قلق غربي من بوادر انضمام سلوفاكيا للمعسكر الشرقي
كشف تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، عن "قلَق" غربي من تفوق رئيس الوزراء السابق اليساري روبرت فيتسو، في الانتخابات البرلمانية في سلوفاكيا.
واعتبرت أن فوز فيتسو، الذي اتخذ خلال حملته الانتخابية مواقف مؤيدة لروسيا وتعهد بعدم إرسال "عيار ناري واحد" إلى أوكرانيا المجاورة، يُعد مؤشرًا على تراجع الدعم الأوروبي لكييف، مع استمرار الحرب وثبات خطوط المواجهة.
وحصل حزب (اتجاه-الديمقراطية الاجتماعية السلوفاكي) بزعامة فيتسو على نسبة 23.37% من أصوات الناخبين، وهو ما يضعه في صدارة نتائج الانتخابات، التي رفع الحزب خلال حملته فيها شعارات من أهمها وقف جميع شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا، وتوجيه اللوم إلى كييف والغرب باعتبارهما المسؤولين عن الحرب.
أمر صارخ
وبينت الصحيفة أنه من غير الواضح بعد ما هو طبيعة التحالف، الذي سيشكله فيتسو، الذي ربما ينحاز أكثر نحو البراغماتية، كما فعلت رئيسة وزراء إيطاليا اليمينية جيورجيا ميلوني، منذُ انتخابها العام الماضي.
وأوضحت أن "التحوّل" في سلوفاكيا الدولة الصغيرة، التي عرفت بتعاطفها مع روسيا تاريخيًا، يبدو أمرًا صارخًا ولافتًا في ظل حقيقة أن سلوفاكيا أول دولة زودت أوكرانيا بطائرات مقاتلة.
وأشارت الصحيفة إلى أن نتائج الانتخابات تزامنت مع ازدياد حالة الانزعاج والغضب في الولايات المتحدة وأوروبا من استمرار إرسال مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية لأوكرانيا، بدلًا من توجيه تلك الأموال إلى الأولويات المحلية.
وتحدثت الصحيفة عن رفض المشرعين الجمهوريين في مجلس النواب الأمريكي لقاء الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي في العاصمة الأمريكية واشنطن، الشهر الماضي، إلى جانب التوترات بين البيت الأبيض وكييف حول الاستراتيجية العسكرية الأوكرانية، التي بدأت تطفو على السطح، فيما بدأت دول أوروبا الوسطى، التي عرفت بمشاعرها المناهضة لروسيا، ومعاناتها تحت الحكم الشيوعي، بالنظر إلى الحرب الأوكرانية على نحو مختلف.
ويرى جاك روبنيك، الأستاذ في جامعة (ساينس بو) في باريس والخبير في شؤون المنطقة، أن ويلات الحرب ومشاكلها، تبدو حتى الآن أكثر وضوحًا في أوروبا الوسطى منها في أوروبا الغربية، مضيفًا أن سلوفاكيا تثبت بأن التهديدات المحدقة بها لن تدفعها إلى تكريس نفسها لدعم أوكرانيا.
تعاطف كبير
فيما توصل استطلاع للرأي أجرته شركة "جلوبسيك" في شهر آذار/مارس الماضي في أنحاء عديدة من أوروبا الوسطى والشرقية، إلى أن 51% من السلوفاكيين يعتقدون أن الغرب أو أوكرانيا هو المسؤول الأول عن الحرب، وهو أمر رجحت الصحيفة أن يكون فيتسو، الذي كان رئيسًا للوزراء حتى عام 2018، قد استغله لصالحه.
ونوهت الصحيفة إلى أنه مع إظهار كل من هنغاريا وسلوفاكيا وصربيا تعاطفًا كبيرًا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يمكن القول إن حالة المد والجزر في هذا الجزء من أوروبا، تغيرت بالفعل.
وحتى بولندا المعروفة بتأييدها الكبير لأوكرانيا، واستضافتها أكثر من 1.5 مليون لاجئ أوكراني، فقد أعلنت مؤخرًا إغلاق حدودها أمام واردات الحبوب الأوكرانية ذات السعر المنخفض، كما كان هناك بعض "التمتمات" حول احتمال خروج بولندا من الاتحاد الأوروبي، رغم أنها فكرة بعيدة الاحتمال، لكنها تشير إلى التوترات، التي بدأت تغذيها الحرب في أوروبا.
وتطرقت الصحيفة إلى الانعكاسات في أوروبا الغربية، حيثُ وجد استطلاع أجراه صندوق "مارشال" الألماني، أن نسبة تأييد عضوية أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي بلغت في فرنسا 52%، وفي ألمانيا 49%، فيما أيد فقط 45% من الألمان انضمام أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي "الناتو".
ولفتت إلى أن الأصوات والرسائل الواضحة، التي تدعو الرئيس زيلينسكي للتوصل إلى اتفاق مع بوتين أصبحت تتزايد، حسبما يرى المراقبون، لكن بعد التضحيات العظيمة التي قدمها الشعب الأوكراني دفاعًا عن بلده، يبدو هذا الأمر أصعب شيء يمكن أن يفكر به الرئيس الأوكراني في الوقت الراهن.
وأكدت الصحيفة أن تصويت بلد مجاور لصالح مرشح تعهد بعدم إرسال رصاصة نارية واحدة من الذخيرة إلى أوكرانيا، سيزيد حتمًا الضغوط على القيادة الأوكرانية، وسيحمل معه المزيد من المشاكل للاتحاد الأوروبي، الذي تعصف به الانقسامات الداخلية المرشحة للتفاقم بعد الانتخابات البولندية، إلى جانب القلق الأوروبي من عودة محتملة لدونالد ترامب إلى البيت الأبيض بعد سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2024.
المصدر: صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية