أردوغان يستثمر فشل الانقلاب لكسر شوكة المحكمة الدستورية العليا
أردوغان يستثمر فشل الانقلاب لكسر شوكة المحكمة الدستورية العلياأردوغان يستثمر فشل الانقلاب لكسر شوكة المحكمة الدستورية العليا

أردوغان يستثمر فشل الانقلاب لكسر شوكة المحكمة الدستورية العليا

عقب فشل المحاولة الانقلابية المفاجئة، يبدو أن  الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يحاول استثمار انتصاره الجديد، لكسر شوكة المحكمة الدستورية العليا، وضمها إلى قائمة مؤسسات الدولة الخاضعة لنفوذه المتنامي.

ومن ضمن آلاف المعتقلين في قضية الانقلاب؛ اعتقلت قوات الأمن التركية عضو المحكمة الدستورية، ألب أرسلان آلتن، بعد تفتيش منزله، في العاصمة أنقرة، إلى جانب اعتقال خمسة من أعضاء المجلس الأعلى للقضاء والمدعين العامين، بالإضافة إلى اعتقال 48 من أعضاء مجلس الدولة، و140 من أعضاء المحكمة الإدارية العليا.

وفي أكثر من مناسبة؛ وجّه أردوغان انتقادات لاذعة للمحكمة الدستورية العليا، عقب إصدارها لأحكام تتحدى نفوذه، مهدداً "بطرح وجودها وشرعيتها للنقاش".

قلق دولي

وتثير تحركات أردوغان الموجهة ضد استقلالية القضاء قلق وحذر القادة الغربيين بحسب تصريحاتهم المتكررة بهذا الشأن، ما يشكل عقبة أمام طموح تركيا لتفعيل مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوربي، جراء الاعتراض الدولي على سجل الحريات العامة والمساس بمبدأ فصل السُّلطات في تركيا.

محاولات متكررة لاحتواء المؤسسة القضائية

ارتفعت في الأعوام الأخيرة حدّة الأصوات المعارِضة المتهمة لأردوغان، بالسعي لاحتواء المؤسسة القضائية، عبر التدخل في عمل القضاء، والمواجهات المتكررة مع المحكمة الدستورية العليا، بالإضافة إلى تأسيس محاكم الصلح والجزاء التي يرى فيها معارضون "ضربة قاسية للحريات في تركيا".

وبدأت محاكم الصلح والجزاء عملها، في تموز/يوليو 2014، لتباشر بإصدار قرارات اعتقال طالت الكثير من ضباط الشرطة الضالعين في تحقيقات الفساد المتشعبة، التي انطلقت أواخر العام 2013، وطالت مسؤولين بارزين في حزب العدالة والتنمية الحاكم، لإثبات حالات رشى، وتبييض أموال، وتهريب ذهب.

وسبق أن أكد أردوغان، عقب فضائح الفساد، بصفته الوظيفية آنذاك كرئيس للوزراء، على ضرورة إنشاء تلك المحاكم؛ بقوله "إننا نطور مشروعاً، وحين ينتهي ستتسارع العمليات التي ستشهدها المرحلة القادمة حيث سنرفع آلاف الدعاوى القضائية ضدهم" في إشارة إلى ضباط وعناصر الشرطة الضالعين بالتحقيقات، والذين تتهمهم الحكومة بالتواطؤ مع حركة "خدمة" التابعة لشيخ الدين المعارض، محمد فتح الله غولن، العدو اللدود لأردوغان، والمتهم الأبرز في الوقوف وراء المحاولة الانقلابية الفاشلة الأخيرة.

ويرى مقربون من حركة "خدمة" في تلك المحاكم "مجرد عصا" في يد أردوغان وحزب العدالة والتنمية، الذي كان يتزعمه ويستحوذ على نفوذ واسع داخله، إذ ساهمت في اعتقال وفصل ونقل الآلاف من رجال القضاء، والموظفين، والشرطة، والجيش، والصحافيين، بالإضافة إلى فرض الوصاية على شركات إعلامية معارضة.

كما أصدرت محاكم الصلح والجزاء أحكاماً بحجب حوالي 357 موقعاً إلكترونياً، بالإضافة إلى إصدار قرارات تمنع نشر الأخبار في مواضيع تمس الأمن الداخلي؛ كتفجير أنقرة المزدوج، الذي وقع يوم 10 تشرين الثاني/أكتوبر 2015، وراح ضحيته 102 شخص، وحمل بصمات تنظيم داعش.

ومنذ مطلع العام 2014، يوجه معارضون أتراك، انتقادات لأردوغان، بالتدخل بشؤون القضاء، وسبق أن نشر ناشطون على موقع "يوتيوب" لتبادل ملفات الفيديو، مقطعاً مسرباً يظهر أردوغان وهو يحاول إقناع وزير العدل -حينها- حول إعادة النظر في إحدى القضايا المتعلقة بالإعلامي التركي المعارض، أيدين دوغان، مالك مجموعة من القنوات التلفزيونية والصحف المعادية للحكومة.

كما نجح أردوغان في وضع المجلس الأعلى للقضاء وممثلي الادعاء تحت سيطرة وزارة العدل، وكان المجلس الأعلى للقضاء، الذي تسيطر عليه بشكل تقليدي شخصيات علمانية تدين بالولاء للقيم التي أرساها، مصطفى كمال (أتاتورك) مؤسس الدولة الحديثة، انتقد التعديلات، معتبرًا خضوع المجلس لسيطرة وزارة العدل من شأنه أن يقوّض استقلاليته.

وأثارت سلسلة التعديلات المفروضة من قبل أردوغان، لإعادة هيكلة المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين، وربط جميع قرارات السُّلطة القضائية بوزير العدل، حفيظة المحكمة الدستورية العليا، ليشعل قرارها ببطلان تلك التعديلات، كونها مخالفة ومناقضة للقانون الأساسي التركي، نيران المواجهة مع أردوغان، الذي قد يستثمر المحاولة الانقلابية الأخيرة لدق المسمار الأخير في نعشها.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com