صحفية أمريكية تكسر "الصورة النمطية" عن بنغازي الليبية (صور)
صحفية أمريكية تكسر "الصورة النمطية" عن بنغازي الليبية (صور)صحفية أمريكية تكسر "الصورة النمطية" عن بنغازي الليبية (صور)

صحفية أمريكية تكسر "الصورة النمطية" عن بنغازي الليبية (صور)

كسرت الصحفية الأمريكية ليندسي سنيل، الصورة النمطية المرسومة في الإعلام الغربي عن مدينة بنغازي الليبية، واختارت أن ترى رأي العين ما يجري على الأرض.

وفي تقرير نشرته المجلة الاستقصائية "investigativejournal" تحدثت الصحفية لندسي في البداية، عن مشاهداتها أثناء قيادتها لسيارتها متجهة إلى بنغازي في شرق ليبيا وصولًا إلى درنة عبر وادي الكوف.

وعبرت الصحفية الأمريكية المتخصصة في تغطية الأزمات الإنسانية والصراعات، عن انبهارها بالآثار اليونانية الخلابة، التي تمتد على الطريق الساحلي الذي يطل على البحر الأبيض المتوسط الأزرق الشاسع.

وردًا على وضع رسخه صحفيون غربيون سابقًا، يزعم أن بنغازي دولة بوليسية متهالكة، تقول صاحبة التقرير الصحفية ليندسي سنيل:"تجربتي في شرق ليبيا كانت مختلفة تمامًا، كنت قادرة على الخروج بمفردي، وعلى الرغم من جرح بنغازي ومعاناتها من المعارك، لكنها كانت مليئة بالحياة".

وتابعت:"وصلت في اليوم الأخير من معرض الربيع، وهو حدث تعرض فيه الجاليات الأجنبية داخل بنغازي ثقافاتها من خلال تبادل الطعام والفن والملابس التقليدية".

وأقيم المعرض في مركز معرض الصناعة في بنغازي، وقالت سمية المصراتي، مُنظمة الحدث:"ربما لاحظت أنني نظمت هذا المهرجان في منطقة حرب، كان هذا متعمدًا، بنغازي تنفض الغبار عن نفسها من بقايا الحرب، ومن الدمار إلى البناء".

وتقول سنيل:"أقمنا في منتجع إميليا، الذي يضم مجموعة من الشقق السياحية المُجهزة تجهيزًا جيدًا مباشرة على البحر، بعد أن التقينا سراقة الشعاري، وهو شاب ليبي يبلغ من العمر 26 عامًا بمقهى".

أسير سابق بيد شورى بنغازي

وكان الشاب مفتاح قصة من الواقع الجديد لبنغازي في ظل إدارة الجيش الليبي لمدينة بنغازي، ويروي الشعاري للصحفية الاستقصائية عن أسوأ 6 أشهر من حياته، قضاها أسيرًا لدى مجلس شورى بنغازي المتشدد.

ويحكي الشراري لسنيل وهو يرتجف كيف اعتقله شورى بنغازي العام 2018، ويصف تعذيبهم له، بالقول:"بقيت معلقًا لمدة 11 يومًا من معصمي، وبالكاد كانت أصابع قدمي الكبيرة تلمس الأرض"، وشمّر عن أكمامه قليلًا ليبرز علامات التعذيب على معصمه.

صدفة مع ضابط ليبي

وبينما كان الشعاري يروي المزيد عن محنته المروعة، تحدث صدفة عجيبة حيث يدخل اللواء سالم مفتاح الرفادي من الجيش الوطني الليبي إلى المطعم ويقترب من طاولتنا، تقول سنيل، حينها بدا التوتر على ضيفنا الشاب بشكل واضح، لكن الأمور سارت على ما يرام، حيث استقبلنا الرفادي، ووضعنا خططًا لجولة يصطحبنا خلالها في المدينة مع بعض جنوده باليوم التالي.

ولفت انتباه الصحفية الأمريكية مدى القلق الذي انبعث من الأسير السابق، بعد أن اتجه أكثر من مرة نحو الباب ثم عاد، لكنه بمجرد أن غادر الرفادي، بدا مرتاحًا، لكن لم تدم فترة الراحة طويلًا؛ وبعد أقل من دقيقة، عاد الرفادي إلى المطعم، وجلس مباشرة أمام الشعاري، وقال:"أتذكر الآن من أنت، أتينا لاعتقالك، لكنك لم تكن هناك".

وأردف اللواء موجهًا حديثًا غاضبًا تجاه الشعاري:"لن أعتقلك، اعتبر هذا تحذيرًا، لا يمكنك أن تحقق العدالة بنفسك، هذا ليس صحيحًا، لن نسمح بمثل هذه الأمور غير القانونية طالما نحن هنا"، ودون انتظار رد، غادر الرفادي مرة أخرى.

ولإزالة غموض الموقف، طلبت الصحفية من الشعاري التفسير، فقال إنه بعد إطلاق سراحه، تحرش بعائلة أحد خاطفيه، وهو من المسلحين الذين اعتقلهم الجيش الليبي أثناء المعارك الأخيرة في درنة، وزار منزل الأسرة وهددهم مطالبًا بتعويض عما لحق به، ثم ذهبت العائلة إلى الجيش الوطني الليبي طلبًا للمساعدة، مما دفع القيادات إلى محاولة اعتقال الشعاري.

وفي اليوم التالي تقول ليندسي سنيل، تحدثت إلى اللواء الرفادي أثناء مرافقته لنا، عن قصة الشعاري، وسألته هل عائلة الإرهابي الذي اختطف سراقة شعرت بالأمان وطلبت المساعدة من الجيش الوطني الليبي، رغم ما اقترفه ابنهم لسنوات وهو يقاتل الجيش الوطني؟.

ورد الرفادي:"بالطبع لم تفعل الأسرة أي خطأ، إنهم ليبيون، ما حدث لذلك الصبي (سراقة الشعاري) كان فظيعًا، لكن لم يكن له الحق في مهاجمة الأبرياء بسبب ذلك".

مبادرة لمساعدة أسر المتشددين

ويقول الرفادي إنه يعمل على مبادرة للسماح لزوجات وأسر المتطرفين، الذين قُتلوا أو اعتقلوا بالحصول على الرواتب التي كانوا سيحصلون عليها من قبل، سواء من الوظائف السابقة أو من صندوق الضمان الاجتماعي في البلاد.

وأوضح اللواء خلال حديثه:"أسرهم يجب أن تكون قادرة على إعالة نفسها والبقاء على قيد الحياة "، وأضاف:"نحن لا نحملهم مسؤولية تصرفات أقاربهم، نحن نمضي قدمًا كمدينة، وكدولة".

ويعود اللواء الليبي إلى أصل المشكلة ويروي للصحفية الأمريكية أحداث العام 2011، عندما أدت المظاهرات بالإضافة إلى تدخل حلف شمال الأطلسي بالإطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي وقتله.

ويضيف ملخصًا:"الشعب تظاهر، وأرادوا حياة ونظامًا أفضل، ولكن للأسف، فإن جميع الدول التي ساندتنا سرعان ما تخلت عن الشعب الليبي، تركونا لنتعامل مع الإرهاب، كما لو أن عملهم الوحيد كان تغيير النظام في ليبيا".

بنغازي مأوى المشردين من جحيم طرابلس

تقول ليندسي:"كان بعض المدنيين على استعداد للتحدث معي، بمن فيهم العديد ممن فروا من القتال في طرابلس".

والتقت لندسي محمد شيباني وهو شاب فر مؤخرًا من طرابلس إلى قرية شرق بنغازي، حيث يصف الوضع في العاصمة الليبية الحياة بالمأساوي، ويقول:"السلامة والأمن هما أهم شيء للناس، وإذا ما سقطت أركان الحكومة، ستكون الحياة فوضى، وانهارت قطاعات الشرطة والجيش، وقطاع التعليم، والقطاع الصحي، وجميعها في طرابلس، وتم استبدالها بالميليشيات".

ويضيف الشيباني متحدثًا عن والدته البالغة من العمر 92 عامًا، والتي جلست بجانبه:"لن تتحرك والدتي من طرابلس على الإطلاق، ولم ترغب أبدًا في مغادرتها، ولكن لم يكن لدينا خيار".

كما تحدث شيباني عن سنوات حكم الميليشيات في طرابلس والتي عاشها وعائلته، ويقول:"سُرق السكان المدنيون وتعرضوا للاختطاف، كما اغتصبت النساء، وشاهدت أفراد ميليشيات يسرقون رجلًا ومعه زوجته وأخته، وقاموا بضربه، وأخذوا سيارته، وتركوهم مهملين بجانب الطريق، وهذه الأمور تحدث كل يوم".

ويعاني اثنان من أشقاء شيباني من حالات مزمنة مثل غسيل الكلى، والتي تتطلب علاجات منتظمة، وعن هذا الأمر يقول:"بسبب القتال المستمر، لم يتمكنوا من الحصول على العلاج، وكان الخطر يحدق بهم في أي وقت يخرجون فيه، حتى تمكن الهلال الأحمر في يوم من الأيام من مساعدتنا على الخروج، ولم نستطع حمل أي من متعلقاتنا حتى حذاء أمي".

وعلى الرغم من كبر حجم عائلة الشاب الليبي، حيث يعيش إلى جانب 9 من أقاربه في منزل صغير، لكنه أعرب عن امتنانه لابتعاده عن طرابلس، مؤكدًا أنه "لا مجال للمقارنة بين هذه المنطقة وطرابلس.... يمكننا شراء الوقود، وهو ما لم نتمكن من القيام به في طرابلس، ويمكننا الخروج لتناول البقالة، ويمكننا الخروج بعد منتصف الليل في بنغازي، وفي طرابلس، لم يكن أحد يستطيع مغادرة منزله بعد غروب الشمس".

وأتيح للصحفية الأمريكية لقاء سلام مادون، وهي امرأة تمتد أصولها لطرابلس، حيث تقول عن تجربتها في طرابلس: إن"الحياة في ظل الميليشيات هناك جحيم مستمر، كان يعرف الجميع، أن غروب الشمس يعتبر إيذانًا بالبقاء داخل المنزل حتى تسلم من القتل أو الخطف".

وتستشهد على الأمر بالقول:"اختفى صبي كان يدرس معي، سمعنا أن والده قُتل على يد ميليشيات، وعلى الفور، اختفت عائلته بأكملها"، مضيفة أنها تتمتع بحرية أكبر بكثير في بنغازي، كما أنها افتتحت معملًا صغيرًا لصناعة الكيك، وتأمل أن يتوسع ليصبح مقهى ومخبزا".

تشويه صورة المشير حفتر

وأشار الرفادي إلى أن اللواء حفتر والجيش الوطني الليبي، قد تعرضوا في وسائل الإعلام الغربية لتغطية إعلامية سلبية ضخمة، وكذلك في وسائل الإعلام التي تمولها قطر وتركيا، حيث جرى تصوير الجيش الوطني الليبي على أنه مجموعة من البلطجية المتوحشين، وأظهر أن المدنيين في مناطقهم مضطهدون.

التدخل التركي القديم الجديد

وصلت الصحفية الأمريكية للناطق باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري، الذي شرح لها تفاصيل التدخل التركي في ليبيا.

ويقول المسماري إن التدخل التركي في ليبيا، بدأ في وقت سابق من العام 2014، على الرغم من أنه تم الكشف عنه آنذاك في بنغازي، من خلال دعم تركيا للميليشيات الإرهابية هناك.

ويرى المسماري أن الجديد أن هو أن دعم تركيا للإرهابيين في ليبيا أصبح يتم علنيًا، وأمام المجتمع الدولي ووسائل الإعلام، كما أن دعم تركيا لا يقتصر فقط على منع الجيش الوطني الليبي من السيطرة على طرابلس، لكن الأمر يتعلق بالحفاظ على نفوذ الإخوان المسلمين هناك.

وبحسب المسماري:"هناك نوعان من الميليشيات التي تقاتل في طرابلس، هناك ميليشيات إجرامية، وهناك ميليشيات إرهابية متطرفة".

دعم قطر مستمر

في 18 كانون الثاني/يناير، صوّت زعماء القبائل في شرق ليبيا على فرض حصار على إنتاج النفط وتصديره، وقال رئيس المجلس الأعلى لقبيلة زاوية الشيخ السنوسي عن هذا الحصار، إنه كان لوقف تمويل النشاط الإرهابي من خلال عائدات النفط، وأن جميع زعماء القبائل في المنطقة متفقون على ذلك، وهو الاتفاق الذي قال عنه رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني، فايز السراج: إن "الحصار النفطي يسبب دمارًا اقتصاديًا في طرابلس".

وأشار المسماري إلى أن الحصار لم يمنعهم من دفع رواتب الميليشيات والمرتزقة، قائلًا: إن "الحالة العامة للشعب الليبي مروعة، لم يتم دفع رواتب الحكومة (حكومة الوفاق الوطني) منذ أشهر، ولا يزال المجرمون والإرهابيون يتقاضون رواتبهم"، ويُدفع للمرتزقة السوريين في ليبيا ما بين 2000 و3000 دولار شهريًا، وهو راتب أعلى بأضعاف من متوسط أجور العامل الليبي.

ويعتقد المسماري أن الضغط المالي الناجم عن الحصار النفطي سيقابله دعم من قطر، فقطر لن تسمح للسراج بالسقوط بسهولة، وسيرسلون المزيد من الدعم، وتدعم قطر غزو تركيا لليبيا ماليًا، من خلال تزويدها بالأسلحة والذخيرة والنفقات الأخرى.

ويقول المسماري: إن "الوضع في طرابلس يتناقض بشكل حاد مع الوضع في بنغازي، وفي مناطقنا التي يسيطر عليها الجيش الوطني الليبي، تم دفع الرواتب"، ولفت أيضًا:"لقد سمح الوضع الأمني في بنغازي للشركات والمصنعين باستئناف العمل، ولدى المواطنين عائدات من خلال التجارة، ولكن هذا ليس حال طرابلس التي تنتشر فيها الميليشيات المسلحة وعمليات الابتزاز".

المرتزقة السوريون

وأشار:"أصبحت الحياة صعبة جدًا، خاصة للمدنيين في منطقة تسيطر عليها حكومة الوفاق الوطني، ففي مصراتة، على سبيل المثال، هناك أكثر من 20 ألف سائق شاحنة لا يعملون، كما أن العديد من مرافق التصنيع مغلقة تمامًا".

وفي صورة توضح مدى عمق فساد المرتزقة السوريين المدعومة من قبل تركيا، تم نشر صور ومقاطع فيديو لتلك الفلل الجميلة التي قامت تلك الميليشيات باحتلالها، ومن المرجح أن المدنيين الذين شردهم القتال كانوا قد هجروها.

وفي مقطع فيديو يوثق هذا الأمر، يظهر أحد المقاتلين السوريين وهو يتجول حول ما يبدو أنه غرفة نوم طفل، مع ملصق حائطي عملاق لميكي ماوس، بينما يضحك على كمية الحشيش التي كان يستهلكها، ويقول متحدثًا عن جماعته:"إنهم يدخنون الحشيش مثل السجائر هنا".

وتقول الصحفية الأمريكية، إنه بعد غارة جوية في إدلب السورية، أسفرت عن مقتل عشرات الجنود الأتراك في أواخر فبراير/شباط، لم يتمكن مقاتلو المرتزقة السوريين في ليبيا من الوصول إلى الإنترنت لعدة أيام، وهي خطوة يُفترض أنها كانت لمنعهم من معرفة المزيد عن الوضع في سوريا.

وقال مصدر في هذه القوات:"رأى الكثير منهم كم من الأراضي التي كانت تركيا والجيش السوري الحر يخسرونها في سوريا، وطالبوا بالعودة إلى ديارهم للقتال".

وبدأت مصادر في قوات المرتزقة السوريين بإرسال صور لمسلحين سوريين مصابين بجراح خطيرة وهم يُضمّدون في غرف المعيشة إلى جانب شكاوى من أنهم لا يتلقون الرعاية الطبية الكافية، وقد رفض الكثيرون مواصلة القتال، بحيث كان من المقرر إعادتهم إلى سوريا وتجريدهم من رواتبهم.

"ليبيا تحترق"

وقال مصدر في الجيش السوري الحر في عفرين مؤخرًا: إن "ليبيا تحترق"، وقد دفعت التقارير عن وقوع خسائر جماعية في صفوف المقاتلين السوريين، لاسيما في عين زارة، العديد من المسلحين بتحدي أوامر قادتهم ببساطة.

وأضاف المصدر ذاته:"الرجال في كل فصيل تقريبا يرفضون الأوامر، والأتراك يعتقلون العديد من مقاتلي الجيش الحر، أعرف 86 رجلًا تم القبض عليهم حتى الآن"، ولفت إلى أن المقاتلين الوحيدين على الأرض في ليبيا، الذين كانوا يمتثلون باستمرار للأوامر، كانوا يتبعون لهيئة تحرير الشام.

وهنا تساءل سالم مفتاح الرفادي:"لماذا لا يوقف المجتمع الدولي أو مجلس الأمن الدولي هذا الإرهاب في ليبيا؟، وأضاف:"كل شيء واضح جدًا، إن دعم تركيا وقطر للأرهاب هو أمر واضح جدًا، ورأيي الشخصي هو أنهم يريدون استمرار الفوضى".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com