"مشروع سد" يهدد بإشعال نزاع على المياه بين أفغانستان وإيران
"مشروع سد" يهدد بإشعال نزاع على المياه بين أفغانستان وإيران"مشروع سد" يهدد بإشعال نزاع على المياه بين أفغانستان وإيران

"مشروع سد" يهدد بإشعال نزاع على المياه بين أفغانستان وإيران

تعتزم الحكومة الأفغانية بناء سد في ولاية "نيمروز"، إحدى أقل الولايات تنمية في البلاد، بهدف تعزيز الزراعة ليسهل العيش في المنطقة التي تعتمد في مصادر دخلها على تهريب المخدرات والبشر.

وتعد المياه أحد الموارد الأفغانية غير المستغلة، على الرغم من أن أرضها الخصبة تبلغ مساحتها 8 ملايين هكتار، المستغل منها في الزراعة فقط  2 مليون هكتار، في حين أن أفغانستان تستورد 80% من حاجتها للكهرباء.

إيران تسعى للتخريب

وقال مدير المشروع محمد نبي، إن السد الذي يدعى "كمال خان" باستطاعته ري 175 ألف هكتار من الأراضي، أي ما يساوي حجم مدينة لندن.

إلا أن مشروع السد قد يُغضب الجارة إيران، التي تشعر بالقلق من مدى بطء جريان نهر "هلمند" الأفغاني على حدودها. بينما يتهم مسؤولو نيمروز إيران بالدفع لمجموعات طالبان المحلية لتخريب المشروع.

 ونقلت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية خلال زيارتها للولاية، عن علي أحمد وهو أحد رجال الشرطة المحلية الذين يحرسون موقع مشروع السد، قوله إنه "عند البدء بالعمل على السد سيزيد الأمن سوءاً"، مضيفا: "لن تسمح لنا إيران ببناء السد. لكننا مستعدون للقتال".

ووفق الصحيفة، عمدت  إيران وحركة طالبان في السابق لعرقلة مشاريع التنمية في المنطقة، فيما كانت المياه تعد أحد جوانب المعركة. وعندما كانت حركة طالبان في السلطة، كانت تغلق قنوات تدفق المياه في سد "كاجاكي" بولاية "هلمند" ما أدى إلى انقطاع إيران عن المياه من عام 1998 إلى 2001. وكان لهذا آثار بيئية مدمرة عقب تزامنه مع الجفاف، حيث جفت الأراضي الرطبة؛ ما قاد إلى هجرة السكان الذين يعيشون هناك. وفي عام 2001 وبعد انسحاب طالبان، طلبت إيران من الأمم المتحدة دفع أفغانستان لتطلق "سراح" المياه مرة أخرى.

لكن منذ عام 2001، طورت إيران وحركة طالبان علاقة عملية بينهما. وأشار حاكم ولاية "نيمروز" محمد سامي إلى أنه عندما قتلت طائرة أمريكية دون طيار زعيم طالبان الملا أختر منصور في شهر أيار/ مايو على أحد الطرق السريعة الباكستانية بعد أن كان عائداً من إيران، كان الدعم الإيراني لطالبان واضحاً "مثل ضوء الشمس" على حد تعبيره، ولم يذكر تفاصيل أخرى.

وتحظى العلاقات بين إيران وحركة طالبان بالكثير من التوثيق الجيد رغم أنها كانت سرية في الغالب. لكن في شهر كانون الأول/ ديسمبر أصدرت إيران دعوة عامة غير مسبوقة لحركة طالبان لحضور مؤتمر إسلامي في طهران.

وفي مؤتمر صحفي أمام الكونغرس في كانون الأول/ ديسمبر، اتهم القائد الأعلى لقوات الولايات المتحدة في أفغاستان جون نيكولسون إيران بدعم حركة طالبان.

وفي عام 2011، ادعى قائد في حركة طالبان ألقي القبض عليه بأنه تلقى 50 ألف دولار وتدريبًا عسكري في إيران لتخريب سد كمال خان.

ووجه مسؤولون من أماكن أخرى في أفغانستان اتهامات مماثلة لإيران، مؤكدين أن  طهران كانت تقف وراء اغتيال رئيس الشرطة في ولاية "هراة" عام 2010، والتي تعد موطناً لسد آخر في أفغانستان.

 المخدرات

وينبع نهر هلمند من سسلسة جبال "هندو كوش" القريبة من كابول ويتدفق مسافة 700 ميل جنوباً قبل أن يصب في أراضي هامون الرطبة على الحدود الإيرانية الأفغانية. وخلال تدفقه يمر النهر بشاهار برجاك وسد كمال خان.

أما الوصول إلى منطقة سد كمال خان فهو ليس سهلاً ويتطلب السفر لمدة ساعتين عبر السيارة من "زرنج"، عاصمة ولاية نيمروز عبر أراض وتضاريس صعبة تخلو من الطرق الممهدة واللافتات وغالباً ما يتم المرور بعواصف رملية.

في حين تعد نيمروز ملاذاً للمهاجرين ومهربي المخدرات الذين يسافرون متخفين بالرياح الرملية التي تجعل الرؤية شبه معدومة.

وتم تشييد أول مرحلتين من السد، في حين أن المرحلة الثالثة التي تتضمن تركيب توربينات ومحطة توليد كهرباء وحفر مئات الأميال من القنوات فلم تبدأ بعد، وهي تكلف نحو 100 مليون دولار، إذ من المقرر الانتهاء من بناء السد في غضون أربع سنوات.

ويحرس منطقة السد، المهجور حاليا،  300 شرطي، ويقر المسؤول الأمني فضل أحمد زوري أن القوة الموجودة هي قوة كبيرة لكنها ضرورية.

وفي العام الماضي، هاجم 60 مقاتلا من حركة طالبان يركبون شاحنات صغيرة نقطة تفتيش للشرطة، بحسب ما ذكره القائد حكمت الله في نقطة التفتيش تلك. وكان رجاله محظوظين حيث لم يصابوا سوى ببضعة جروح، إلا أنه يتوقع أن يشتد القتال تزامناً مع تسريع العمل على السد.

وكانت المياه مصدر للخلاف منذ عقود عديدة إلا أن النزاع ازداد في السنوات الأخيرة حيث وجهت أفغانستان جزءاً من المساعدات الدولية التي تتلقاها نحو مشاريع التنمية.

وفي الواقع، وقعت الدولتان المجاورتان على اتفاقية لمشاركة المياه منذ عام 1973 ما يلزم أفغانستان بتوجيه ما لا يقل عن 22 مترا مكعبا في الثانية نحو إيران سنوياً. واتهمت كلتا الدولتين الأخرى بانتهاك المعاهدة.

وفي شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2015، صرّح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عندما طالبه البرلمانيون بضرورة مطالبة أفغانستان بتمرير المزيد من المياه، أن التزام أفغانستان بالمعاهدة كان بشكل "غير كاف وغير ثابت". وفي الوقت نفسه، أكد المتحدث باسم وزارة الطاقة والمياه الأفغانية عبد البصير عزيمي أن أفغانستان تعتزم تطبيق المعاهدة.

ووفقاً لأندرو سكانلون، المندوب القطري لأفغانستان ضمن برنامج الأمم المتحدة للبيئة "Unep"، فإن المياه ومن دون شك تملك إمكانيات هائلة للمساهمة في التنمية المستدامة في نيمروز. لكنه قال إن " المشكلة الأساسية هي المفاوضات السياسية".

ولا يلقي محافظ نيمروز بالاً للتهديد المحتمل من إيران، ويقول: "هذا حقنا، إن كنا نملك المياه، سيتغير مناخ المنطقة. إن كانت إيران غير سعيدة فالأمر متروك لها".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com