دور إيراني قلما يذكر.. نفوذ طهران المتنامي في أفغانستان لجني ثمار التدخل الأمريكي
دور إيراني قلما يذكر.. نفوذ طهران المتنامي في أفغانستان لجني ثمار التدخل الأمريكيدور إيراني قلما يذكر.. نفوذ طهران المتنامي في أفغانستان لجني ثمار التدخل الأمريكي

دور إيراني قلما يذكر.. نفوذ طهران المتنامي في أفغانستان لجني ثمار التدخل الأمريكي

يكثر الحديث عن نفوذ لإيران في العراق وسوريا ولبنان، ولكن الأمر الذي قلما يُذكر، هو دور طهران المتنامي في أفغانستان البلد الذي تتمتع بعلاقات ثقافية ودينية ولغوية قوية مع أبناء شعبه.

وتعمقت مشاركة إيران في أفغانستان خلال العقود الأخيرة، إذ دعمت مختلف الجماعات المسلحة خلال الحرب الأهلية الأفغانية منذ أوائل التسعينيات.

وتعد إيران وطالبان خصمين طبيعيين، إذ إن إيران دولة ذات أغلبية شيعية ساحقة بينما طالبان جماعة سنية متشددة. وفي التسعينيات، أقامت حركة طالبان مذابح واضطهدت أعضاء من أقلية الهزارة الشيعية في أفغانستان.

وفي العام 1998 اقتحمت طالبان القنصلية الإيرانية في مدينة مزار شريف شمال أفغانستان؛ ما أسفر عن مقتل تسعة دبلوماسيين. وقد قامت طهران، رداً على ذلك، بحشد مئات الآلاف من الجنود على حدودها الشرقية.

الدعم الإيراني لأمريكا

وفي هذا السياق، ليس من المستغرب أن تدعم إيران الحرب الأمريكية ضد طالبان في عام 2001. إذ قدمت طهران المساعدة العسكرية والاستخباراتية وطردت تنظيم القاعدة وغيره من المسلحين السنة عن أراضيها بناء على طلب الولايات المتحدة.

وفي مؤتمر بون الذي عقد في أواخر عام 2001، للتوسط لإنشاء الحكومة الأفغانية الجديدة، نجحت إيران في إقناع التحالف الشمالي بدعم حامد كرزاي الذي تؤيده الولايات المتحدة كرئيس للبلاد.

بيد أن التعاون الأمريكى الإيراني انتهى في عام 2002 عندما ضم الرئيس جورج بوش إيران إلى "محور الشر"، وأدى الغزو اللاحق للعراق في عام 2003 والاحتلال الطويل الأمد لأفغانستان إلى جعل إيران التي أصبحت محصورة بين القوات الأمريكية على كلا الجانبين أكثر عدوانية، وحينها بدأت طهران تلقي بثقلها وراء حركة طالبان لمواجهة ما تعتبره وجوداً عسكرياً أمريكياً معادياً.

ويبدو أن هذا الدعم ازداد بمرور الوقت، إذ انقلبت التحالفات وباتت طالبان تتلقى التمويل والأسلحة من طهران كما تملك مكتباً في إيران كما يرجح أن يكون للحركة معسكرات تدريب هناك أيضاً.

وعندما قتل أمير طالبان السابق الملا منصور في غارة جوية أمريكية من طائرة دون طيار في باكستان عام 2016، أظهر جواز سفره وجود عدة طوابع إيرانية.

ويشار إلى أن طهران عززت علاقاتها مع حركة طالبان بعد عام 2014، عندما ظهر "داعش" في أفغانستان. وتعارض حركة طالبان تنظيم "داعش" المنشق عن فكرها، فيما ترى إيران أن الحركة هي حصنها الحامي من "داعش". كما بدأت روسيا التي تتقاسم العداء الإيراني لداعش، في دعم طالبان بشكل علني، ووفقا للجيش الأمريكي، قد تزود روسيا الحركة بالأسلحة.

ومن المحتمل أن تراهن إيران وروسيا على منح حركة طالبان دورا أكبر في السياسة الأفغانية، حيث فقدت حكومة كابول المتهمة بالفساد والمقسمة جزءا من أراضيها وتسيطر على أكثر من نصف البلاد فقط. ويبدو أن نوعاً من اتفاق لتقاسم السلطة مع حركة طالبان هو أمر لا مفر منه. وقد تحاول إيران تعظيم نفوذها في المستقبل السياسي لأفغانستان.

علاقات إيران الانتهازية

بناءً على ما سبق يبدو أن انحياز طهران مع طالبان عملي إلى حد كبير وليس مبنيا على تقارب أيديولوجي جديد وفقا لمحللين.

واحتضنت إيران جماعات سنية في السابق أمثال حركة حماس، كما كانت تملك علاقات متوترة في السابق مع تنظيم القاعدة. وتتبع إيران سياسة خارجية أكثر مرونة وانتهازية مما يقترحه مفهوم التقسيم الإقليمي المبني على الأساس الطائفي الشيعي أو السني.

لكن نفوذ إيران في أفغانستان له أبعاد أعمق من دعمها لطالبان. إذ إنها أوجدت ميليشيا "الفاطميين" الشيعية والتي قوامها لاجئون أفغان في إيران.

ووظفت هذه الميليشيات التي تضم ما يصل إلى 14 ألف رجل للقتال إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد في سوريا.

ولكن عندما ينتهي الصراع السوري يخشى من أن تتمكن إيران من إعادة توجيه "الفاطميين" للعمل في أفغانستان.

وتفرض سياسات اللاجئين الإيرانية ضغوطاً كبيرة على حكومة كابول. ويوجد ما يصل إلى مليون لاجئ أفغاني في إيران وفقاً لتقارير الأمم المتحدة وتزايدت عمليات الترحيل إذ تمت إعادة أكثر من 100 ألف لاجىء هذا العام حتى الآن لأفغانستان ومن المقدر بحسب خطط الحكومة الإيرانية أن يصل العدد إلى 600 ألف لاجئ بحلول نهاية عام 2017.

لذلك تعاني أفغانستان باقتصادها الضعيف في محاولة لاستيعاب هذا العدد الهائل من الناس إضافةً إلى الأعداد الهائلة من اللاجئين العائدين من باكستان.

مخدرات أفغانستان تمر عبر إيران

كما أن المشكلة تتفاقم تتفاقم جراء المخدرات التي يُقدر أن 90% من الهيروين في العالم يأتي من أفغانستان وأغلبه يتم تهريبه من خلال إيران. وتملك إيران اهتماماً كبيراً في تقييد تدفقات المخدرات نظراً لمشاكلها الداخلية المتعلقة بالمخدرات.

ويقال أنه يوجد 2.7 مليون مدمن على المخدرات في إيران، ومعظمهم من متعاطي الهيروين. وتتلقى طالبان الكثير من تمويلها من تجارة المخدرات وستكافح الحكومة الأمريكية والأفغانية في محاولة الحد من ذلك دون مساعدة إيران.

كما تعد المياه عاملا مهماً، حيث بين كابول وطهران اتفاق لتقاسم المياه يتيح الوصول إلى نهر هلمند الذي يتدفق إلى شرق إيران. غير أن توترات اندلعت أخيرا بين البلدين بسبب ما يدعيه الرئيس الإيراني حسن روحاني ببناء سدود تحد من إمدادات المياه بشكل غير عادل. فيما يتهم المسؤولون الأفغان إيران برعاية هجمات طالبان المتكررة ضد مشاريع السدود.

واستخدمت الجمهورية الإسلامية -أيضاً- القوة الناعمة لتعزيز نفوذها في هرات، من خلال بناء المدارس والعيادات والبنية التحتية للنقل، ومولت واحدة من أكبر المدارس في البلاد في كابول.

وعلاوة على ذلك، ترتبط طهران بأقلية الهزارة الشيعية الكبيرة في أفغانستان وممثليها السياسيين، جنباً إلى جنب مع الزعماء الدينيين المحليين مثل آية الله العظمى الشيخ محمد آصف محسني.

وعلاوةً على ذلك، لدى إيران مصالح اقتصادية قوية في أفغانستان. ففي عام 2016، قامت بتجاوز باكستان لتصبح أكبر شريك تجاري مع أفغانستان من حيث التزويد بالنفط والكهرباء والغذاء والأدوية.

وفي المقابل، تصدّر أفغانستان القليل، وهذا التفاوت التجاري يمنح إيران نفوذاً مهماً، ففي عام 2010-2011، قامت طهران بوضع قيود على صادرات الوقود في محاولة واضحة للضغط على الولايات المتحدة.

التدخل الأمريكي ونتائجه العكسية

وفي ظل هذا الوضع من المرجح أن ينتهي التدخل الأمريكي بتسليم أفغانستان للحضن الإيراني تماما كما حدث بعد الغزو الأمريكي للعراق.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com