تونس.. حملات انتخابية "هشة" تثير مخاوف من العزوف عن التصويت

تونس.. حملات انتخابية "هشة" تثير مخاوف من العزوف عن التصويت

تتواصل الحملة الانتخابية الخاصة بالانتخابات التشريعية في تونس، بنسق بطيء، بينما تخيم الأزمة الاجتماعية والاقتصادية على المناخ العام في البلاد؛ ما يزيد من مخاوف عزوف الناخبين عن الاستحقاق الانتخابي المرتقب.

ويواجه المرشحون للانتخابات التشريعية يوم 17 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، صعوبات في تمويل حملاتهم الانتخابية والتواصل مع الناخبين، لا سيما في ظل غياب الدعم المالي من قبل السلطات، وفقا لما أقره قانون الانتخابات الجديد، فضلا عن حالة الإحباط التي يتسم بها الشارع التونسي في ظل الأزمة الاجتماعية والارتفاع اللافت لأسعار المواد الأساسية.

يواجه المرشحون للانتخابات التشريعية يوم 17 ديسمبر الجاري، صعوبات في تمويل حملاتهم الانتخابية والتواصل مع الناخبين، لا سيما في ظل غياب الدعم المالي من قبل السلطات، وفقا لقانون الانتخابات الجديد

وقال مصدر من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، إنّ "حملة الانتخابات التشريعية انطلقت منذ يوم الجمعة 25 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، لكنها تسير بوتيرة بطيئة بالنظر إلى طبيعة الترشحات وما فرضه قانون الانتخابات من التصويت على الأفراد بدلا من القوائم".

وأوضح المصدر لـ "إرم نيوز"، أنّ نظام التصويت على الأفراد أثّر بشكل كبير على سير الحملة الانتخابية التي يعتمد فيها المرشحون على إمكاناتهم الذاتية وعلى التواصل المباشر مع الناخبين، خلافا للحملات السابقة التي تنزل فيها الأحزاب بكل ثقلها إلى الساحات العامة وتخلق حراكا.

وأشار المصدر إلى أنّ إعادة تقسيم الدوائر أثّرت أيضا على مستوى تحركات المرشحين، الذين ضاقت دائرة تحركهم، رغم أنّ المحافظة الواحدة باتت تضم عددا قد يصل إلى 10 دوائر، ولا يحق لأي مرشح التحرك خارج دائرته، وسيتم انتخاب مرشح واحد عن كل دائرة لنيل مقعد في البرلمان المقبل.

أخبار ذات صلة
هيئة الانتخابات التونسية تعلن عدم تعديل القانون الانتخابي

وقال سيف الدين العبيدي، ممثل عن شبكة "مراقبون"، وهي منظمة رقابية للمسار الانتخابي، إن للشبكة مجموعة من التحفظات على القانون الانتخابي الذي يتضمن مجموعة من الإشكاليات، وكذلك الفترة الانتخابية ومسألة الترشحات وشروط الترشح وتقسيم الدوائر.

وأوضح العبيدي في تصريح لـ "إرم نيوز"، أنّه "مع انطلاق الحملة، هنالك 10 دوائر انتخابية على المستوى الداخلي للبلاد سجلت ترشحا وحيدا ونتائجها معلومة من الآن، وهنالك أيضا 7 دوائر دون أي ترشح في الخارج إضافة إلى وجود عدد ضئيل جدا من الترشحات على مستوى عدد من الدوائر بمختلف محافظات البلاد؛ وهو الأمر الذي سيقلص من إمكانية صعود المرشحين إلى البرلمان من خلال الانتخابات".

وأشار العبيدي إلى مجموعة من الإشكاليات الأخرى المتعلقة بتمويل الحملات الانتخابية للمرشحين، مع غياب تمويل السلطات وكذلك منع الأحزاب من المشاركة وتمويل المرشحين، إضافة إلى الخلاف القائم بين هيئة الانتخابات وهيئة الاتصال السمعي والبصري حول التغطية الإعلامية للحملة الانتخابية.

ووفق العبيدي، فإنه "استنادا إلى ما رصدته الشبكة، ستفرز الانتخابات برلمانا خاليا من الشباب والنساء، إضافة إلى صعود بعض الأشخاص الذين تمكنوا من جمع التزكيات بواسطة إمكانياتهم المالية".

ستفرز الانتخابات برلمانا خاليا من الشباب والنساء، إضافة إلى صعود بعض الأشخاص الذين تمكنوا من جمع التزكيات بواسطة إمكانياتهم المالية
سيف الدين العبيدي، ممثل عن شبكة "مراقبون"

وحذر العبيدي من "إمكانية وصول أشخاص إلى البرلمان ليس بناء على البرامج وإنما بناء على القرابة والقبلية؛ بسبب ما سيكرسه التقسيم الجهوي للدوائر الانتخابية بمختلف محافظات البلاد"، وفق تقديره.

الحملة الانتخابية انطلقت في وقت يبدو فيه المواطن التونسي منشغلا بالأزمات الاقتصادية والاجتماعية أكثر من انشغاله بالانتخابات، وخير دليل على ذلك هو ضعف عدد المرشحين، كما أن الانتخابات تأسست على نظام انتخابي جديد وغريب على التونسيين
القيادي بحزب الاتحاد الشعبي الجمهوري محمد الجلاصي

وعلّق القيادي بحزب الاتحاد الشعبي الجمهوري، محمد الجلاصي، بأن "الحملة الانتخابية انطلقت في وقت يبدو فيه المواطن التونسي منشغلا بالأزمات الاقتصادية والاجتماعية أكثر من انشغاله بالانتخابات، وخير دليل على ذلك هو ضعف عدد المرشحين في العديد من الدوائر، كما أن الانتخابات تأسست على نظام انتخابي جديد وغريب على التونسيين".

واعتبر الجلاصي في تصريح لـ "إرم نيوز"، أنّ "نظام الاقتراع عن الأفراد لن يتماشى مع طبيعة الشعب التونسي، خاصة أن تونس ما زالت في بداية مسارها الديمقراطي، مع العلم أن هذا النظام ناجح في بعض الدول".

وأبدى الجلاصي مخاوفه من أن يؤثر غياب الأحزاب عن هذا الاستحقاق الانتخابي على إقبال الناخبين، معتبرا أنّ "العيوب التي شهدتها تونس في البرلمان السابق ستتكرر بدرجة أكبر خلال البرلمان القادم وبعد هذه الانتخابات"، مضيفا أنّه "لا يمكن أن نتحدث عن انتخابات تشريعية ومؤسسة برلمانية دون ديمقراطية تمثيلية عبر الأحزاب في البرلمان".

أخبار ذات صلة
بعد 3 سنوات في الرئاسة.. كيف يقيّم التونسيون أداء قيس سعيد؟

وفي المقابل، اعتبر القيادي في حركة الشعب رضا بالآغا، أنّ المسار الانتخابي الحالي سليم ولا خوف من تداعيات برود الحملة الانتخابية على هذا الاستحقاق.

وأضاف بالآغا في تصريح لـ "إرم نيوز"، أن "كل من سيحكم بالفشل على الانتخابات القادمة مخطئ"، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن حزبه ساند مسار الرئيس قيس سعيد، ولن يعود إلى الوراء أبدا، بغض النظر عن الاختلاف مع رئيس الجمهورية في مسار 25 يوليو عموما عندما لم يعمل على تحسين الجانبين الاجتماعي والاقتصادي بالبلاد".

ويخشى متابعون من أنّ تفاقم الأزمة الاجتماعية وانشغال التونسيين بالصعوبات اليومية التي يواجهونها في إيجاد المواد الأساسية ومقاومة غلاء الأسعار، سيلقي بظلاله على الموعد الانتخابي القادم، الذي قد يسجل أضعف نسبة مشاركة قياسا بالمواعيد الانتخابية السابقة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com