محطة صناعة السيارات في ميناء طنجة في المغرب
محطة صناعة السيارات في ميناء طنجة في المغربرويترز

هل يتحقق الحلم المغربي بتصنيع مليون سيارة بحلول 2025؟

يشق المغرب طريقه في مجال صناعة السيارات، حيث اكتسب خلال السنوات الأخيرة سُمعة تنافسية، وتحوّل إلى قبلة للشركات العالمية، وسط توقعات رسمية بتصنيع مليون سيارة عام 2025.

ويُعزى تطور صناعة السيارات في البلاد إلى البيئة الجاذبة، توفرها المملكة لشركات من أوروبا وآسيا، ولا سيما في ظل ما توفره من بنية تحتية متطورة، وأيدٍ عاملة مؤهلة وغير مُكلفة.

وتُشجع الحكومة المغربية على الاستثمار في هذا القطاع الحيوي من خلال إعفاء الشركات من أداء الضرائب في السنوات الأولى، وتطمح المملكة إلى الوصول إلى قدرة إنتاجية بنحو مليون سيارة سنويًّا بحلول عام 2025، وفق ما أعلن عنه وزير الصناعة والتجارة المغربي رياض مزور، أخيرًا.

تبلغ القدرة الإنتاجية الحالية للمغرب فيما يخص صناعة السيارات 700 ألف سيارة سنويا
بدر الزاهر الأزرق

وتبلغ القدرة الإنتاجية الحالية للمغرب فيما يخص صناعة السيارات 700 ألف سيارة سنويًّا، وسط توقعات من البنك المركزي بأن ترتفع صادرات القطاع خلال السنتين المقبلتين لتبلغ 190 مليار درهم (18.8 مليار دولار).

وبحسب بيانات لمكتب الصرف التابع لوزارة الاقتصاد والمالية المغربية، فقد بلغت قيمة صادرات قطاع السيارات في المملكة أكثر من 130,64 مليار درهم (أزيد من 13 مليار دولار) مع نهاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2023، مسجلة ارتفاعاً بنسبة 30,2% مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2022.

وأصبح المغرب ينافس كلا من الهند والصين في مجال تلقي الاستثمارات الموجهة لتصنيع أجزاء السيارات المختلفة، ويحتل المرتبة الثانية في الدول الأكثر تصنيعاً في أفريقيا، بحسب تصنيف البنك الأفريقي للتنمية والاتحاد الأفريقي.

حلم المليون

ورأى الباحث والخبير في قانون الأعمال والاقتصاد بدر الزاهر الأزرق، أنه بفضل مجموعة من العوامل، اقتربت المملكة بشكل كبير من تحقيق حلم صناعة مليون سيارة سنويًّا.

وأضاف في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن المغرب لديه حاليًّا قدرة إنتاجية تصل إلى 700 ألف سيارة في السنة، مشيراً إلى أنه في العام 2025 قد تتجاوز المملكة الهدف المنشود، وذلك بعد أن عبّرت شركات عالمية جديدة من الصين وألمانيا وغيرها عن رغبتها في الاستقرار في البلاد.

أخبار ذات صلة
المغرب يعتزم تطوير موقع "شالة" الأثري

ورأى الأزرق أن بلاده تطمح إلى إنشاء صناعات مغربية خالصة؛ ليس فقط في صناعة السيارات؛ وإنما أيضا في صناعة الطائرات، وأجزاء الطائرات، وصناعة السفن، بالإضافة إلى الصناعات الدفاعية.

وبين أن المغرب عبَر إلى سرعة أخرى على مستوى الإنتاج الصناعي، بعد أن هيمنت الصناعة على الاقتصاد المحلي، لافتاً أن الهدف الأسمى للمملكة كان هو إحداث تغيير بنيوي على الاقتصاد المغربي، والمرور من اقتصاد تهيمن عليه الزراعة إلى اقتصاد تهيمن عليه الصناعة.

قصة نجاح

ويعتبر المغرب اليوم رائداً قاريَّا وإقليميًّا في صناعة السيارات بفضل النمو المتسارع لهذا القطاع خلال العقود الماضية، وبحسب تقارير محلية، تُصدر المملكة سيارات لأكثر من 70 وجهة عالمية، بمعدل إدماج محلي يناهز 69%.

واعتبر الأزرق، أن وصول المغرب إلى هذا المستوى الكبير في مجال صناعة السيارات لم يأتِ بمحض الصدفة، بل هو نتيجة عمل جادٍّ استمر لعدة عقود، وأيضا بفعل تراكمات عديدة تشكل قصة نجاح غير مسبوقة.

أخبار ذات صلة
المغرب يقتحم سوق السياحة الأفريقية تحضيرا لـ "كان 2025"

وأوضح الأزرق أنه "في ستينيات القرن الماضي، حاولت المملكة بشكل محتشم (خجول) تركيب وتجميع السيارات، وخلال تسعينيات القرن الماضي حاولت شركة (فيات) الإيطالية تصنيع بعض أجزاء السيارات"، لافتاً أنه في تلك الفترة "ظل تركيب السيارات طاغياً على هذه الصناعة في المغرب".

واعتبر أن المغرب كان في السابق يفتقد إلى بنية تحتية متطورة تخول له استقبال صناعات حقيقية للسيارات، مشدداً على أن المملكة تنبأت لهذا الأمر وحاولت تغيير الواقع مع بداية الألفية الثالثة.

إن المملكة عملت خلال السنوات الماضية على تأهيل بنيتها التحتية، وأصبحت تتوفر على مناطق صناعية تضاهي الدول الأوروبية
بدر الزاهر الأزرق

وأبرز الأزرق أن المملكة عملت خلال السنوات الماضية على تأهيل بنيتها التحتية، وأصبحت تتوفر على مناطق صناعية تضاهي الدول الأوروبية، كما قامت بتطوير مواردها البشرية للاستجابة لحاجيات هذه الصناعة، بالإضافة إلى تقديم تحفيزات ضريبية للمستثمرين.

وأكد أن "المملكة قامت أيضاً بتشييد ميناء طنجة المتوسط، وهو ميناء من الجيل الرابع، والذي يسمح باستقبال أكبر حاملات الحاويات، وأكبر السفن القادرة على نقل وتصدير السيارات عبر العالم"، مبيناً أن هذا الميناء الضخم "سيساهم في تحقيق حلم صناعة مليون سيارة سنة 2025".

ورأى أن الموقع الجغرافي الذي يتمتع به المغرب، وقربه من السوق الأوروبية ومن الخطوط الملاحية الكبرى، أعطى أهمية كبيرة لهذا الميناء وجعل العديد من الشركات العالمية ترغب في المجيء إلى المغرب، والاستفادة من الموقع والبنية التحتية واليد العاملة المؤهلة والرخيصة.

امتلاك التكنولوجيا

ويرى مراقبون أن المغرب بات يتملك جزءًا من التكنولوجيات الحديثة في هذه الصناعة، بالإضافة إلى وجود حوالي 200 شركة مغربية تشتغل على تصنيع أجزاء السيارات؛ ما سيساعد على تحقيق الهدف المنشود وهو تصنيع مليون سيارة في أفق العام 2025.

التكنولوجيات التي انتقلت اليوم إلى المغرب هي التي ستمكن المملكة من إنشاء خطوط إنتاج مغربية خالصة
بدر الزاهر الأزرق

ونوّه الأزرق إلى أن "التكنولوجيات التي انتقلت اليوم إلى المغرب هي التي ستمكن المملكة من إنشاء خطوط إنتاج مغربية خالصة"، مبينًا أن المغرب "تحوّل من بلد مستهلك للتكنولوجيا إلى بلد منتج لتكنولوجيا صناعة السيارات، خاصة أننا نمر اليوم إلى جيل جديد من صناعة السيارات الكهربائية والصديقة للبيئة".

واعتبر أن المملكة "تحاول اليوم الربط بين الصناعات الصديقة للبيئة، وبين الفوسفات والصناعات الاستخراجية، من أجل صناعة بطاريات تعتمد بالكامل على ما يتم استخراجه من معادن موجودة في الفوسفات".

أخبار ذات صلة
الدراما الإذاعية في المغرب.. إنتاج يقاوم

وكانت منظمة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، أكدت قبل أشهر، أن السياسات والخطط الصناعية المحلية، مثل خطة التسريع الصناعي 2014-2020، عززت المنظومة البيئية لصناعة السيارات، وهو ما مكّن من إنشاء مجمعات صناعية في كل من مدينتي القنيطرة وطنجة، إذ كان اندماج المغرب في الاقتصاد العالمي سهلاً من خلال توقيع العديد من اتفاقيات التجارة الحر.

وأكدت المنظمة في تقريرها، أن قطاع صناعة السيارات في المغرب، شهد إحداث ما يقرب من 200 ألف فرصة عمل، مع إنشاء منظومة صناعية تضم أكثر من 200 شركة، وهو ما يُساهم في تحقيق معدل اندماج محلي يقارب 60%.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com