مدينة كركوك العراقية
مدينة كركوك العراقيةرويترز

هل يشعل التعداد السكاني فتيل أزمة "كركوك" العراقية؟

أحمد عبد

بعد أسابيع قليلة، يجري العراق تجربة أولية للتعداد السكاني المزمع إجراؤه في أكتوبر/تشرين الأول من العام الجاري، وما زالت مدينة كركوك العائق الرئيس لتأجيل هذه الخطوة لسنوات عديدة، في وقت تتصارع فيه القوى السياسية الممثلة للمكونات على النفوذ، وأحقية كل مكون في حكم المحافظة.

صراع الأضداد

عجزت الحكومات المتعاقبة ما بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 عن إجراء التعداد السكاني، فقد كان آخر تعداد رسمي أجرته البلاد عام 1997، وشكّلت المناطق المتنازع عليها ضمن ما يُعرف بالمادة 140 من الدستور العراقي حجر العثرة أمام إجراء أي تعداد، لا سيما مع الصراع الكبير على كركوك بين العرب والتركمان من جانب، والأكراد من جانب آخر.

وعرّف القانون العراقي، الذي شرّعه البرلمان عام 2008، التعداد العام للسكان بأنه جميع الأرقام والبيانات المتعلقة بالنواحي الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والصحية للسكان، وتشمل بيانات التعليم ومستوى المعيشة والقومية والدين والسكن وبيانات أخرى.

أخبار ذات صلة
بعد سنوات من الفشل.. هل ينجح العراق في إجراء التعداد السكاني؟

لكن الخلاف الرئيس بين الكتل السياسية كان يتمحور حول إحصاء "القومية" من عدمه، خصوصاً مع الحديث دوماً عن تغييرات ديموغرافية جرت في مدينة كركوك.

يقول القيادي التركماني والوزير السابق طورهان المفتي، لـ "إرم نيوز"، إن "لمدينة كركوك خصوصية عن باقي المحافظات العراقية؛ لأنها تعرضت بعد عام 2003 إلى نزوح سكاني كبير من قبل الأكراد، سواء من مدينتي أربيل أو السليمانية؛ ما تسبب بتأخير التعداد السكاني لسنوات".

المتحدث باسم تحالف العروبة، ممثلاً عن المكونات العربية في كركوك، عزام الحمداني، أكد لـ "إرم نيوز" أن "العرب مع إجراء التعداد السكاني شريطة أن يكون تعداداً وطنياً غير قائم على أساس تعداد القومية والمكون، وأن لا يرتبط بالأغراض الانتخابية".

وأضاف أن "التعداد سيمنح الحكومة الحالية وما بعدها صورة واضحة عن الأوضاع الاقتصادية التي يعيشها المواطن، وستُحدد من خلاله متطلبات المدن والعائلة لتحقيق التنمية المستدامة".

الكرد وسط العاصفة

تعد كركوك من أوسع المناطق المتنازع عليها في العراق؛ إذ تحوي قوميات عديدة من العرب والأكراد والتركمان، فضلاً عن أقلية دينية كالمسيحية، مع عدد قليل من الديانة "الكاكائية".

يتهم الأكراد النظام السابق باتباع سياسة "التعريب" عبر استقدام آلاف العوائل العربية من وسط وجنوب العراق وإسكانها داخل المدينة، في وقت نزح للمدينة آلاف الأكراد ما بعد تغيير النظام، الأمر الذي وصفه سياسيون وأحزاب باتباع حكومة كردستان سياسة "التكريد" تجاه المدينة.

ويتقاسم الحزبان الكردستانيان الرئيسان "البارتي" و "الاتحاد" النفوذ في محافظة كركوك، ويختلفان في الكثير من المواقف "الكردية" الداخلية، لكنهما يصطفان مع بعض عندما يتعلق الأمر بإجراء التعداد السكاني في كركوك.

عضو مجلس محافظة كركوك عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، حسن مجيد، أكد لـ "إرم نيوز" أن "الأكراد مع إجراء التعداد السكاني، وأن هذا سيحدد حجم كل مكون داخل المحافظة".

ويذهب عضو مجلس محافظة كركوك السابق عن قائمة كركوك المتآخية الكردية، محمد كمال، إلى رأي مجيد ذاته، بالقول إن "التعداد السكاني كان من المفترض أن يُجرى قبل سنوات عديدة، ليتسنى للجميع حصر السكان ومعرفة قومياتهم، فضلاً عن حاجة البلاد إلى خارطة طريق اقتصادية تمكننا من وضع حلول مستقبلية للزيادة السكانية والنمو"، واصفاً مدينة كركوك بأن "هويتها كردستانية".

شركات عالمية متخصصة

أعلنت وزارة التخطيط العراقية تحديد أكتوبر تشرين الأول من العام الجاري موعداً لإجراء التعداد السكاني، وأنها تعاقدت مع 4 شركات عالمية متخصصة لإنجاز العمليات الخاصة بالتعداد العام للسكان، بحسب قول المتحدث باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي.

الهنداوي، وفي رده على سؤال مراسل "إرم نيوز" بشأن كيفية إجراء التعداد السكاني في كركوك والمناطق المتنازع عليها، قال إن "الوزارة راعت وضع المناطق المتنازع عليها، لذا فإن اللجان التي ستعمل على إجراء التعداد ستكون مختلطة ممثلة عن كل القوميات والديانات في المدينة".

وأضاف أن "الوزارة اكتفت بحقل "الديانة" من دون أن يكون هناك إحصاء للقومية أو المذهب؛ لأن هذا يعد تعداداً وطنياً كان الجميع ينتظره منذ سنوات".

الجدير بالذكر أن مؤسسات الدولة العراقية اعتمدت، على مدى السنوات الماضية، على أرقام تخمينية وإحصاءات مرتبطة بعدد الموظفين، أو الذين يحصلون على حصة من مفردات البطاقة التموينية، أو طلاب المدارس، وهذه بحسب الباحثين تعد أرقاماً غير دقيقة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com