من يوميات سكان قطاع غزة
من يوميات سكان قطاع غزةرويترز

الإعلام البريطاني ينحاز: الإسرائيلي "يُقتل".. والفلسطيني "يموت"

إذا أحب الناس شخصا نشروا حسناته وكتموا عيوبه.. هذه سياسة الإعلام البريطاني التي اتضحت أكثر مع حرب حماس وإسرائيل الحالية. حيث إن غزة تقصف لكن إسرائيل بريئة من هذا القصف والقتل.

وبحسب الرؤية الإعلامية الغربية، فجرائم الفلسطينيين يجب أن تذاع وتشاع.. وجرائم إسرائيل تبقى طي الكتمان، حتى لو أغرقت دماء ضحاياها العالم.. وأضعف الإيمان هنا هو عدم الربط بين الجريمة وإسرائيل.

وتعد تلك بعضاً من التعليمات والضغوط القوية التي يرزح تحت وطأتها صحافيون وإعلاميون كثر في بريطانيا. وبعد أن كانوا يتباهون بالانتماء لمؤسسات عريقة باتوا يستحون من هذا الانتماء.

وتقول صحيفة "التايمز" البريطاية، إن بعض الصحافيين البريطانيين اضطروا لطلب إجازة من العمل كي لا يكونون جزءا من سياسة مؤسستهم المحابية لإسرائيل على حساب فلسطين، فيما يبكي آخرون خلسة في المكتب ودورات المياه.

وهذا جزء من واقع صحافيي بريطانيا اليوم الذين يواجهون ضغوطا من مؤسساتهم بالإذعان لطريقة عمل لا تتوافق مع ما تعلموه من مبادئ أخلاقيات المهنة. بل إن التحيز أصبح يصل مقرات عملهم على شكل "تعليمات حكومية" وفق بعض المواقع المتخصصة في شؤون الإعلام.

وتحت عنوان "موظفو (بي بي سي) يبكون في العمل".. بسبب التغطية بين إسرائيل وغزة، ذكرت الصحيفة البريطانية أن موظفي (بي بي سي) اتهمو مؤسستهم بالتساهل الشديد مع إسرائيل و"تجريد" المدنيين الفلسطينيين من إنسانيتهم، حيث إنهم يبكون في المراحيض ويأخذون إجازة من العمل، كي لا يعيشوا هذه اليوميات في مؤسستهم.

أخبار ذات صلة
حتى "رويترز" أغفلت قاتل مراسلها.. هل انحاز الإعلام الغربي لإسرائيل في تغطيته؟

بريطانيا متورطة

وتحت عنوان "بريطانيا متورطة بقتل الطبيب الفلسطيني في غزة" اتهم موقع "جراي زون" (منطقة رمادية)، حكومة سوناك بالتورط في القتل، وإذعان المؤسسات الإعلامية لتعليمات من الحكومة بتعديل طريقة معالجتها لأخبار حرب غزة.

وأوضح التقرير، أن حكومة المملكة المتحدة رفضت إدانة القتل الإسرائيلي المستهدف للدكتور ميسرة الريس، وهو خريج فلسطيني لما يعرف ببرنامج "تشيفنينج" للمنح الدراسية المرموقة، والذي بموجبه يمكن "للقادة الناشئين المتميزين من جميع أنحاء العالم" متابعة درجة الماجستير مدفوعة التكاليف بالكامل في جامعات بريطانية مرموقة.

وفي الوقت نفسه، أصدرت لندن تعليماتها لوسائل الإعلام بالتزام الصمت بشأن تورطها المباشر في مذبحة غزة، وفق ذات الموقع الذي يعنى بمراجعة مصادر المعلومات والقراءة بين السطور ومراقبة ما يصدر في الإعلام البريطاني ورصد سقطاته.

ولقيت منحة "تشيفنينغ" البريطانية انتقادات لاذعة من قبل رواد عبر مواقع التواصل وزملاء الدكتور. والسبب وراء هذا السخط هو نشر "المنحة" خبر مقتل الدكتور منزوعاً من تفاصيله المهمة، على غرار مقتله في غارة إسرائيلية في غزة.

وورد في تغريدة المنحة على موقع إكس (تويتر سابقا): "لقد صدمنا بعد أن علمنا بوفاة خريج تشيفنينغ الدكتور ميسرة الريس وأفراد عائلته ونرسل تعازينا الحارة لعائلته الباقية على قيد الحياة. تعاطفنا وتعاطف مجتمع خريجي تشيفنينغ معك".

والتساؤل هنا... أين هي حيادية ومصداقية واحترافية الإعلام البريطاني "العريق"؟ هل انتقل من الاصطفاف مع الحقيقة إلى تبني موقف السياسيين؟.

لعبة المصطلحات

الاتهامات الموجهة للإعلام البريطاني بالتغاضي عن الحقائق أو قلبها أو تحريفها، والترويج لموقف على حساب آخر، والابتعاد عن المصداقية والطرح المتوازن، لا تصدر فقط عن إعلاميين عرب، بل من بريطانيين. حيث ندد ولا يزال عدد منهم يندد بما وصل إليه حال الإعلام في بريطانيا.

الصحفي البريطاني "هاري فير" اتهم وسائل الإعلام الغربية وخاصة البريطانية بإظهار التحيز في تغطيتها للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، قائلا إن "السرد الشامل" يستند إلى الرواية الإسرائيلية.

وفي حديث لوكالة "الأناضول" التركية قال "فير" إن وسائل الإعلام الغربية ركزت على معلومات غير مؤكدة عن المدنيين الإسرائيليين، بينما أهملت معاناة المدنيين الفلسطينيين، وخاصة الأطفال الذين قتلوا على مر السنين.

وخص "فير" بانتقاداته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) وغيرها من المؤسسات الإعلامية المرموقة لاختيارها الكلمات عند تغطية الصراع في غزة.

وقال إن الهيئة استخدمت مصطلحات مختلفة في تقاريرها، وأشارت إلى أولئك الذين قتلوا في غزة على أنهم "ماتوا"، بينما استخدمت كلمة "قتل" في الحديث عن الضحايا في إسرائيل.

وتحمل كلمة "قتل" في اللغة معنى أقوى، لارتباطها بجريمة واعتداء وظلم، بينما الموت قد يكون طبيعيا، ويحدث دون ظلم أو عامل إجرامي.

وباستخدام "البي بي سي" كلمة "الموت" بدلاً من "القتل" في التحدث عمّا تقوم به إسرائيل، فإنها تبرؤها من الجريمة.

وتعليقاً على ادعاء صحفي إسرائيلي زعم على الهواء مباشرة أن حماس قطعت رؤوس 40 طفلاً إسرائيلياً، قال "فير": "هل صحيح أن حماس نفذت قطع رؤوس 40 طفلاً؟ حسناً، يبدو أن هذا غير صحيح، لأنه لا يوجد أي دليل".

لكنه أضاف أن "القصة تم تغذيتها بشكل فعال في جميع أنحاء المشهد الإعلامي الغربي الناطق باللغة الإنجليزية، بما في ذلك ظهورها على الصفحات الأولى لكبرى الصحف اللندنية".

وختم "فير" قائلاً إن الأطفال "قُطعت رؤوسهم بالفعل بسبب القصف الجوي الإسرائيلي، لكن هذا لا يذكر في التقارير الغربية".

أخبار ذات صلة
"شواهد واضحة".. الإعلام الغربي ينحاز لصالح إسرائيل في حرب غزة

استياء من تغطيات وسائل الإعلام البريطانية

ورغم كل هذا التحيز "الصارخ".. تقول بعض هذه المؤسسات الإعلامية في بريطانيا إنها تتعرض للانتقاد من الإسرائيليين أيضا على غرار ما تورده (بي بي سي).

وفي كل الحالات فإن رواد مواقع التواصل أعربوا بكل الأشكال عن رفضهم لطريقة تعاطي المؤسسات الإعلامية في بريطانيا مع الصراع في الشرق الأوسط.

أما جمهور الـ"بي بي سي" فلم ينتظر طويلا للتعبيرعن رفضه لطريقة تعاطيها مع حرب غزة، فمع مرور الأسبوع الأول، قام بعضهم بتلطيخ بوابة المؤسسة البريطانية العريقة باللون الأحمر، لتمرير رسالة مفادها "يديك ملطخة بالدماء"، وفق تفسيرات خبراء الإعلام.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com