رغم أنه الأكبر منذ ربع قرن.. لماذا خلّف زلزال تايوان ضحايا أقل؟
ضرب زلزال بقوة 7.4 درجة الساحل الشرقي لتايوان، وهو أكبر زلزال تشهده الدولة (الجزيرة) منذ أكثر من 25 عامًا، ورغم ذلك فإن عدد الضحايا كان بسيطًا مقارنة بغيره من الزلازل الأخيرة في العالم.
وبلغ عدد قتلى الزلزال حتى صباح الأربعاء 9 قتلى إضافة لأكثر من 900 جريح، وأدى الزلزال الأولي القوي إلى إطلاق تحذيرات من حدوث تسونامي في اليابان والصين والفلبين.
ونشرت جامعة "نورث إيسترن" تقريرًا عن تلك الظاهرة، مستعينة بتفسير دانيال ألدريتش الأكاديمي بالجامعة المتخصص في التعافي من الكوارث، والذي شارك في دراسة حول الأمر.
وقال ألدريتش: "بالنسبة لمنطقة مكتظة بالسكان، فإن عدد الوفيات المسجلة صغير بشكل ملحوظ مقارنة بقوة الزلزال - وهو دليل على استعداد البلاد للكوارث".
وأَضاف: "ما نراه هنا هو مزيج من ثقافة الحكم (من أعلى إلى أسفل) و (من القاعدة إلى القمة) التي أبقت عدد القتلى منخفضًا نسبيًّا، على حد قوله.
وتابع: "أدركت الحكومة منذ فترة طويلة التهديد الناجم عن المخاطر الزلزالية، الحكومة استثمرت في مجموعة متنوعة من التدابير، ومنها قوانين البناء الصارمة للغاية".
وأوضح أنه "في مجال التأهب للكوارث، تعني عبارة (من أعلى إلى أسفل) أن المسؤولين يقومون بتحديث وتنفيذ قوانين البناء؛ ووضع الخطط، مثل: ملاجئ الإجلاء، وتوزيع الغذاء والمياه، وغيرها.
وأشار إلى أن توقع الصدمات المستقبلية يشمل كذلك تخصيص الموارد، مثل: ضمان تجهيز المستشفيات والعاملين الطبيين تجهيزًا جيدًا حال حدوث صدمة.
ووفق الباحث، تعني عبارة (من القاعدة إلى القمة) أن المجتمعات تعمل معًا، وتثق ببعضها بعضًا، وتخطط لمواجهة الصدمات ورسم خرائط لعمليات الإخلاء وتحديد من يحتاج إلى المساعدة بناءً على احتياجاتهم المحلية.
ويقول ألدريتش إن "أفضل نهج لإدارة الكوارث والاستعداد لها يجمع بين المفهومين من أجل إستراتيجية شاملة، وتايوان كانت مستعدة جيدًا لزلزال الأربعاء".
واستذكر ألدريتش رحلته إلى دول مجاورة، وقال: "ذهبت إلى هايتي والهند والصين، حيث تعرضت جميعها لزلازل بقوة مماثلة للغاية، وفي خضم كل ذلك، فقدت هايتي 220 ألف شخص، والهند 15 ألف شخص، والصين 90 ألفًا".
وتابع قائلًا: "في تايوان ترى الكثير من الناس في ملاجئ الإجلاء.. من الواضح أنهم يعرفون إلى أين يذهبون.. ولا ترى أشخاصًا يحاولون العودة للمباني غير المستقرة، أو تلك المنهارة جزئيًّا".
واستطرد الخبير مُكْمِلاً حديثه عن ثقافة الشعب التايواني: "لقد وثِقوا بالمعلومات التي كانوا يتلقونها من الحكومة وعملوا مع جيرانهم بشكل جماعي لمحاولة مساعدة الناس وإنقاذهم".
وأكد الخبير: "لذا فإن هذا المزيج من هيكل الإدارة من أعلى إلى أسفل، الذي يأخذ مخاطر الكوارث على محمل الجد، والهيكل من أسفل إلى أعلى، قد خلق نتيجة لا تصدق لتايوان حقًّا".
ولفت إلى أن "معظم الوفيات في تايوان حتى الآن كانت نتيجة الانهيارات الصخرية. هذه ليست حالات الوفاة النموذجية التي تراها في المناطق الحضرية".
وختم قائلًا: "إنها شهادة على قوة نظام الحكم، حيث رأينا بعض المباني تنهار في تايوان، لكن ذلك لم يسفر عن وفيات جماعية على النطاق الذي رأيناه في بلدان أخرى".
