للسنة الثالثة على التوالي.. التمديد للمجالس البلدية يثير جدلا في لبنان

أثار التمديد للمجالس البلدية والاختيارية للسنة الثالثة على التوالي، جدلًا وموجة استنكار واسعة في لبنان.

وجاء قرار التمديد، الذي أقر في الجلسة التشريعية اليوم اليوم، حتّى تاريخٍ أقصاه الـ31 من شهر أبريل/ نيسان من عام 2025، بذريعة الوضع الأمني والقصف الإسرائيلي في المناطق الجنوبية.

تعدٍّ واضح

واعتبر المحامي والناشط السياسي جوليان غصوب، أن التمديد "يشكل تعديا واضحا وصريحا على المبادئ الأساسية والقواعد، التي تشكل ركيزة طبيعية للنظام الديمقراطي".

وبين لـ"إرم نيوز"، أن "هناك مبدأً أساسيًّا يرتكز عليه النظام الديمقراطي، وهو الانتخابات الدورية والمنتظمة بعد انتهاء أي ولاية، وهو ما يتيح للشعب التعبير إما عن رضاه عن الأشخاص المنتخبين، وبالتالي تجديد الثقة بهم، وإما عن عدم رضاه عن أداء هؤلاء، وبالتالي حجب الثقة عنهم وانتخاب غيرهم".

ولفت غصوب إلى أن "ما جرى ما هو إلا إثبات إضافي وواضح على أن النظام المركزي في لبنان هو نظام فاشل، ولا يمكن أن يستقيم وأن يستمر إذا كنا نطمح إلى دولة القانون والديمقراطية".

واعتبر أن "الطبقة الحاكمة تستغل ظرفًا أمنيًّا معينًا في بقعة جغرافية معينة من أجل حجب الحق الديمقراطي والطبيعي للأشخاص بممارسة الانتخابات في باقي المناطق، الأمر الذي لا يمكن أن يكون قابلاً للديمومة في دولة القانون".

ودعا غصوب إلى "التوجه نحو نظام فيدرالي يبيح الحق، ويرتب على السلطة الإدارية المحلية وغير المركزية مسؤولية إجراء انتخابات بغض النظر عن أي عرقلة تحدث في النظام المركزي، ما يتيح للناخبين محاسبة السلطة المحلية التابعين لها، ويسمح بالتالي بالخروج عن سطوة الطبقة الحاكمة في السلطة المركزية على حياة الناس وحقوقها".

أبعاد أخرى

من جانبه، رأى الناشط السياسي الدكتور شبلي المصري، أن "ما جرى يحمل أبعادا تتخطى الحجج المقدمة لتبرير تأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية".

وأكد في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "السبب الحقيقي هو تغيرات في البيئة البلدية في كل بلدة، تخاف الأطراف السياسية من افتضاحها، فيما لو حصلت الانتخابات".

وأكد المصري هناك "تراجعا في الانتخابات النيابية"، مرجحًا أن "الشرذمة ستكون أكبر، حتى الشروخات، ضمن البيئة الواحدة، ستكون أكبر في الانتخابات البلدية".

ورجح "أن الانتخابات البلدية لن تحصل منذ 6 أشهر"، لافتًا إلى أنها "لن تحصل إلا إذا اقتنع المسؤولون وقبلوا بأن الزمن قد يتغير".

بناء الدولة

من جهته تحدث الموظف في وزارة الإعلام حسن حيدر عن "انهيار المؤسسات والوزارات الغارقة في الفساد، الذي أدى الى إهدار الموارد وسوء تخصيصها"، مطالبًا "بإعادة تأسيسها قبل إجراء أي انتخابات"، و "ضرورة بناء الدولة قبل أي شيء آخر".

مُدد للفراغ

بدوره، تحدث الناشط الاجتماعي دال حتّي عن أن "السلطة البلدية هي سلطة كاملة بحدّ ذاتها، وتتمتّع بمروحة واسعة من الصلاحيات تسمح بضبط الإيقاع المجتمعي في البلدة".

وقال لـ"إرم نيوز": "أمام الانهيار الحاصل في الدولة، وتقاعس العديد من السلطات عن القيام بأدنى واجباتها حماية للأمن المجتمعي، يأتي التمديد للمجالس البلدية ليستكمل تحلل المؤسسات".

وتساءل حتّي قائلًا: "لمن مدد مجلس النواب اللبناني، والقسم الأكبر من المجالس البلدية مستقيل أساساً، والقسم الآخر يُعاني من الفراغات في صفوفه بسبب التهجير والسفر والوفيات؟"، مستدركًا بأن "المجلس قد مددّ للفراغ".

بحكم المُنحلة

بدوره قال الأستاذ القانون الدولي والخبير الدستوري الدكتور أنطوان صفير، إن "الانتخابات البلدية والاختيارية هي من قواعد الانتظام العام في البلاد، وقد حصل تمديدها لمرات عدة".

وأضاف لـ"إرم نيوز"، أن ما جرى تداوله بأن "التمديد حصل بسبب الفراغ الدستوري والشغور الرئاسي، ليس مسوّغا على اعتبار أن الانتظام لا يخضع لهذا الموضوع".

وبين صفير أن "التمديد للمرة الثالثة للمجالس الحالية الأمر الذي يسبب مشكلة كبيرة للبلديات التي تعتبر بحكم المنحلة، وهذا يعيق العمل البلدي الذي يتعلق بالتنمية والنظافة والحراسة داخل البلدات، وحتى بالموضوع الأمني في بعض الأحيان بسبب الوجود السوري وغيره".

ونوه إلى أنه "يمكن للمجلس الدستوري اتخاذ قرار بإبطال التمديد للانتخابات، إذا ما رأى بأن هناك أسبابا أساسية تفرض ذلك"، لكن على المجلس "الأخذ بعين الاعتبار، الأسباب الموجبة التي حدَت بالنواب لاتخاذ قرار التمديد".