بخصوص (معاوية)، فهو رأس الفتنة الطائفية وأوّل من سنّ سبّ الصحابة وأوّل من خرج عن إمام زمانه وشقّ صفّ الوحدة الإسلاميّة، وأوّل من قتل الصحابة رضوان الله تعالى عليهم".

يجسد شخصية معاوية بن أبي سفيان الفنان السوري لجين إسماعيل، بينما تشارك كل من الفنانات أسماء جلال، وعائشة بن أحمد وجميلة الشيحة في شخصيات زوجات معاوية.

ويجسد الفنان الأردني إياد نصار شخصية علي بن أبي طالب، وتجسد الفنانة سهير بن عمارة شخصية هند بنت عتبة والدة معاوية.

وكتب نص المسلسل الكاتب المصري خالد صلاح وهو من إخراج طارق العريان في أولى تجاربه التلفزيونية.

الموضوعية وتأجيج الخلاف

الناقد الفني ناجح حسن قال إن الدراما العربية تجرأت منذ سنوات على تقديم شخصيات تاريخية جدلية كان من الممنوع الاقتراب منها لأسباب دينية وتاريخية، فقد تم تقديم مسلسل عمر ومسلسل الحسن والحسين قبل سنوات، وأحدث الأمر جدلًا كبيرًا حينذاك.

وأضاف في حديث لـ "إرم نيوز" أن من المبكر الحكم على المسلسل قبل عرضه، فقد يكون موضوعيًّا يقدم شخصية معاوية بما لها وما عليها؛ ما يشكل إضافة نوعية للدراما العربية، خصوصًا أن إمكانات ضخمة تقف وراء إنتاجه.

وتابع حسن أن الانقسام الذي يعيشه العالم العربي والإسلامي اليوم لا يحتمل أي عمل فني يؤجج الخلاف بين الشعوب، فمراعاة هذا الجانب أمر بالغ الأهمية عند تقديم عمل حول هذه الشخصية الإشكالية.

 ودعا حسن إلى عرض العمل على لجان مختصة من العالم الإسلامي لتقييمه وإبداء الرأي حوله، للبت في أمر عرضه من عدمه.

مسلسل معاوية لا يجب أن يكون محايدًا

وعن تخصيص لجان شرعية لمراجعة وتقييم بعض الأعمال الدرامية الدينية، قال الناقد الفني رامي المتولي، إن هذا الأمر يعود لرغبة فريق العمل، الذي يرغب بإخراج العمل وفقًا لوجهة النظر الدينية البحتة وهذا حاصل في كافة دول العالم، ولكنَّ هناك كاتبًا أو مخرجًا يرغب بوضع وجهة نظره في العمل ولا يتطلب ذلك عرض العمل على أي مراجعات.

بدوره، اعتبر الناقد الفني أمجد جمال أن قصة مسلسل معاوية والسيناريو الخاص به لا يجب أن يكون محايدًا، مبينًا أن الفن يجب أن يكون فيه وجهة نظر، لكن الخوف على حد وصفه "أن لا يكون حياديًّا في منطقة حساسة مثل هذه، سينتج عنه صخب واعتراضات".

وأضاف: "الفن وجهة نظر، ولو رغب فريق عمل المسلسل الابتعاد عن الجدل فهو مطالب من العامة بتقديم وجهة نظر موضوعية".

ولفت جمال في حديثه لـ"إرم نيوز"، إلى أن كاتب المسلسل هو الصحفي خالد صلاح، ويخرجه طارق العريان، ويعتبر هذا أول عمل تلفزيوني يقومان به، مبينًا أن مثل هذا العمل الضخم كان ينبغي تسليمه لأشخاص متمرسين لديهم خبرة.

وبين أن مخرج العمل قدَّم أعمالًا سينمائية لكن جمهور السينما يختلف عن جماهير المنازل، معتبرًا أن الشكوك الدائرة حول إمكانية تقديمه للقصة برفقة كاتب العمل دون ثغرات أو انحيازات تعد شكوكًا طبيعية، خصوصًا أن كاتب العمل خلفيته صحفية بحتة الأمر الذي قد يؤثر في النواحي الفنية، إذ إن الصحفي أو كاتب المقال عندما يدخل معترك الكتابة السينمائية والتلفزيونية تلاحقه الجماهير بالشك.

ولكن الناقد الفني رامي المتولي أكد أن العمل التلفزيوني الأول للكاتب أو للمخرج لا يعني بالضرورة أن يكون العمل ضعيفًا بل على العكس، إذ إن هناك كتّابا ومخرجين لديهم موهبة ومعرفة وقدرات لإخراج عمل يوازي أعمال أصحاب الخبرة الواسعة.

نزع القدسية عن المسلسلات التاريخية

وأشار المتولي في حديثه لـ"إرم نيوز"، إلى أن هناك مشكلة في التعامل مع المسلسلات التاريخية عموماً، من خلال وضع صفة التقديس وتنزيه الشخصيات التاريخية عن الأخطاء خلافًا للطبيعة البشرية، وقال: "المسلسلات والأعمال الدرامية الأجنبية تُنزع عنها صفة قدسية الأشخاص، ويتعامل المخرج وصناع العمل دون أي حرج وفقًا لرؤيتهم التي تخدم العمل الفني وليس وفقًا للرواية التي يتفق عليها أغلب الجمهور".

وطالب المتولي بضرورة رفع الوصاية عن فكرة اعتماد الرواية التاريخية المدونة في الكتب، لكونها إما رواية سنية وإما شيعية، ومن المحير اعتماد إحداهما دون الأخرى، خصوصًا أن الروايات يراها البعض ضعيفة والبعض الآخر يرونها صحيحة، على حد تعبيره.

ولفت إلى أن مسلسل معاوية عمل فني بحت وربط الشخصية بالرؤية الدينية تحديدًا سيؤدي إلى فشل العمل وعدم ظهوره للنور.

المشكلة من البشر وليس من العمل

وعن الأصداء والجدل الواسع الذي صاحب مسلسل معاوية منذ الإعلان عنه، قال المتولي: "المشكلة هنا ليس في العمل الفني بل في العصبية والاحتقان لدى البشر، ومن المؤسف هنا أن ينتج عن عمل فني أعمال عنف أو ألفاظ عنيفة فهذا غلط في رد الفعل من قبل البشر وليس من العمل التلفزيوني".