نتنياهو وبايدن خلال لقاء جمعهما في تل أبيب
نتنياهو وبايدن خلال لقاء جمعهما في تل أبيبرويترز

واشنطن وتل أبيب.. خلاف أم تضارب مصالح انتخابية؟

يحمل الاختلاف في وجهات النظر بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخارج الحرب في غزة، قراءات تتراوح بين اعتبارها خلافاً صريحاً وبين من يرى أنها مصالح متضاربة لكل طرف في علاقة بمستقبلهما السياسي.

لكن الثابت أنّ هذا الخلاف أو التضارب لا ينتقص شيئاً من الموقف الأمريكي التاريخي تجاه إسرائيل، رغم "الصفعة التحذيرية" من إدارة بايدن.

فقرار مجلس الأمن الأخير حول الحرب على غزة لا يقدم ولا يؤخر ولم يحدث أي فارق على الأرض وهو غير ملزم لإسرائيل ولا توجد أدوات لتنفيذه خصوصا أنه خارج نطاق الفصل السابع. لكن الموقف الأمريكي الذي لم يصوت مع القرار ولم يستخدم حق "الفيتو" يعبّر عن حقيقة المناكفات بين نتنياهو وبايدن وأنها بمثابة صفعة تحذيرية لنتنياهو وإن لم تغير من الواقع شيئا.

خلاف في التفاصيل

كما أن الاختلاف بين الرجلين ليس على اجتياح رفح أو عدمه بل هو على كيفية التنفيذ، فالأمريكان يريدونها عملية محدودة سريعة مركزة على أهداف معينة، وإسرائيل تريدها شاملة طويلة المدة لتكون بوابة إعلان النصر على "حماس".

تاريخيا يبدو جليا أن مراهنة أي من الأطراف في المنطقة سواء "حماس" أو إيران أو أي طرف آخر على الخلافات أو الاختلافات بين واشنطن وتل أبيب بالضرورة هو رهان خاسر، فالواقعية السياسية ولغة المصالح الإستراتيجية العليا هي التي تحكم العلاقة بين الطرفين بعيدا عن الثقافة السياسية في الشرق الأوسط التي تغلفها العواطف والتحليلات البعيدة عن الواقع في أغلب الأحيان.

ونستدل على هذه الحقيقة والواقع السياسي من خلال تاريخ العلاقات بين البلدين التي امتدت طوال سبعة عقود منذ إنشاء دولة إسرائيل حيث كانت الولايات المتحدة أول دولة تعترف بإسرائيل كدولة مستقلة في عام 1948. وساندت ودعمت أمريكا إسرائيل في جميع الظروف والحروب منذ العدوان الثلاثي عام 1956 وحرب 1967 وحرب 1973 مرورا بحروبها في غزة وآخرها الحرب الحالية على قطاع غزة.

أخبار ذات صلة
"الخطوط الحمراء" حول غزة تشعل سجالا متصاعدا بين بايدن و نتنياهو

ويعود ذلك إلى قوة اللوبي اليهودي في أمريكا وتأثيره الكبير داخل الحزبين الحاكمين (بالتداول) الجمهوريين والديموقراطيين وداخل الإدارة الأمريكية في جميع قراراتها المتعلقة بالمنطقة حيث يتنافس المرشحون والرؤساء الأمريكيون على إظهار الولاء والدعم المطلق لإسرائيل أقوالا وأفعالا وبشكل علني.

مبدأ إستراتيجي

ويُضاف إلى ذلك أنّ أحد أهم مرتكزات السياسة الخارجية الأمريكية بحسب وثائق وزارة الخارجية الأمريكية على مواقعها الرسمي تشير إلى أن البيت الأبيض يتبنى إستراتيجية معلنة على مدار عشرات السنين تهدف إلى ضمان التفوق العسكري النوعي لإسرائيل على جميع دول المنطقة، وهو أحد مبادئ السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وهذه السياسة منصوص عليها في القانون الأمريكي وتتلقى بموجبها إسرائيل مليارات الدولارات سنويا إضافة إلى أحدث الأسلحة والتقنيات العسكرية المتطورة، كان أحد أمثلتها منظومة الدفاع الجوي المتطورة (القبة الحديدية) في إسرائيل.

ولا يختلف المشهد الحالي في الحرب على غزة ولا يخالف النسق التاريخي ومبدأ الدعم الأمريكي لإسرائيل سياسيا وعسكريا واقتصاديا؛ فمنذ أحداث السابع من أكتوبر حركت إدارة بايدن أساطيلها البحرية وقدراتها النووية باتجاه المياه الإقليمية الإسرائيلية وفتحت خطوط إمداد الذخائر والأسلحة. وسياسيا أعاقت الولايات المتحدة كل محاولات الدول الأعضاء في الجمعية العامة ومجلس الأمن في الأمم المتحدة باستصدار قرار لوقف الحرب أو حتى إدانة إسرائيل بارتكاب جرائم حرب.

أخبار ذات صلة
نتنياهو: بايدن مخطئ وسياستي تحظى بتأييد غالبية الإسرائيليين

وقد طفت خلافات في وجهات النظر بين الطرفين جراء تضارب المصالح الشخصية بين نتنياهو الذي يدفعه إنقاذ مستقبله السياسي و أعضاء حكومته من اليمين المتطرف ومحاولته التخلص من القضايا التي تنتظره بتهم تتعلق بالفساد إلى إطالة أمد الحرب على غزة لأطول فترة ممكنة، وبين مصالح الرئيس الأمريكي، مرشح الحزب الديمقراطي، الذي يريد إنهاء الحرب بأسرع وقت ممكن والذي يواجه تنافسا صعبا وشرسا مع الجمهوريين ومرشحهم دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي السابق الذي كان أول رئيس أمريكي ينفذ قرار وسياسة الإدارة الأمريكية بالاعتراف قبل حوالي أربع سنوات بالقدس عاصمة لإسرائيل.

وسيبقى "الصدام" بين الطرفين قائما نتيجة اختلاف النهاية المرغوبة لكل طرف، بايدن وحزبه الديمقراطي يسعيان إلى الانتهاء من ملف حرب غزة للتفرغ والدخول في سباق الانتخابات الرئاسية بهدوء والتخلص من الملفات المعقدة الأمريكية الداخلية والخارجية، وعلى رأسها الحرب على غزة التي وضعت إدارة بايدن تحت ضغط سياسي وشعبي داخلي ودولي قد يكلف حزبه خسارة موقع الرئاسة.

بينما يمثل التصعيد وإطالة أمد الحرب طوق النجاة لليمين المتطرف الإسرائيلي ونتنياهو شخصيا، لكن لن يؤثر هذا الصدام السياسي على حقيقة مجريات الأمور على الأرض في الحرب على غزة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com