تغيّر في بروباغندا داعش.. تحوّل من الجلّاد إلى الضحية بعد ظهور "كانتلي" (فيديو)
تغيّر في بروباغندا داعش.. تحوّل من الجلّاد إلى الضحية بعد ظهور "كانتلي" (فيديو)تغيّر في بروباغندا داعش.. تحوّل من الجلّاد إلى الضحية بعد ظهور "كانتلي" (فيديو)

تغيّر في بروباغندا داعش.. تحوّل من الجلّاد إلى الضحية بعد ظهور "كانتلي" (فيديو)

أكد محللون سياسيون، أن الفيديو الأخير الذي نشره تنظيم داعش والذي يظهر الصحفي ومصور الحرب البريطاني المختطف جون كانتلي، يشير إلى تحول واضح في بروباغندا التنظيم مع فقدانه للمزيد من الأراضي التي كان يسيطر عليها.

وفي تفاصيل الفيديو الذي نشره داعش هذا الأسبوع، يظهر كانتلي وهو يقف أمام ما وصفه بجسر متضرر على نهر دجلة يربط بين شرق وغرب معقل التنظيم المتطرف الأخير بالعراق؛ ومعقله في الموصل. وذكر خلال الفيديو أيضًا، أن 3 جسور أخرى دمرت بواسطة الغارات الجوية ولم يتبق الآن سوى واحد.

ويظهر في خلفية الفيديو، دخان أسود متصاعد بينما يحاول أشخاص العبور من حطام الجسر. ويقول كانتلي خلال الفيديو، "باستطاعتكم مشاهدة الفوضى المطلقة التي يخلقونها، عليكم أن تسألوا أنفسكم: إذا كانت حرب التحالف تستهدف المجاهدين لماذا يقومون بشنها ضد مسلمي الموصل؟".

ووفقًا لصحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية، أصيب بعض المحللين بالصدمة من الفيديو الذي لم يتم التحقق من محتواه بشكل مستقل، وأشاروا إلى تحول في نبرة الفيديو عما سبقه من فيديوهات  لداعش ظهر فيها كانتلي، حيث صور التنظيم في السابق على أنه لا يقهر، بينما أظهر الفيديو الحالي صورًا لبنى تحتية مدمرة إثر محاربة التنظيم للقوات العراقية المدعومة من الولايات المتحدة.

وذكر ديفيد غارتنستين-روس، وهو زميل باحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومقرها واشنطن أنه، "في العام الماضي كان كانتلي يقول خلال الفيديو إن داعش تنظيم لا يمكن إيقافه وأن على الغرب التفاوض معهم، أما الآن فهو يقف أمام جسور مدمرة".

وبيّن غارتنستين-روس، أن الفيديو يجسد تحولا في تصوير قادة تنظيم داعش أنفسهم على أنهم مجموعة لا تقهر إلى لعبهم دور الضحية إثر خسارتهم لمعقلهم في الموصل التي سيطروا عليها عام 2014 وغيرها.

وقال روس، إن قادة التنظيم  تحول شعارهم من "لا يمكن وقف داعش" إلى "أنتم تدمرون بنيتنا التحتية وتؤذون المدنيين الأبرياء".

تراجع البريق

وبحسب مجموعة IHS لمراقبة النزاعات والتي تراقب الصراع في العراق وسوريا، كانت داعش تسيطر في ذروتها على 40% من أراضي العراق لكن التنظيم أصبح الآن يسيطر على 10% فقط منها،  وأن "خلافة" داعش المزعومة تقلصت على الأقل 16% هذا العام. وذكر روس، أن التنظيم لم يسيطر على أية مناطق جديدة منذ شهر مايو/ أيار من العام 2015.

وبعد الهجوم بقيادة الحكومة العراقية لاستعادة الموصل والذي بدأ في 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تحركت القوات العراقية سريعًا لتطويق ودخول النصف الشرقي من المدينة، ويبدو أنهم يحرزون تقدما بطيئا ضد المتشددين واستعادوا السيطرة مؤخرًا على معسكر تدريب ومستشفى.

وأوضح غارتنستين روس، أن المتشددين، "يخسرون على أرض المعركة، ومن الصعب الاحتفاظ بشعار أنك لا يمكن إيقافك، وهو شعار يتبناه الفائز، بينما لم تسيطر على أية أراض جديدة".

ووفقًا لدراسة نشرها باحثون حول "الإرهاب" في الأكاديمية العسكرية الأمريكية المعروفة أيضًا بـ"ويست بوينت"، لم يبتعد تنظيم داعش فقط عن بروباغندا الترويج لنفسه على أنه بيروقراطية أو "خلافة" فاعلة، بل أيضًا غربل من إخراجه  ليركز على الضرر الناجم عن الهجمات الغربية.

تقلّص النشر الدعائي

ووفقًا لدراسة "ويست بوينت" أصدر الذراع الإعلامي لتنظيم داعش أكثر من 700 قطعة تروج لبروباغنداه في العراق وسوريا ودول أخرى في أغسطس/آب عام 2015. وبعد عام واحد، انخفض عدد إصداراته لــ 200 قطعة فقط.

ووجدت الدراسة أيضًا أنه خلال نفس الفترة، تضاعفت حصة المواد الدعائية لداعش التي تركز على موضوعات عسكرية لتصل 70% متفوقةً بذلك على حصة مواضيع تتعلق بالحكم والتجارة وغيرها  من جوانب الحياة المدنية.

وأكدت ريتا كاتز، مديرة مجموعة "SITE" الاستخباراتية التي تراقب نشاط تنظيم داعش وغيرها من الجماعات المتشددة، وموقعها واشنطن، أن الفيديو الأخير أنتج مؤخرًا وتحديدًا بعد تدمير 4 من الجسور الخمسة في الموصل في أواخر الشهر الماضي، وقبل الغارة الجوية الأخيرة التي شنت هذا الأسبوع. وشاهدت كاتز ازديادا في شعبية كانتلي بين الجهاديين على الإنترنت منذ أن ألقي القبض عليه قبل 4 أعوام في سوريا.

وأشارت كاتز، أن داعش لا يعلن في كثير من الأحيان عن مسؤوليته عن عملية اختطاف أو يكشف عن هوية رهائنه على الفور، إلا أنه من بين الرهائن الذين تم التعرف على هوياتهم، يعد كانتلي أطولهم احتجازًا، حيث ذبح الصحفي الأمريكي جيمس فولي الذي اعتقل مع كانتلي وكان يبلغ من العمر 40 عامًا بعد مرور عامين على اعتقاله في فيديو لوفاته نشره التنظيم.

استغلال "كانتلي"

وخلال الفترة التي قضاها في الأسر، ظهر كانتلي على الأقل في 10 فيديوهات نشرتها وسائل إعلام داعش ونشرت لاحقًا على وكالة أنباء "أعماق" التابعة للتنظيم. كما كتب مقالات تنتقد التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة نشرت في صحيفة "دابق" التابعة لداعش.

وذكرت كاتز أيضًا، أن لقطات وروابط لفيديوهات كانتلي نشرت على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي، وأكدت محاولات داعش لاستغلال شهرته.

وبينما نمت مكانته بين مقاتلي داعش، تطور كانتلي من متحدث مباشر باسم تنظيم داعش مستعرضًا رؤى التنظيم حول إعدامهم لزملائه الرهائن الغربيين، إلى صوت يتحدث مباشرةً للمجندين المحتملين في الغرب. فأشارت كانتز، "في البداية، استغله داعش لمحاولة تبرير ذبح الرهائن وعمليات القتل. لكن دوره هذا تغيّر سريعًا مع ازدياد شهرته".

فخلال النصف الأول من فيديوهاته، وهي سلسلة بعنوان "أقرضوني آذانكم" كان يجلس كانتلي على طاولة مرتديًا زي السجن البرتقالي، وذكر خلال إحدى المراحل أنه قد يلقى نفس مصير الرهائن الآخرين. لكن وبحسب كاتز، أثبت كانتلي أنه ذو قيمة عالية فهو "مصدر قوة بالنسبة لهم".

ولذلك بدأ داعش يسجل فيديوهات لكانتلي بدور الصحفي الغربي المراسل الذي يغطي أحداث مدن كوباني وحلب والموصل ويبدو أنه أقام في الأخيرة. وركزت تسجيلاته الأخيرة على الغارات الجوية التي ضربت أكشاك وسائل إعلام الموصل وأحياءها وجامعة المدينة.

وفي الفيديو الأخير، يظهر كانتلي بلحية لأول مرة، لكن لا يبدو أنه أصبح مسلمًا، حيث يتحدث مرارًا عن المسلمين دون الاعتراف بأنه واحدٌ منهم. وقالت كاتز أن هذا يزيد من فائدته كونه غربي يقدم رسالة داعش.

وأكدت كاتز على ما سبق قائلة، إنه "في بعض النواحي، يقدم الرسالة المراد توجيهها أكثر من تقديم أي شخص آخر من داعش، هو يتحدث بالنيابة عن داعش بصفته رجلا غربيا شاهدا على هجمات التحالف، حيث يرغب التنظيم بتصويره على أنه مراقب موضوعي، بالرغم من اتضاح أن تصريحاته وتعليقاته موافق عليها أو ربما تكون مكتوبة مسبقاً".

 من جانبه ذكر ماغنوس رانستورب، مدير أبحاث "الإرهاب" في جامعة الدفاع السويدي في ستوكهولم أن المقصود من رسالة كانتلي هو تحفيز المجندين في الوقت الذي يحتاجهم فيه داعش بشدة".

تسرّب اليأس

ويرى رانستورب "علامات اليأس" في مقطع الفيديو والمقطع الآخر الذي صور في جامعة الموصل في يوليو/ تموز، حيث كان كلاهما أقل بريقًا من الانتاجات السابقة.

وأشار أيضًا، إلى أن كانتلي بدا أقل وزنًا من السابق، ويبدو وكأنه قد أملي عليه النص ولم يكن هناك مشهد ملون له وهو يتجول مع المتسوقين في سوق الموصل أو يقود دراجة شرطة كما في الفيديوهات السابقة، كما أن محرري فيديو يوليو/ تموز أخفقوا في التخلص من الأصوات المزعجة في الخلفية للطائرات الصغيرة التي كانت تصور المقطع من الأعلى.

وحول ذلك قال، "إنهم يجمعون هذه الأمور إلى بعضها بعجالة، حيث قاموا بتصويره بتقنيات قليلة جدًا، مجرد تصوير له وهو يتحدث".

وأضاف رانستورب  أن "الهدف الأكبر هو الإظهار للمسلمين الآخرين بأن عليهم أن يحتشدوا وأنهم يعانون، ويغذّون فكرة أنهم المدافعون، فكانتلي يسهل عملية إيصال هذه الرسالة، لكنهم وجدوه غير مفيد في هذا الأمر، من الواضح أن هذا الفيديو موجه لمسلمي الغرب وأولئك الذين يحتمل أن ينضموا".

وأكد رانستورب، أن الفيديو من خلال إظهاره لكانتلي بين مواطني الموصل، بمن فيهم من السائقين المتضررين من تحطم الجسور والأطفال الذين دمرت مصادرهم من الماء جراء الغارات الجوية في الحرب، "يؤجج الكراهية ضد الغرب، وبأن الغرب يعاقب المسلمين، المسلمين العاديين".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com