الشاعر مطر البريكي: يجب ألا تبقى القصيدة الفصيحة متوارية عن الأنظار

الشاعر مطر البريكي: يجب ألا تبقى القصيدة الفصيحة متوارية عن الأنظار

يدافع الشاعر العُماني مطر البريكي، خلال حواره مع "إرم نيوز "، عن الشعر المكتوب باللغة العربية الفصحى بالقول "يجب ألا تبقى القصيدة في الظل أو متوارية عن الأنظار".

وبينما يقر البريكي، الذي يكتب القصيدة الشعبية، بمسؤولية المثقف العربي في عجزه عن النهوض بالواقع الثقافي، إلا أنه يؤكد في الوقت نفسه أن غياب الدعم الحكومي قاد إلى قلة الإبداع والإنتاج.

وهنا نص الحوار معه:

ركزت في الفترة الأخيرة على القصائد الصوتية وابتعدت عن المكتوبة، لماذا تأخرت عن إصدار ديوان شعري جديد بعد "غياهب"؟

ديوان "غياهب" لم يكن الأول ولا الأخير؛ ديواني الأول هو "كسر المجاديف"، والثاني "غياهب"، والثالث "سحايب"، والرابع "علّمتني يا أبوي"، وهو ديواني الصوتي الذي تم إنتاجه عن طريق مبادرة حمدان للإبداع الأدبي.

القصائد الصوتية أو المرئية حتى المشاهدة عن طريق الفيديو انتشرت، لأن كل شي الآن أصبح مواكبا للعصر وللموضة التكنولوجية، وبالتالي أعتقد أنه صار من السهل الوصول إلى المتلقي والمستمع وأصحاب الذائقات الشعرية الأدبية عن طريق الفيديوهات، لاسيما بعد تنوع المواقع والتطبيقات الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي..

لكن هذا ليس بالضرورة على حساب القصيدة- لا أعتقد ذلك- إنما اعتقد أن القصيدة المكتوبة هي التي تظهر في الفيديو أصلا وهي كُتبت قبل أن تُسمع أو تُشاهد.

تتنوع مضامين الشعر بين الذاتي والوطني واستحضار التراث.. كيف تستلهم قصائدك وكلماتك؟

أغراض الشعر دائما متنوعة، فالقصائد الذاتية والوجدانية لها وقع كبير في نفس الشاعر وعالمه الداخلي، وكذلك القصائد الوطنية التي نستطيع أن نعتبرها جزءا من ذات ووجدان الشاعر أيضا..

بينما بعض القصائد العاطفية أو الغزلية هي استهلاكية للسوق المحلي أو قصائد استهلاكية للجمهور التي يُراد بها جمع أكبر عدد من المتابعين والمشاهدات، وليست بالضرورة أن تمثل حالة خاصة يعيشها الشاعر وإنما هي أحيانا فقط من باب وضع بصمة أو توقيع للشاعر يقول فيها إنني موجود وأتنفس.

نلاحظ نجاحا للشعر، الشعر الشعبي في السنوات الأخيرة.. هل باتت القصيدة الشعبية أكثر تأثيرا ووقعا للقارئ مقارنة مع الفصحى؟

نعم أرى أن القصيدة الشعبية طغت على الفصحى، وأنا أقول هنا للأسف، لأنني أكتب الشقين ولو أنه ما وقع رواجه عني أكثر هو الشعر الشعبي، ولكن لا نريد أيضا أن يبقى الشعر الفصيح هكذا في الظل متواريا عن الأنظار.

أعتقد أن المسببات التي ساهمت في الانتشار الطاغي للشعر الشعبي هي الأغاني، لأن منطقة الخليج حاليا أصبحت حاضنة كبيرة للأغاني سواء لفناني الخليج أو مصر أو شمال أفريقيا أو الشام والعراق..

الأغاني أغلبها صارت تغنى بالشعر الشعبي، وهو ما صار يستمع إليه بشكل دائم الجمهور، كما أن اللهجة العامية في الخليج هي لهجة شعبية، وهنا الدور يأتي على القراء وأيضا على شعراء الفصيح حيث عليهم أن ينتبهوا لهذه النقطة. 

نلاحظ حركية ثقافية في الفترة الأخيرة بين الملتقيات الشعرية ومعارض الكتاب.. هل هي كافية لإعادة استقطاب الجمهور؟

استمرار الملتقيات الشعرية ومعارض الكتاب جنبا إلى جنب شيء مهم جدا، لأن اليوم وإن سهلت مواقع التواصل الحياة الثقافية، إلا أن العالم أصبح مشغولا بأشياء أخرى..

لذلك لا ضير من أن تُقام مثل هذه الملتقيات على الأقل مرة في السنة، كما أن الجمهور أيضا يحتاج إلى فعاليات وأمسيات شعرية حقيقية يأتي إليها عانيا وقاصدا للاستماع والاستمتاع في نفس الوقت. 

اليوم مواقع التواصل الاجتماعي مثل "سناب شات" و"إنستغرام" توفر الكثير للمتلقي خاصة في منطقة الخليج، لكن حضورك في القاعة والأمسية ما بينك وبين الشاعر يبقى شيئا له لذة خاصة ووقع مميز.

هل يتحمل المثقف العربي مسؤولية عجزه عن النهوض بالواقع الثقافي أم أنه ضحية قلة الدعم والإنتاج؟

طبعا يتحمل المثقف العربي سواء كان شاعرا أو قاصا أو أديبا في أي مجال هذه المسؤولية، لكنه لا شك أنه يعاني من قضية العجز وهنا نتحدث عن العجز المادي وليس الإبداعي.

فالعجز المادي خاصة في العشر السنوات الأخيرة أصبح جليا وظاهرا للعيان، حيث إن المثقف العربي لا يستطيع حتى طباعة ديوان أو السفر للمشاركة في مهرجان.

التحديات المادية أصبحت كبيرة بالذات للمثقفين الذين كرسوا حياتهم للثقافة وليس للتجارة، لذلك مصدر دخلهم شحيح جدا، لكن أيضا لا نستطيع تبرئة الجهات الداعمة الحكومية أو الخاصة لأنها أصبحت لا تفكر إلا في المردود، بينما دعم المؤسسات الثقافية الذي أراه غير ربحي يجعل مؤسسات القطاع الخاص تبتعد عنه.

يبقى هنا دور الحكومة ممثلا في وزارة الثقافة وما يعادلها في دعم المبدعين في كل الدول، لأنها قضية وطن وقضية إنشاء جيل قادر على الثقافة وعلى التفكير، وهو جيل أمام تحديات في ظل هذه التكنولوجيا الخطيرة، وقد نأتي بعد عشرين عاما ونرى مَن لا يجيد القراءة ولا حتى الكتابة فهذا تحد عظيم، ونتمنى إيجاد حل مناسب وسريع لهذه المشكلة.

أية تحديات يواجهها الشعر العربي في ظل عزوف القارئ عن عالم الأدب والشعر والكتاب؟

الشعر العربي حاله حال أي إبداع آخر يواجه العديد من التحديات بسبب عزوف وإهمال القارئ، وأعتقد أن ذلك مسألة خطيرة في هذا الصدد؛ فالقارئ هو الصدى والشاعر هو الصوت، وإذا لم يجد الصوت صداه حينها ستنقطع كل الألسن وتتبخر الحروف.

وللأسف أيضا، فإن عوامل التحفيز أصبحت شبه منعدمة للقارئ، فهو اليوم بحاجة للتحفيز لاقتناء الكتب وبالتالي دعم الكاتب، وبالتالي فإن الشاعر العربي أمام مواجهة تحدي العزوف وانحسار عدد القراء الذي أصبح عددهم شحيحا للأسف.

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com