تنتظره تحديات كثيرة.. انتخاب "تبون" يفرز خارطة سياسية جديدة في الجزائر 
تنتظره تحديات كثيرة.. انتخاب "تبون" يفرز خارطة سياسية جديدة في الجزائر تنتظره تحديات كثيرة.. انتخاب "تبون" يفرز خارطة سياسية جديدة في الجزائر 

تنتظره تحديات كثيرة.. انتخاب "تبون" يفرز خارطة سياسية جديدة في الجزائر 

كشفت الانتخابات الرئاسية التي أسفرت عن انتخاب عبدالمجيد تبون رئيسًا للجزائر عن ملامح تشكل خارطة سياسية شبيهة بإفرازات انتخابات مثيرة جرت عام 1995 في البلاد، وفاز بها اليمين زروال أمام المرشح الإسلامي الراحل محفوظ نحناح.

وجاءت نتيجة عبدالمجيد تبون بواقع نسبة 58 بالمائة من الأصوات المعبر عنها، "معقولة" و"غير مضخمة" وتعكس "التنوع" و"التنافسية"، بحسب مراقبين، ذكروا أنها  قريبة جدًا من نتيجة اليمين زروال الذي حسم فوزه بنحو 61 بالمئة، ليحلّ بعده محفوظ نحناح بنسبة 26 بالمئة.

شرعية دستورية

 ويُبرز المحلل السياسي إسحاق غزالي أن "الرئيس الجديد وفي ظل تمتعه بالشرعية الدستورية بعد نجاح انتخابه بشفافية ودون تزوير، سيكون مطالبًا بدعمها بشرعية شعبية تضمن التوازن لمؤسسات الدولة، وتدفعه إلى إطلاق إصلاحات شاملة في كل المجالات".

وأبرز أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، في حديث لـ"إرم نيوز"، أن الانتخابات الرئاسية "فككت الخارطة السياسية التقليدية، وانتصرت لرغبة الشارع في رؤية الأحزاب القديمة بعيدة عن صنع القرار أو واجهة الأحداث السياسية".

وتابع المتحدث أن "هزيمة مرشح حزبي التجمع الوطني الديمقراطي (قاده لسنوات أحمد أويحيى) وجبهة التحرير الوطني ورئيسه لعشرين عامًا عبد العزيز بوتفليقة، تعني أن هذين الحزبين اللذين سيطرا على الساحة لأعوام لم يعد لهما تأثير في جزائر جديدة".

وحلّ المرشح عز الدين ميهوبي رابعًا رغم اعتماده على نحو 100 برلماني ورجال أعمال وجهاز إداري من مسؤولين محليين، كما حصل على دعم قيادات وكوادر بحزب بوتفليقة، ما شكل صفعة موجعة لهذا التحالف الحزبي المنهار.

وأبرز إسحاق غزالي أن "عبدالقادر بن ڨرينة رئيس حركة البناء الوطني حقق فوزًا عريضًا، رغم حصوله على مركز الوصيف بنسبة فاقت 17 بالمئة، متقدمًا بذلك على 3 مرشحين لهم حضور في الساحة السياسية منذ أعوام."

وشدد على أن "بن ڨرينة سيعوض في الخارطة الجديدة تواجد حركة مجتمع السلم (إخوان)، بعدما تراجعت الحركة بسبب خطابها المهتز والمتقلب بين تيارين مشارك في الانتخابات ومقاطع لها، ما قد يجعلها خارج حسابات الشارع والسلطة".

وللمرة الثالثة، لم يوفق علي بن فليس في الوصول إلى كرسي الرئاسة، بعد مشاركته لدورتين أمام بوتفليقة عامي 2004 و2014، وهو بذلك يجعل حزبه "طلائع الحريات" في تموقع مهم بجبهة المعارضة، بعدما ظلت أحزاب أخرى تتصدر الجبهة المناهضة للسلطات.

تجاوز الإنعاش

ويشدد الناشط السياسي المعارض نور الإسلام زايدي على أن انتخاب عبدالمجيد تبون يؤشر على "تجاوز مرحلة الإنعاش والبقاء في مرحلة الحذر والخطر، حيث أزمة شغور المنصب الرئاسي قد تم تجاوزها إلى مرحلة جديدة لا شك أنها صعبة وحافلة بالمستجدات، لكن الإرادة السياسية للرئيس الجديد قادرة على بلوغ التغيير المنشود".

وسجل زايدي في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن "خطاب عبدالمجيد تبون كان تطمينيًا لشباب الحراك، ومن شأنه أن يغير المعطيات على الأرض إذا تبنى خطوات تهدئة، تتمثل أساسًا في إطلاق سراح معتقلي الحراك، مع جولة حوار وطني واسع مع الطبقة السياسية لتهيئة الظروف، قصد مناقشة دستور توافقي".

واتفق إسحاق غزالي ونور الإسلام زايدي على حتمية تعيين حكومة كفاءات تركز على اختيار عنصر الشباب بعيدًا عن سياسة التعيين بالولاءات التي تسببت في الأزمة ورهنت مصير البلد، حسب توصيفهما.

ويعتقد نور الإسلام زايدي أن "رهانات عبدالمجيد تبون يجب أن تبدأ من تهدئة الجبهة الاجتماعية والسياسية، ليتمكن من امتصاص غضب الشارع وتوفير الظروف الملائمة لبدء إصلاحات اقتصادية شاملة، ولذلك يرقب الجزائريون مدى جدية رئيسهم الجديد في الوفاء بالتزاماته أمام شارع ملتهب ومتمرد وما زال يعيش حالة ثورية".

ويُنظر إلى حل البرلمان على أنه "خطوةً أولى في الاتجاه الصحيح، تنتج مجلس نواب جديدًا من تيارات مختلفة، بوجوه شبابية نظيفة وغير متورطة في الفساد، ليكون بذلك سندًا للرئيس الجديد"، مع توسيع صلاحيات رئيس الحكومة وتقليص صلاحيات رئيس البلاد، ضمن مخطط إرساء نظام شبه رئاسي يضمن التوازن بين السلطات.

ويتفق المتحدثان على أن المؤسسة العسكرية أضحت واعية برهانات المرحلة، ولذلك يتوقعان أن تكون سندًا للرئيس المنتخب، وهي تتحكم في الملفات الأمنية بخبرتها في مرافقة الحراك وتأمين المظاهرات الشعبية، في وقت واجهت فيه انتقادات من الداخل والخارج.

ويؤكدان أن بلادهما "بوضع أكثر أريحية من ذي قبل"؛ لأن تجاوز أزمة الشرعية السياسية وتلافي شبح الفراغ الدستوري يجعل الرهان منصبًّا على كسب الشرعية الشعبية، التي تبقى نسبية ومرهونة بقدرة الرئيس الجديد على إقناع معارضيه ومدى قابليتهم للحوار معه.

بدوره، يرى حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية أن البلاد تمر "بمرحلة دقيقة وحاملة لكل الآمال في آن واحد، إن تعبئة وتصميم الشعب الجزائري على ممارسة اختياره بكل سيادة على مستقبله يؤكد عليهما بانتظام وبقوة".

ويتمسك حزب سعيد سعدي المرشح الرئاسي الذي حلّ ثالثًا في رئاسيات الأزمة الأمنية التي جرت عام 1995، بأنه "يتعيّن على كافة القوى الوطنية مرافقة هذا الإصرار دون حسابات شخصية أو حزبية".

ويشدد الحزب في بيان على أنه "ليس منشغلًا بتموقعه فيما ستفرزه الخريطة السياسية مستقبلًا، ولكنه سيظل يطالب بالتغيير وبناء البديل الديمقراطي، وبذل قصارى جهده من أجل انتصار الثورة الذي سيمكّن شعبنا من فرض انتقال ديمقراطي قادر على تفكيك لب النظام السياسي الحالي".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com