الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون
الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبونAFP

دستوري أم سياسي.. ما سبب تقديم موعد انتخابات الرئاسة الجزائرية؟

فاجأ تقديم موعد انتخابات الرئاسة في الجزائر بنحو 3 أشهر عن التاريخ المقرّر، الطبقة السياسية والمراقبين، في وقت قدمت زيارة الرئيس عبد المجيد تبون المقررة إلى فرنسا جزءًا من الإجابة عن سبب القرار.

وإثر اجتماع ترأسه تبون وحضره رئيسا غرفتي البرلمان ورئيس أركان الجيش، أعلنت الرئاسة الجزائرية في بيان، أمس الخميس، إجراء انتخابات رئاسية مسبقة، في السابع من سبتمبر 2024، مع استدعاء الهيئة الناخبة يوم 8 يونيو المقبل، للإدلاء بأصواتها في الانتخابات الرئاسية.

وجرت آخر انتخابات رئاسية، في 12 ديسمبر 2019، حيث فاز فيها تبون "78 عامًا" بحصوله على 58% من الأصوات، ووقتها خلف عبد العزيز بوتفليقة الذي دفعه الجيش والحراك الشعبي إلى الاستقالة العام 2019.

لا نية لتبون

وعليه كان من المقرر أن تنتهي الولاية الأولى لتبون، التي تستمر 5 سنوات، في 19 ديسمبر المقبل تاريخ تنصيبه رسميًا، ووفقًا للدستور الجزائري يمكنه الترشح لفترة ثانية، غير أنه لم يبدِ نية مباشرة لخوض غمار الانتخابات مجددًا.

لكن الرجل الثاني في الدولة وهو رئيس مجلس الأمة، الغرفة الأولى للبرلمان الجزائري، صالح قوجيل، أكد خلال لقاء مع إعلاميين، في فبراير الماضي، أن "الرئيس تبون له عُهدتان رئاسيتان أولى وثانية، وهو بصدد إنهاء العهدة الأولى، وسيُقدم على عهدة ثانية، لا شيء يمنع من ذلك". وفي أواخر العام الماضي حث أعضاء البرلمان تبون على الترشح لولاية جديدة.

أخبار ذات صلة
خلال زيارته لفرنسا.. تبون يعتزم حسم ملف "جرائم الاستعمار"

ويفصّل الباحث الجزائري المتخصص في القانون الدستوري، عماد لعور، في موضوع الاستحقاقات من الناحية القانونية، مبينًا ما تنص عليه المادة الـ94 من الدستور التي تحصر تنظيم الانتخابات قبل موعدها في 3 أسباب تتعلق بحالة استقالة الرئيس من منصبه، أو وجود مانع وعجز صحي، أو حالة الوفاة.

ويضيف لعور لـ"أرم نيوز"، أن قانون الانتخابات بدوره يشير إلى إجراء الانتخابات الرئاسية في ظرف الثلاثين يومًا السابقة لانقضاء عهدة رئيس الجمهورية، حيث تستدعى الهيئة الناخبة بموجب مرسوم رئاسي في ظرف 90 يومًا قبل تاريخ الاقتراع.

وقياسًا على الدستور، فإن الموعد كان يتوجب أن يحدد، ما بين 19 نوفمبر و19 ديسمبر المقبلين، علمًا بأن تبون باشر مهامه في عهدته الرئاسية في 19 ديسمبر 2019.

أسباب سياسية

وعلى ما يبدو فإن أسبابًا سياسية أكثر منها قانونية، دفعت الرئيس الجزائري إلى اتخاذ قرار إجراء الانتخابات الرئاسية المسبقة، حيث يُعتقد أن "الأصوات القادمة من وراء البحار" التي حاولت الترويج لوجود أزمة داخلية بين أجنحة السلطة حول "مرشح الدولة"، ما قد يؤدي لتأجيل الانتخابات لمدة 6 أشهر أخرى، إلى التحرك لنفي غياب توافقات بخصوص القضية، إذ كان لإرجائها عن موعدها أن يسبب ضجة واسعة في البلاد.

لكن بحسب متابعين، فإن هناك شقًا سياسيًا يتعلق بالمتغيرات الإقليمية والدولية المحتملة والمعقدة التي تريد مؤسسات الدولة حسم ملف هوية الرئيس القادم مبكرًا، وعدم التفكير في إحداث تغيير في أعلى هرم السلطة.

أخبار ذات صلة
الانتخابات الجزائرية.. هل الطريق نحو الولاية الثانية سالكة أمام تبون؟

وتفاديًا لأي تأويل سياسي بشأن تزامن زيارة الرئيس الجزائري لفرنسا، أكتوبر المقبل مع قرب نهاية ولاية تبون، فقد خطط لإجراء الانتخابات المبكرة، حيث "من غير المعقول أن تتم مناقشة العلاقات بين البلدين من طرف رئيس منتهية ولايته"، وفق مراقبين.

في المقابل، تعكس هذه القرارات مع اختيار تاريخ الزيارة "قناعة" بمواصلة استمرار تبون في منصبه لعهدة ثانية، في وقت تكاد تغيب فيه النقاشات عن انتخابات الرئاسة وما يعكس الأمر، إبداء شخصية سياسية معارضة فقط نيتها الترشح وهي زبيدة عسول "68 سنة"، رئيسة حزب الاتحاد من أجل التغيير والتقدم.

الأحزاب تحشد

أما الأحزاب الجزائرية الموالية للسلطة فقد بدأت حشد الجهود مبكرًا لدعم خيار ترشح تبون عبر تصريحات تركز على حاجة البلاد إلى "الاستمرارية" في تنفيذ خطط الإصلاحات السياسية والاقتصادية.

غير أن المحلل السياسي الجزائري عبد الحكيم بوغرارة، يُرجع قضية الانتخابات المسبقة عن موعدها إلى المصالح العليا للدولة الجزائرية وارتباطاتها بعدد من المناسبات في فترة الخريف المقبل، وأهمها أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وزيارة فرنسا في أكتوبر المقبل.

وقال بوغرارة لـ"أرم نيوز"، "إن السلطات تأخذ بعين الاعتبار ظروف الأحوال الجوية غير الملائمة في ديسمبر عكس شهر سبتمبر الذي يسهل الحركة خلاله لمراكز الاقتراع".

قرار سيادي

ورأى في تقديم الانتخابات عن موعدها بالتشاور مع مختلف المؤسسات، قرارًا مناسبًا لتزامنها مع الدخول الاجتماعي وعدم تأثيرها على الرهانات والاستحقاقات المرتقبة.

من جانبه، دافع البرلماني الجزائري أحمد ربحي عن "القرار السيادي لرئيس الجمهورية بتقديم تاريخ الاستحقاق الرئاسي بنص الدستور قبل شهر ديسمبر، بمعنى قبل 3 أشهر".

وقال ربحي في منشور له عبر حسابه الرسمي على "فيسبوك"، إن تقديم موعد الانتخابات راجع لتاريخ إعداد ميزانية الدولة التي يجب تقديمها قبل 7 أكتوبر 2024 والتصديق عليها قبل 31 ديسمبر 2024، لأن التاريخ الأول كان سيصطدم بعدة معوقات تُؤثر على حسن سير مرافق الدولة وعليه، فإن تقديم موعدها يخدم استمرارية مؤسسات الدولة"، بحسب تعبيره.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com