أحد أعضاء الصليب الأحمر يساعد مهاجرًا بعد النزول من سفينة تابعة لخفر السواحل الإسباني.
أحد أعضاء الصليب الأحمر يساعد مهاجرًا بعد النزول من سفينة تابعة لخفر السواحل الإسباني.رويترز

"ميثاق الهجرة واللجوء" الأوروبي.. هل ينصف اللاجئين أم يفاقم معاناتهم؟

صوّت أعضاء البرلمان الأوروبي في بروكسل، أخيرًا، لصالح "ميثاق الهجرة واللجوء" الجديد، الذي يتضمن تعديلات واسعة على سياسات الهجرة الأوروبية، بعد نقاشات حادة بدأت منذ نحو 4 سنوات.

وتعرَّض الميثاق، منذ تمريره قبل يومين، للكثير من الانتقادات، وسط مفارقة واضحة بشأنه، ففي حين تنتقده المنظمات الحقوقية باعتباره متشددًا و"مصممًا لزيادة معاناة المهاجرين"، فإن بعض أحزاب اليمين المتطرف الأوروبية تراه "مرنًا ومتساهلاً" وغير كافٍ للحد من تدفق المهاجرين.

وتباينت ردود الفعل على الميثاق، كذلك، بخصوص آليات التطبيق، ففي حين رأى البعض أن الاتفاقية خطوة مهمة نحو التضامن والاستجابة الأوروبية المنسقة لتحديات الهجرة، أعرب آخرون عن مخاوفهم بشأن سبل التنفيذ العملي ومدى مواءمة الإجراءات المرتقبة مع قيم القارة العجوز.

أبرز البنود

ويعتمد الميثاق الجديد نهجًا صارمًا، ويسعى إلى أن يكون فعالاً على المدى الطويل لمعالجة تدفق اللاجئين، إذ ينص على تعزيز المراقبة على الحدود، وإنشاء مراكز مؤقتة لإعادة أولئك الذين لا يحق لهم اللجوء إلى بلدانهم بسرعة أكبر.

ومن المتوقع تأمين حوالي 30 ألف مركز حدودي لاستقبال ما مجموعه 120 ألف مهاجر سنويًا، ويحافظ النظام الجديد على المبدأ العام المعمول به والذي بموجبه يكون البلد الأول الذي يدخله طالب اللجوء في الاتحاد الأوروبي مسؤولاً عن درس ملفه.

كما يتضمن الميثاق آلية للتضامن الإلزامي بين الدول الأعضاء تعود بالفائدة على الدول المعرضة لضغوط الهجرة، بحيث يتم تخفيف العبء عن دول الوصول التقليدية، مثل: إيطاليا، واليونان، وإسبانيا، بإعادة توزيع المهاجرين والدولة التي ترفض استقبالهم تدفع أموالاً مقابل الرفض.

ويسمح الميثاق كذلك بإبعاد طالب اللجوء إلى "دولة ثالثة آمنة"، وهذا يعني أنه يمكن رد الملف باعتبار أن طالب اللجوء مرَّ عبر بلد ثالث يعد "آمنًا"، حيث كان بإمكانه تقديم طلب حماية.

ويحث الميثاق على زيادة الاتفاقيات مع بلدان المنشأ والعبور للمهاجرين، مثل: تونس، وليبيا، وموريتانيا، ومصر، وتركيا.

وجاء التصويت على الميثاق بعد أن سجل، العام 2023، وصول 1.14 مليون مهاجر، وهو العدد الأكبر منذ 2016، بحسب وكالة الحدود الأوروبية "فرونتكس".

أخبار ذات صلة
وضع طالبي لجوء في غرف مشتركة يعرض حكومة بريطانيا لعاصفة انتقادات

انتقادات

ويرى الخبير جان لوي دو بروير، ومدير برنامج الشؤون الأوروبية في معهد إيغمون "Egmont" في بروكسل أن الميثاق ينطوي على "آلية بيرقراطية وتكنوقراطية بشكل مذهل".

وشكك دو بروير بمستقبل الميثاق وإمكانية الدول الأعضاء من تطبيقه، حيث إنها "تسير نحو نظام أكثر تعقيدًا"، بحسب تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية.

من جانبها، وكرد فعل فوري على تبني الميثاق، رأت منظمة "سي ووتش" الألمانية لإنقاذ المهاجرين في المتوسط، أن الميثاق يمثل: "الانحناء للفاشيين، والحكم بالإعدام على المزيد من المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط، وتطبيع العنف على الحدود، وإلغاء حقوق أولئك الذين يتنقلون!".

وسارعت نحو 160 منظمة حقوقية، بينها "هيومان رايتس ووتش"، ومنظمة العفو الدولية أمنستي وأوكسفام، ولجنة الإنقاذ الدولية، إلى التنديد بالميثاق مبدية قلقها حيال انتهاك الميثاق لحقوق المهاجرين.

أخبار ذات صلة
اتفاق يُلزم الدول الأوروبية دفع 20 ألف يورو عن كل طلب لجوء يُرفض

قطع الطريق أمام اليمين المتشدد

من المعروف أن الأحزاب اليمينية المتطرفة في بعض الدول الأوروبية استغلت ظاهرة اللجوء، ونجحت في الربط بين ارتفاع تكاليف الحياة، ونقص المساكن، والجريمة، وغير ذلك من العلل الاجتماعية مع تزايد أعداد طالبي اللجوء.

وحققت هذه الأحزاب نتائج جيدة في الانتخابات مستغلة مسألة اللجوء، مثل: حزب البديل من أجل ألمانيا، وحزب الحرية النمساوي، وحزب التجمع الوطني في فرنسا.

ووفقًا لخبراء، فإن هذا الواقع دفع سلطات الاتحاد الأوروبي وأحزاب الوسط لقطع الطريق أمام صعود اليمين المتطرف، والبحث عن حلول تنتزع ورقة اللجوء من يد تلك الأحزاب، الأمر الذي حتَّم التوصل إلى تسوية في البرلمان الأوروبي والذي تمثل في ميثاق الهجرة واللجوء.

وكانت نانسي فيزر وزيرة داخلية ألمانيا، وهو البلد الذي يستقبل أكبر عدد من اللاجئين بين دول الاتحاد الأوروبي، أعربت عن رضاها حيال هذا الميثاق.

وقالت الوزيرة إن ألمانيا تسعى إلى إنهاء الموت في البحر المتوسط، والأوضاع الخارجة عن القانون، والفوضوية عند الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، ولفتت إلى أنه لا يمكن تحقيق هذين الأمرين سوى عن طريق التوصل إلى حلول أوروبية قابلة للتطبيق، في إشارة الى الميثاق.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com