توصف بـ"مافيا آل كورليوني الليبية".. تعرف على "الكانيات" وقوتها
توصف بـ"مافيا آل كورليوني الليبية".. تعرف على "الكانيات" وقوتهاتوصف بـ"مافيا آل كورليوني الليبية".. تعرف على "الكانيات" وقوتها

توصف بـ"مافيا آل كورليوني الليبية".. تعرف على "الكانيات" وقوتها

قبل يوم 25 آب /أغسطس، يوم اجتياحها للعاصمة الليبية طرابلس، لم يكن ثمة من يعرف الكثير عن "اللواء السابع- مشاة" المعروفة بـ"الكانيات"وقوتها، وحين وافقت على وقف إطلاق النار مع مليشيات حكومة الوفاق، عادت إلى مواقعها في مدينة "ترهونة"، جنوب شرق طرابلس، وجوارها دون أن تكشف عن حقيقتها، وسبب إقدامها على هذا العمل الذي أربك الحسابات وخلف 115 قتيلًا و385 جريحًا، والكثير من الدمار، وأدى إلى التفكير بتأجيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية.

ترهونة

تعد ترهونة أكبر قبائل ليبيا و"الخزان البشري الذي لا ينضب"، والتي لطالما طرح التساؤل حول سر بقائها بعيدة عن التجاذبات التي جرت في العاصمة طيلة سنوات، وهي لا تبعد عنها سوى 80 كيلومترًا.

تحف أشجار الزيتون واللوز ربى وجبال ترهونة، بيد أن المنطقة التي ارتبطت بالزراعة البعلية كانت تنتعش تاريخيًا بتساقط الأمطار، وفي سنوات الجدب كان أهلها يغادرونها في هجرات أوصلتهم إلى الشام وتونس والجزائر ومدن الشرق الليبي، كما أكد الفقيه الدستوري الليبي الراحل، مسعود الكانوني.

ولعبت ترهونة دورًا بارزًا في الجهاد الليبي ضد الاستعمار الإيطالي التي احتلها للمرة الأولى عقب معاهدة (أوشى لوزان) بين إيطاليا وتركيا العام 1912، وهب أهل ترهونة ضد الإيطاليين العام 1915 وحاصروا حاميتهم المتمركزة في المدينة بكاملها، ما دفع الحكومة الإيطالية إلى محاولة إنقاذها وفك الحصار عنها وسحبها إلى الساحل، وبعد سلسلة من المناوشات والمعارك الجانبية وقعت معركة "الشقيقة الكبرى"، التي هزمت فيها ترهونة الإيطاليين هزيمة قاسية، حيث قتل فيها 4061 جنديًا، وأسر حوالي 700.

كما لعبت ترهونة دورًا مؤثرًا في النظام السابق، فقد كان كثير من قادة الجيش والأجهزة الأمنية ينتمون إلى عربها، وأبرزهم قائد كتيبة حراسة معمر القذافي، اللواء جمعة المعرفي.

مقتل خميس القذافي

غداة تفجر ثورة 17 فبراير انقسمت ترهونة بين مؤيد للثورة وموال للقذافي، وكان البروز الأول للمدينة غداة مقتل نجل القذافي خميس في أحد أوديتها القريبة من جارتها بني وليد معقل "ورفلة" حين استهدف ثوار مجهولون سيارته بالصواريخ.

سيطر قائد محلي، يدعى أبو عجيلة الحبشي، على مقاليد الأمور العسكرية في ترهونة، على رأس مليشيا سميت بـ"الأوفياء"، لكن أعداءه دبروا اختطافه الذي ما يزال حتى الآن مقيدًا ضد مجهول، ما دفع "الأوفياء" إلى تنظيم أول اجتياح لطرابلس والسيطرة على مطارها في تشرين الأول/أكتوبر 2012 بهدف الضغط على المجلس الوطني لكشف مصير الحبشي، ولم تلبث أن انسحبت الكتيبة بعد مفاوضات.

انطفأ صيت كتيبة "الأوفياء" وقائدها المخطوف بعد هذه الحادثة، وشيئًا فشيئًا أخذت ميليشيا "الكاني" بالبروز، وهي عائلة بسيطة تطوّرت إلى كتيبَةٍ مسلَّحةٍ، ضمت إليها عناصر من مليشيات أخرى صغيرة وجنودًا في جيش القذافي السابق، بقيادة، علي خليفة الكاني، رئيسَ اللجنة الأمنيّة في ترهونة، والذي قُتِل العام 2013 في اشتباكاتٍ داخلية مع عائلة النعاجي، ومثل بجثته.

آل كريلوني

وعلى طريقة "مافيا آل كورليوني" في فيلم "العراب"، سعت "الكانيات" للانتقام من النعاعجة، وأطلقوا عملية عسكرية كبيرة، قتلوا خلالها جميع الأفراد المسؤولين عن قتل شقيقهم، بما في ذلك إبادة عائلات بأكملها وحرمان الأهالي من إتمام إجراءت الدفن وتجريف بيوتهم.

العملية، التي بدأت انتقامية، توسعت لتسيطر على مقر كتيبة "الأوفياء"، وغنمت جميع أسلحتها ومركباتها وطردت من تبقى من عناصرها من المدينة، ونفذت حملة لجمع السلاح من المواطنين.

استتباب الأمر لـ"الكانيات" في ترهونة دفع حكومة الإنقاذ إلى مغازلتها، فأعلن قادتها ولاءهم لها، وخلال ذلك توسعت المليشيات وضمت عناصر من مليشيا "صلاح البركي"، ومليشيا "الدمونة" وأفرادًا من "الجبهة الليبية الإسلامية المقاتلة"، بيد أن السياسة، التي اتبعها قائدها، محمد خليفة الكاني، وشقيقه آمر اللواء السابع، محسن، وكلاهما صاحبا توجه سلفي مدخلي، وهنا يبرز الفرق بينها وبين "ال كورليوني"، انتجت استقرارًا في ترهونة وإحياء بعض المشاريع فيها، وذلك بإرغام المقاولين الذين كانوا متعاقدين مع الدولة على إكمالها، ومحاربة الجريمة.

خليط أيديولوجي

وربما لهذا السبب تصف مصادر سياسية ليبية "الكانيات" بأنها "عبارة عن خليط أيديولوجي ومنفعي"، ويزيد من ثبات هذا التوصيف أن "الكانيات" شاركت في عملية فجر ليبيا عام 2014 إلى جانب مليشيات مصراتة، دون أن تكشف عن هويتها، وهذا ما يفسر "الحلف غير المقدس" بين قائد العملية آمر لواء الصمود، صلاح بادي، الشهير بـ"مدمر مطار طرابلس" و"الكانيات"، الذي انخرط إلى جانبها في هجومها الأخير.

بعيد وصول فايز السراج وحكومته "الوفاق" إلى ميناء بوستة البحري في شهر آذار/ مارس 2016، بقيت "الكانيات" على ولائها لحكومة الإنقاذ، إلى أن غيرتها في السنة التالية، وسرعان ما انتهز السراج الفرصة وأصدر قرار المجلس الرئاسي رقم (13) لسنة 2017، الذي ضم "اللواء السابع" إلى رئاسة أركان حكومة الوفاق.

وجهة مفضلة

الظهور التالي للواء السابع كان في معارك القصور الرئاسية منتصف العام 2017، حين تقدمت "الكانيات" إلى وجهتها المفضلة "مطار طرابلس"، الذي أعيد بناؤه إبان معارك طرد مليشيات حكومة الإنقاذ من طرابلس، معلنة أنها تتبع حكومة الوفاق، لكن هذا التقدم أثار ريبة مليشيا "كتيبة ثوار طرابلس"، التي وجه زعيمها، هيثم التاجوري، تهديدًا مباشرًا للواء السابع، فلم يملك إلا التراجع.

هذا التقدم وغموض موقف "الكانيات" كان وراء قرار المجلس الرئاسي بحل "اللواء السابع-مشاة" في نيسان/ أبريل الماضي، وهو القرار الذي لم يعترف به اللواء السابع قط.

ستة أبناء

لعائلة الكاني ستة أبناء أحياء، هم عبدالخالق خليفة الكاني (50 عامًا)، وهو أكبرهم سنًا ويعتبر وجهًا اجتماعيًا وقبليًا، ومحمد خليفة الكاني، رئيس المجلس العسكري-ترهونة، ويتبع التيار السلفي، ومعمر خليفة الكاني، المسؤول بوزارة المالية عن المصارف والبلديات في ترهونة، وعبدالرحيم خليفة الكاني، صاحب سوق "الشقيقة مول" وقائد سرية صغيرة اسمها "أمن ترهونة"، ومحسن خليفة الكاني، آمر اللواء السابع مشاة ومعروف عنه الصرامة، خاصة مع تجار ومتعاطي المخدرات واللصوص، وسادسهم هو عبدالعظيم خليفة الكاني، أصغر إخوته، يقود أحيانًا سرية تابعة لشقيقه محسن وليست لديه أي قوة عسكرية خاصة.

وخلال سنوات، تضخمت قوة "الكانيات" لدرجة أن العضو المستقيل من مجلس النواب عن ترهونة، محمد العباني، يقدر قوة "اللواء السابع" لوحده بـ 5 آلاف عنصر، منهم ألف ينتسبون لـ"الواء 22"، وهو من ألوية النظام السابق، بما في ذلك آمر اللواء العميد الصيد الجدي، فضلًا عن التحاق عناصر من "اللواء 32" المعزز و"كتيبة امحمد المقريف"، وهما من أبرز كتائب القذافي باللواء.

لا أحد يعرف من يدفع أجور عناصر "اللواء السابع" ويوفر المؤن والذخائر له بعد حله وتوقف مرتبات حكومة الوفاق، ما يطرح السؤال: "فتش عن التمويل؟".

الهجوم الكبير

حمل الهجوم الكبير، الذي شنته "الكانيات" على طرابلس، دون مقدمات، أسئلة مهمة؛ فعدا عن الشعارات التي جرى الزج بها في الهجوم كـ"محاربة دواعش المال العام"، و"تطهير العاصمة من المليشيات"، كان غريبًا أن اللواء واصل إعلان ولائه لحكومة الوفاق، فيما يقاتل مليشياتها في معارك شرسة، في حين لم تقر "الوفاق" أبدًا بتبعيته لها، مؤكدة أن "اللواء قد حل".

ثمة من يرى أن سبب الهجوم هو "رغبة المليشيات في بسط نفوذها على جزء من العاصمة طرابلس"، ما يمكنها مستقبلًا من مساومة حكومة السراج والبنك المركزي على نصيبها من أموال الاعتمادات، والمناصب، والسفارات وغيرها، إسوة بالمليشيات التي تستفيد منها.

لكن هجوم "الكانيات" الغامض حقق نتائج سياسية مهمة، بل وأربك العملية السياسية؛ فقد أثبت استحالة إجراء الانتخابات المقررة يوم 10 كانون الأول/ ديسمبر المقبل، ما دعا المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، إلى الإعلان عن تأجيلها بضعة أشهر، وأطلق الهجوم مبادرة الترتيبات الأمنية التي تعنى باستبدال مليشيات حكومة الوفاق بأجهزة أمنية، برعاية الأمم المتحدة.

ويرى مراقبوان أن ما يجري في طرابلس الليبية يبدو غير معقول، ما يذكر بوصف نقاد مسرح يوجين يونسكو "اللامعقول" بأنه "اختراق الوهم بالوهم"، والواقع أن مليشيات طرابلس هي وهم أجهزة الوفاق الأمنية، فيما "الكانيات" وهم التطلع إلى دور.. لم يكشف النقاب بعد عنه.. وحتى تسفر الكانيات عن حقيقة وجهها وهدفها.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com