فلسطينيون يتجمعون في أحد شوارع غزة أثناء إسقاط مساعدات إنسانية جوًا
فلسطينيون يتجمعون في أحد شوارع غزة أثناء إسقاط مساعدات إنسانية جوًاأ ف ب

كيف سيوصل رصيف بايدن البحري المساعدات إلى غزة؟

وقع الرئيس الأمريكي جو بايدن على خطة جديدة تتضمن إرسال المساعدات إلى غزة من قبرص، على بُعد 250 ميلًا، ونشر ألف جندي أمريكي لبناء رصيف عائم في البحر الأبيض المتوسط، وسط العديد من التضحيات، وفق صحيفة "التايمز".

وقالت الصحيفة البريطانية، في تقرير لها، إن هذا التوقيع جاء بعد فشل محاولات بايدن، منذ أشهر، لإقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالسماح بدخول المساعدات إلى القطاع من دون عوائق، لافتة إلى أن ميناء لارنكا القبرصي أصبح الملاذ الأخير للدبلوماسية الأمريكية في الشرق الأوسط.

ومن شأن هذا الرصيف أن يسمح بتفريغ الإمدادات التي تشتد الحاجة إليها على شاطئ غزة داخل منطقة حرب، من دون وجود قوات أمريكية على الأرض، وفق الصحيفة.

حل خطير ومكلف

وأشارت إلى أن منتقدي هذه الخطوة يقولون إنها تمثل حلًا معقدًا وخطيرًا ومكلفًا بشكل لا يصدق لمشكلة بسيطة، لكنها تمثل في المقابل أحد الخيارات القليلة التي كان بايدن على استعداد لاتخاذها، مع تزايد إحباطه من الحكومة الإسرائيلية، في ظل ارتفاع أعداد الضحايا في غزة، نصفهم من الأطفال.

وبهذا الصدد، تقول وكالات إغاثية إن كثيرين آخرين لقوا حتفهم بسبب الأمراض والإصابات التي كان يمكن معالجتها، لكن نقص الإمدادات الطبية حال دون ذلك، واضطر جميع السكان تقريبًا إلى الفرار من منازلهم، فيما يُعتقد أن ربعهم بات الآن على شفا المجاعة.

جو بايدن يلقي خطاب حالة الاتحاد في قاعة مجلس النواب بمبنى الكابيتول
جو بايدن يلقي خطاب حالة الاتحاد في قاعة مجلس النواب بمبنى الكابيتول أ ف ب

وترجع وكالات الإغاثة عرقلة إيصال المساعدات إلى غزة لعمليات التفتيش الإسرائيلية الشاقة؛ إذ تترك الشاحنات متوقفة عن العمل لأسابيع، إلى جانب تقييد الجيش الإسرائيلي حركة قوافل المساعدات بمجرد وصولها إلى غزة، وهو ما تنفيه إسرائيل.

واعتبرت الصحيفة إعلان بايدن في خطابه عن حالة الاتحاد، الأسبوع الماضي، بأن الولايات المتحدة ستبني ميناء عائما بجوار غزة "محاولة لهدم الوضع الراهن".

"مشروع تجريبي"

ويأتي الإعلان مكملًا لجهود المفوضية الأوروبية لفتح ممر بحري بين قبرص وغزة، ما قد يسمح بإبحار سفينة المساعدات التابعة لمنظمة "أوبن آرمز" الخيرية الإسبانية غير الحكومية نهاية الأسبوع الجاري من لارنكا، ضمن "مشروع تجريبي" لإيصال المساعدات إلى غزة، بحسب الصحيفة.

ومن غير الواضح مكان رسو السفينة، التي تحمل مائتي طن من المواد الغذائية والأرز والدقيق والبروتينات، المقدمة من "وورلد سنترال كيتشن" لغزة، وفق الصحيفة.

وأشارت إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة شاركت بشكل كبير في وضع التصور والتخطيط لهذه المهمة.

ونقلت عن المنسقة على متن سفينة "أوبن آرمز"، إستر كامبس، قولها إن "جميع المواد الغذائية تم فحصها من قبل السلطات الإسرائيلية والقبرصية، لكن المنظمين ما زالوا ينتظرون فحص القاطرة كاملة".

وأضافت: "لأننا في مهمة تجريبية، هي الأولى منذ فتح الممر البحري، فإننا نبذل قصارى جهدنا، لكننا نواجه الكثير من التحديات".

ووفق "التايمز"، فإن الجهود الأمريكية لبناء رصيف بحري عائم ستكون مختلفة عن الممر البحري للاتحاد الأوروبي.

ولفتت إلى قول وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" إن السفن البحرية الأمريكية التي تحمل معدات لبناء الرصيف البحري العائم سوف تبحر باتجاه غزة من قواعد في هاواي أو فرجينيا، في رحلة تستغرق أكثر من أسبوعين.

وأضافت الوزارة أن القوات الأمريكية ستقوم بعد ذلك ببناء الرصيف وتثبيته دون المخاطرة بأفرادها في منطقة حرب.

شاحنة مساعدات عند معبر رفح
شاحنة مساعدات عند معبر رفحأ ف ب

3 أشهر

ونقلت الصحيفة عن الأميرال المتقاعد في البحرية الأمريكية، والزميل البارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الأمريكية، مارك مونتغمري، قوله: "أعتقد أنه سيكون من الصعب للغاية إعداد هذا الرصيف وإدارته، وستكون هناك مخاطر كبيرة أمام حماية القوة المشاركة فيه".

وقدّر الأميرال الأمريكي المتقاعد أن بناء الرصيف البحري سيستغرق ما بين شهرين إلى ثلاثة أشهر، ويمكن أن يشكل خطرًا كبيرًا على القوات الأمريكية التي ستتمركز على بعد أقل من نصف ميل من شاطئ غزة، وفي "متناول نيران حماس".

وقالت الصحيفة إن هذه المهمة تتطلب مشاركة كبيرة من الجيش الإسرائيلي حتى تنجح، مشيرة إلى أن المنطقة الساحلية في قطاع غزة تحوّلت، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلى ساحة معركة، ما يستوجب تنسيق العملية الأمريكية بشكل وثيق مع البحرية الإسرائيلية.

وبموجب الخطة الأمريكية، ستنقل المساعدات جوًا إلى قبرص، حيث سيتم تفتيشها من قبل السلطات الإسرائيلية في ميناء لارنكا، لتبحر سفن المساعدات بعد ذلك إلى مسافة ميل تقريبًا قبالة ساحل غزة، ثم تفريغ حمولة السفن على رصيف بحري مؤقت قبالة الشاطئ، ليصار إلى نقل شحنات المساعدات إلى مركبات الإنزال وإرسالها إلى جسر عائم يرسو على الأرض في غزة.

وأشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل ترفض السماح باستخدام ميناء أشدود الواقع على ساحل غزة مباشرة في مهمات إمداد المساعدات.

ونقلت "التايمز" عن دبلوماسي غربي يعمل في غزة، رفض الكشف عن اسمه، قوله: "إنه أمر محرج.. ماذا نفعل؟ لدينا كل هذا النفوذ، إنهم يعترضون طريق الشاحنات، لذا علينا أن نحاول الالتفاف على ذلك".

وتقول الصحيفة إنه من غير الواضح أيضًا من الذي سيوزع المساعدات بمجرد وصولها إلى الرصيف البحري في غزة، مؤكدة أنه لا بد من مراقبة توزيعها على نطاق واسع.

ويقول دبلوماسيون إنه من دون وجود فرقة فلسطينية، سيتعين على القوات الإسرائيلية، أو غيرها من القوات الدولية المشاركة، تأمين توزيع المساعدات على نطاق واسع، وفق تقرير الصحيفة.

فلسطينيون يتجمعون للحصول على الغذاء في بيت لاهيا
فلسطينيون يتجمعون للحصول على الغذاء في بيت لاهيا أ ف ب

"قلق متزايد"

وبهذا الصدد، يقول الزميل البارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، آرون ديفيد ميلر، إن "الاعتبارات السياسية كانت في طليعة مشروع إمدادات المساعدات البحرية الأمريكية؛ فبعد فشلها في تأمين وقف مؤقت للقتال وتبادل الرهائن قبل شهر رمضان، الذي يبدأ هذا الأسبوع، سعت الإدارة الأمريكية إلى إيجاد سبل أخرى لتغيير الديناميكية على الأرض".

وأضاف ميلر، في تصريح للصحيفة: "لقد تغير نهج الإدارة؛ لأنني أعتقد أنهم يشعرون بقلق متزايد الآن؛ إذ إنهم لن يتوصلوا إلى صفقة رهائن، ما يعني أن عليهم إيجاد طرق أخرى لتغيير الصورة في غزة".

وإذا نجحت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في إنشاء ممر بحري يسمح بتدفق المساعدات من دون عوائق إلى ساحل غزة، فإنهما بذلك سيكونان قد فتحا القطاع أمام البحر للمرة الأولى منذ ما يقرب من عقدين من الزمن، وسط رفض خبراء وعمال إغاثة للمبادرة الأمريكية الجديدة، باعتبارها خطوة رمزية، وليست لحظة فاصلة، بحسب التقرير.

ويقول الزميل في معهد الشرق الأوسط، خالد الجندي: "لا أعتقد أن الرصيف البحري سيغير أي شيء؛ لأن استكماله سيستغرق أسابيع، والناس يموتون من الجوع الآن".

وتابع الجندي، في تصريح للصحيفة: "إنها علامة على الإحباط من جانب إدارة بايدن على ما أعتقد".

وبينما يرى كثيرون في واشنطن وعواصم أخرى أن خطوة بايدن بمثابة توبيخ لإسرائيل، رحبت وزارة الخارجية الإسرائيلية، في بيان، يوم الجمعة، بما أسمته "افتتاح الممر البحري من قبرص إلى قطاع غزة"، وفق الصحيفة.

أخبار ذات صلة
الجيش يتأهب.. واشنطن تدرس إقامة ممر بحري لمساعدة غزة

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com