سد النهضة من أسباب مشكلة المياه في مصر
سد النهضة من أسباب مشكلة المياه في مصررويترز

تحلية مياه البحر في مصر.. بين الضرورة الحتمية والكلفة الباهظة

رغم ارتفاع التكلفة المالية، لجأت مصر إلى تحلية مياه البحر لتأمين احتياجاتها من المياه، لمواجهة تحديات القطاع الحيوي في البلاد.

وتضمنت خطة الحكومة المصرية للخروج من أزمة نقص المياه واللجوء لمياه البحر قرارًا بإيقاف مد المحافظات الحدودية بمياه النيل، وهي البحر الأحمر، ومطروح، وشمال وجنوب سيناء، لتوفير نفقات النقل من ناحية، واستغلال مياه البحر من ناحية أخرى.

ووجَّهت الحكومة المناطق الصناعية والمشروعات الاستثمارية كافة، سواء كانت تجارية أو سياحية أو سكنية، إلى إقامة محطات للتحلية، وعدم الاعتماد على مياه نهر النيل، على أن يُتخذ الإجراء المناسب بحقها في حال مخالفة ذلك.

وقد وصل نصيب الفرد في مصر إلى 600 متر مكعب سنويًّا، ما يعادل نحو 50% من النصيب المطلوب للاحتياجات الزراعية، وفق أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في جامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، الذي أشار إلى أن "الاستهلاك المنزلي لمياه الشرب يصل إلى 11 مليار متر مكعب سنويًّا".

نهر النيل
نهر النيلأ ف ب

ويوضح شراقي، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن "العجز المائي في مصر يتلخص في توفير المياه للنشاط الزراعي الذي يستهلك أكثر من 60 مليار متر مكعب سنويًّا، ما يعادل نحو 80% من حصة مصر المائية، أما نسبة الـ 20% المتبقية، فهي تستهلك في المنازل وقطاعي الصناعة والسياحة".

ولمعالجة هذه المشكلة، اعتمدت مصر الخطة الوطنية للموارد المائية 2017-2037، وتبلغ تكلفتها 50 مليار دولار، وتشمل بناء العديد من محطات تحلية المياه والبناء والتحديث الهائل لنظام الري الزراعي في البلاد.

وتُعدُّ تحلية المياه تقنية فعّالة، إذ يمكنها تحويل وفرة من المياه المالحة إلى إمدادات موثوقة من المياه العذبة الصالحة للشرب، التي تبدو للوهلة الأولى حلًا سحريًّا، ومع ذلك، فإن محطات تحلية المياه لا تأتي دون تكاليف بيئية كبيرة.

ولا يزال تأثير أنشطة تحلية المياه على النظم البيئية قيد الدراسة، وأشارت بعض الأبحاث الحديثة إلى أن "تأثيرات المياه المالحة على البيئة ربما تكون مبالغا فيها"، وفق المركز العربي للعلوم الاجتماعية والإنسانية.

النشاط الزراعي يستهلك 80% من حصة مصر المائية
عباس شراقي، خبير مائي

أحد الحلول لمواجهة العجز المائي في النقص المطلوب للنشاط الزراعي في مصر يأتي عن طريق إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي أكثر من مرة، من خلال إنشاء محطات لمعالجة مياه الصرف الزراعي، مثل محطة بحر البقر، ومحطة المحسمة ومحطة الحمام، وفق شراقي.

ورغم تكلفة إنشاء هذه المحطات الباهظة التي تتعدى مئات المليارات من الجنيهات، توجد طرق عدة لمواجهة مشكلة نقص المياه، تتمثل في مشروعات تبطين الترع والتوسع في إنشاء الصوب الزراعية، واستنباط أصناف زراعية جديدة، والحد من زراعة المحاصيل الشرهة للماء، خصوصًا قصب السكر والموز والأرز، وفق شراقي.

وتتطلع القاهرة إلى بناء 21 محطة لتحلية المياه، وتسعى للحصول على استثمارات أجنبية للمساعدة في تحمل تكلفة المرحلة الأولى البالغة 3 مليارات دولار، وعند اكتمال المشروع، الذي تبلغ قيمته 8 مليارات دولار، سيسهم بنحو 3.21 مليار متر مكعب في إمدادات المياه، أي ما يقرب من 10٪ من العجز الحالي.

من جانبه، يقول أستاذ جيولوجيا المياه ورئيس جامعة الفيوم السابق، الدكتور أحمد جابر شديد، إن "الزيادة السكانية تمثّل عائقًا أمام الدول في توفير المياه، لزيادة الإنتاج الغذائي والزراعي، لكن التغيرات المناخية كان لها تأثير كبير على نقص المياه في جميع بلاد العالم".

وتحرص القاهرة على الاهتمام بملف الموارد المائية لتوفير كميات كبيرة من المياه العذبة التي تتوافق مع الزيادة السكانية، خصوصًا أن التعداد السكاني حاليًّا تجاوز 105 ملايين مواطن، وفق تصريحات شديد لـ"إرم نيوز".

وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها دول العالم - ومنها مصر - وتكلفة إنشاء محطات تحلية مياه البحر الباهظة، دعا خبير المياه والسدود الدولي السابق بالأمم المتحدة، الدكتور أحمد الشناوي، إلى "ضرورة إعادة النظر في سياسة إنشاء محطات التحلية".

أخبار ذات صلة
مصر تعتزم بناء 21 محطة ضمن المرحلة الأولى لبرنامج تحلية المياه بـ3 مليارات دولار

وطالب الشناوي، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، بـ"ضرورة توجيه الاستثمارات إلى مشروعات أخرى أكثر كفاءة وفاعلية في توفير المياه، مثل ترشيد استهلاك المياه، وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي، واستغلال المياه الجوفية".

ويُعدُّ إنشاء مصدر إضافي للمياه باستخدام تحلية مياه البحر ضرورة لا مفر منها بالنسبة لمصر، وسيكون ذا فائدة جيوسياسية تتمثل في تقليل تعرضها لخسائر المياه التي قد تحدث عندما يصبح سد النهضة الإثيوبي عند منبع نهر النيل جاهزًا للعمل بكامل طاقته، وفق معهد الشرق الأوسط للأبحاث والدراسات.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com