شهادات الجوع في غزة.. أطفال رُضّع يصارعون الموت
تتوالى شهادات الجوع المسبب للموت في قطاع غزة خاصة بين الأطفال الرضّع، بسبب غياب الغذاء الصحي، وعدم قدرة الأهالي على تأمين الحليب الخاص والطعام اللازم.
يروي منير أبو كويك أحد أفراد الدفاع المدني بمدينة غزة، تفاصيل واحدة من قصص الجوع، قائلا: "تلقينا اتصالًا هاتفيًا في ساعات متأخرة من الليل، فإذا بأصوات البكاء والصراخ وطلب النجدة تخرج من سماعة الهاتف دفعة واحدة. طلب زميلنا من السيدة التي كانت تتكلم أن تهدأ وتخبره بما يجري حتى يتسنى له خدمتها، وبالفعل أخبرته بأن طفلها الذي لم يأكل منذ أيام بدأ بالتشنج ويصارع الموت".
وأضاف أبو كويك في حديث لـ"إرم نيوز"، أخذ زميلنا بيانات الاسم والمكان، وأخبر السيدة بأننا في الطريق إليها، وبالفعل تجهزنا وأخذنا سيارة صغيرة تابعة لجهاز الدفاع المدني، وذهبنا باتجاه مجمع الشفاء الطبي أوّلًا لأخذ أحد الطواقم الطبية معنا وبعض المستلزمات، ومن ثمّ التوجه إلى المكان.
وتابع، أخذنا أحد الممرضين المناوبين وبعض المستلزمات الطبية ووضعناه في صورة الحدث، وانطلقنا نحو مركز الإيواء الذي توجد به السيدة وطفلها، وعند وصولنا هناك وجدنا مجموعة من المواطنين قد تجمهروا أمام إحدى الخيام، وعند السؤال عن سبب التجمع أخبرونا بأن هناك طفلا يصارع الموت بسبب الجوع.
وأكمل، على الفور طلبنا إفساح المجال، ودخلنا بسرعة إلى الخيمة، حيث كانت الأم تحتضن الطفل، والطفل في حالة تشنج شديد، وبدأ الممرض بإعطائه بعض محاليل الإشباع والجلوكوز، إلى جانب حقنه ببعض الإبر، ومن ثم قمنا بإجلائه ووالدته باتجاه مجمع الشفاء الطبي.
وتابع، "وصلنا إلى مجمع الشفاء الطبي وتم استدعاء عدد من الأطباء المناوبين، وعلى وجه السرعة أجروا له فحوصات للوظائف والعلامات الحيوية وبدؤوا بإعطائه محاليل وريديّة لمد الجسم بأكبر كمية من الغذاء الصحي اللازم لتشغيل الأجهزة التي كادت تتوقف عن العمل".
وعلّق الطبيب مهند الغول وهو أحد الأطباء الذين عالجوا الطفل قائلًا: "لحسن الحظ أن الطفل وصل في هذا الوقت وإلا فإن مصيره الحتمي هو الموت بعد وقت قصير من الاتصال؛ لأن الطفل بدأ يدخل في مرحلة فقدان الوظائف الحيوية للكلى وبعض أعضاء الجسم الأخرى، أي أننا أمام حالة وفاة مؤكدة.
وتابع الغول في حديث لـ"إرم نيوز"، جرى إدخال الطفل إلى وحدة العناية المكثفة، بعد التعامل معه في استقبال الطوارئ، وإخضاعه لجهاز التنفس الصناعي، إلى جانب محاليل وريدية مستمرة، بالإضافة إلى مراقبة دوريّة للعلامات الحيوية للجسم، والتأكد من وصول الأكسجين إلى الدماغ بنسب كبيرة، تجنبًا لحصول خلل في القدرات العقلية للطفل مستقبلًا.
وأشار الطبيب المختص، إلى أن الطفل يخضع للمراقبة الآن، وهو في وضع مستقر ويتحسن يومًا بعد يوم.
ولفت إلى أن غياب الغذاء الصحي عن عشرات الأطفال في شمال وادي غزة، وعدم قدرة أهاليهم على الحصول على الحليب الخاص والطعام اللازم، سيودي بحياة عشرات الأطفال، ولن يتم التمكن من إنقاذ حياتهم، لا سيما في ظل النقض الحاد للأدوية العلاجية بالمجمع.
