تاج الدين عبد الحق
تاج الدين عبد الحقرئيس تحرير موقع إرم نيوز

الصين.. شريك بلا شروط سياسية أو أجندات إيديولوجية

يخطئ مَن يرى في زيارة الرئيس الصيني "شي جين بينغ" للرياض، ومحادثاته مع المسؤولين السعوديين ولقاءاته بزعماء ومسؤولي دول المنطقة على هامش هذه الزيارة، تبدلاً في التحالفات، ولكنها يمكن أن تكون مظهراً من مظاهر حرب منافسة باردة تدور رحاها هذه المرة فوق منطقة هي الأكثر جاذبية، موقعاً، وموارد، ومستقبلاً.

فالسعودية لم تبدأ علاقاتها بالصين للتو، فقد تطورت هذه العلاقات خلال السنوات الماضية بشكل لافت، إن على صعيد تبادل الزيارات أو على صعيد الشراكة الاقتصادية والتبادل التجاري، فباتت الصين من أبرز شركاء المملكة تجاريا وتكنولوجيا، وأكبر المستوردين لنفطها ومواردها الهيدروكربونية.

وقد أظهرت التجربة الماضية أن الصين شريك مريح، فهو لا يفرض في علاقاته الخارجية أي شروط سياسية، وليس معنيا بنشر أي برامج إيديولوجية، خاصة أنه قد تخلى عن كثير من إيديولوجيته الشيوعية، وأشاع اقتصاد السوق داخل الصين نفسها، كرمى لعين التحديث الاقتصادي والتطور التكنولوجي.

احتفاء الرياض بالرئيس الصيني يحمل الكثير من الدلالات السياسية، لعل أبرزها أن أولويات المملكة تتركز اليوم في المصالح المشتركة والتي باتت فيها الصين لاعبا رئيسا، إن لم تكن اللاعب الأكبر فيها
أخبار ذات صلة
اتفاقات مبدئية بأكثر من 29.26 مليار دولار خلال القمة السعودية الصينية

من حيث الشكل، يتشابه احتفاء الرياض بضيفها الصيني، بالحفاوة التي لقيها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، حيث أعطته المملكة، وقتها، فرصةً للقاء زعماء المنطقة العربية، والعالم الإسلامي، في خطوة قيل يومها إنها جددت التزامات واشنطن تجاه المنطقة، بعد أن تهاوت تحت ضربات سياسة الرئيس الأسبق بارك أوباما، الذي لم يخف وقتها نيّته الخروج من المنطقة والالتفات لمناطق أخرى في العالم، قال عنها في ذلك الوقت إنها أكثر أهمية لمصالح واشنطن الأمنية وشراكاتها الاقتصادية.

احتفاء الرياض بالرئيس الصيني يحمل الكثير من الدلالات السياسية، لعل أبرزها أن أولويات المملكة تتركز اليوم في المصالح المشتركة، والتي باتت فيها الصين لاعبا رئيسا، إن لم تكن اللاعب الأكبر فيها.

الحفاوة تعكس أيضاً قدرة الرياض على التعامل بندية مع القوى الكبرى، بعيداً عن الاستنتاج بأن هناك استبدال للتحالفات وتغيراً في التوجهات؛ وهذا معناه أن الرياض توسع شبكة علاقاتها بعيداً عن أي أجندات سياسية مسبقة، وأي التزامات تؤثر على حركة سياساتها وأولوياتها واختياراتها.

وبهذا المعنى، فإن زيارة الرئيس الصيني قد تتمخض عن شراكة ممتدة على المستويين السياسي والاقتصادي، وهي شراكة لا يمكن أن تنجح وتستمر، إلا إذا كانت تلك الشراكة مستقرة وقابلة للتطور ومحكومة بالمصالح المشتركة الدائمة، لا المواقف السياسية الطارئة، كما أنها ستكون محكومة بالفرص الكثيرة كمًّا، والهائلة نوعًا.

لعلنا نذكر ما قاله الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، من أن الشرق الأوسط سيكون هو أوروبا الجديدة التي ستقود عملية التنمية والتطوير في العقود المقبلة
أخبار ذات صلة
العرب والصين في قمة تعزيز العلاقات.. والدفاعات الروسية "ضعيفة" أمام الهجمات الأوكرانية

كما أن السعودية بالنسبة للصين سوق واسعة، وساحة استثمار واعدة، خاصة في ضوء برنامج التحديث الاقتصادي الذي تنفذه المملكة حاليا، والذي سيغير حسب رؤية 2030 الكثير من المعطيات التي تفتح أفقا واسعا أمام برامج التطوير الداخلي والشراكات الخارجية.

على المستوى الإقليمي، فإن حرص الرياض على إشراك المحيط الإقليمي في هذا الحدث السياسي البارز نابع من رؤية الرياض بأن التطور الذي ينتظر المملكة خلال السنوات المقبلة لن يكون معزولاً عما يمكن أن يشهده الإقليم برمته.

ولعلنا نذكر هنا ما قاله الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، من أن الشرق الأوسط سيكون هو أوروبا الجديدة التي ستقود عملية التنمية والتطوير في العقود المقبلة.

الصين التي تتصيّد منذ سنوات كل مناسبة لتوسيع دائرة علاقاتها الاقتصادية وشراكاتها التجارية، تجد في قمم الرياض التي تحضرها فرصة ذهبية لا لفتح أسواق جديدة لصناعاتها، بل لخلق واقع اقتصادي في المنطقة يتلاءم مع طموحات الصين في أن تكون القوة الاقتصادية الرئيسية على مستوى العالم والشريك التجاري الأبرز لكثير من الدول في الإقليم.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com