تطبيع العلاقات مع إسرائيل يثير سجالا ساخنا في السودان‎
تطبيع العلاقات مع إسرائيل يثير سجالا ساخنا في السودان‎تطبيع العلاقات مع إسرائيل يثير سجالا ساخنا في السودان‎

تطبيع العلاقات مع إسرائيل يثير سجالا ساخنا في السودان‎

أثار اتفاق السودان وإسرائيل على تطبيع العلاقات جدلا واسعا بين مؤيد ورافض للخطوة، في وقت اعتبر فيه وزير العدل السوداني أنه يجوز التطبيع مع إسرائيل قانونا، لأن اتفاق التطبيع يجب إجازته من الهيئة التشريعية أو مجلسي الوزراء والسيادة في اجتماع مشترك في حال عدم قيام الهيئة التشريعية.

ويحتدم الجدل على وسائل التواصل الاجتماعي في السودان (أرض اللاءات الثلاثة) بشأن التطبيع مع إسرائيل، حيث يرحب فريق من الناشطين بخطوة التطبيع ويبرر أنها ضرورية لفك العزلة التي دخلت فيها البلاد منذ وضع اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب العام 1993.

وينطلق الرافضون لخطوة التطبيع من آيديولوجيا قديمة يرى البعض بأنها لن تخدم الشعب السوداني ومصالحه في التطبيع مقارنة بمضاره. ويؤيد غالب المتداخلين خطوة الحكومة بشأن التطبيع لطالما تصب في مصلحة السودان واقتصاده المنهار.



أحزاب رافضة

وترفض أحزاب سياسية مشاركة في الحكومة الانتقالية قرار التطبيع مع إسرائيل، وأولها حزب البعث السوداني الذي اعلن سحب تأييده للحكومة وتليه عدة أحزاب ما زالت تناقش كيفية التعبير عن رفضها منها حزب الأمة القومي الذي هدد رئيسه بالانسحاب من الحكومة ومقاضاتها في حال اتخذت قرار التطبيع.

لعبة سياسية

لكن الخبير الاستراتيجي اللواء حنفي عبدالله، يرى أن قرار التطبيع مع إسرائيل بهذه الكيفية لابد أن ينطوي تحت إطار المؤسسة التشريعية (البرلمان).

وأشار إلى أنّ "الخطوة ستكون مبدئية لأنها تعلقت بشروط، فيما توقع أن يتم تشكيل المجلس التشريعي خلال الـ 45 يوما المقبلة، بعد الخطوة المتوقعة في تعديل الوثيقة الدستورية، ومن الممكن أن يمرر التشريعي هذا الاتفاق".

ولفت الخبير الاستراتيجي لـ"إرم نيوز"، إلى "أن الأمر مرتبط بتفاهمات ولعبة سياسية يتعلق بعضها بالانتخابات سواء الامريكية أو الاسرائيلية"، مبينا أن "الحكومة السودانية بهذه الخطوة منحت الجانب الامريكي تطمينات بأن التطبيع ممكن، ولكنه سيكتمل بمصادقة المجلس التشريعي عليه".

مكاسب اقتصادية

وأكّد "حنفي" أنّ السودان سيكسب كثيرا من هذا الاتفاق من النواحي الاقتصادية لأن معظم الشركات الأمريكية العابرة للقارات هي في الأصل مملوكة ليهود، مضيفا: "نحن ظللنا طيلة الفترة الماضية نلعب بالشعارات ونرى شعب يملك كل هذه الموارد ويقف في صفوف الخبز، والواقع يقول إن اسرائيل تسيطر على كل العالم".

تأمين إسرائيل

ويذهب حنفي إلى أنّ "هدف إسرائيل الكبير في بناء علاقات مع السودان هو تأمين بوابتها الغربية البعيدة، لأنها تعتقد أن السودان في السابق يمثل بوابة لتدفق السلاح إلى المنظمات الفلسطينية، وكذلك الاستفادة من المجال الجوي السوداني".

ضد التطبيع

ويقول "الواثق البرير" الأمين العام لحزب الأمة القومي برئاسة الصادق المهدي، إن رؤية حزبه لقرار التطبيع مع إسرائيل من ناحية مبدأ، إنه ضد التطبيع انطلاقا من موقفنا المبدئي تجاه قضايا الشعوب العادلة القومية والإفريقية.

وأشار إلى أنّ اتفاقية التطبيع مع إسرائيل يجب أن تمر عبر آليتين، المجلس التشريعي، أو حكومة منتخبة من قبل الشعب.

وأكد البرير لـ"إرم نيوز"، أنّ "الاتفاق تناول قضايا استراتيجية كنا نأمل أن يكون الحديث عنها مشاركة بين الحكومة والقوى السياسية، وخاصة أن لدينا معلومات تؤكد بأن الاتفاق تناول قضايا المياه واللاجئين وسد النهضة والتجارة والاقتصاد، وهذه أشياء تخص الشعب السوداني بأكمله وليس القيادات التي وقعت هذا الاتفاق، لأنهم لا يمكلون حق التفويض للمضي في هذه القضايا".

تهديد الانتقالية

ويرى أنّ الحديث عن إحالة اتفاق التطبيع إلى المجلس التشريعي بدون جدوى لأن الاتفاق تم التوقيع عليه ومضى في التنفيذ.

وأردف يقول: "أعتقد أن هذا سيكون سببا في إشكاليات كبيرة في تكوين المجلس التشريعي لأن أطراف الاتفاق ستعمل على تغيير المجلس لتحقيق هذا الاتفاق، خاصة وإن آليات تكوين المجلس غير معلومة حتى الآن"، مشيرا إلى خطورة كبيرة على الانتقال المدني بالسودان، وقال إنه سيخلق تصادما واحترابا بين مكونات الفترة الانتقالية.

وأفاد البرير، أن الاتفاق على التطبيع تم نتيجة للاستجابة لضغوطات دولية وصراع محاور، وقال:" لكن الذين وقعوا هذا الاتفاق عليهم أن يتحملوا المسؤولية أمام الشعب".

خطوة صحيحة

لكن "أبوالقاسم برطم" النائب البرلماني المستقل في البرلمان السابق، ورئيس المبادرة الشعبية للتطبيع مع اسرائيل، يقول "إن هذه أول خطوة سودانية صحيحة 100% طوال الـ 65 عاما الماضية في إطار العلاقات الخارجية".

وأضاف "اعتقد أنّ ما حدث اختراق كبير وقفزة بالزانة في اتجاه تحرر الشعب السوداني، من ثقافة الكراهية والعداء منذ العام 1956، لأن الاساس في العلاقات الدولية هو التصالح وليس العداء".

واعتبر "برطم" الذي سيقود وفدا شعبيا من السودان إلى تل أبيب الشهر المقبل في تصريح لـ"إرم نيوز"، أنّ "هذه هي البداية الصحيحة للثورة الحقيقية ضد المفاهيم والأفكار البالية".

إرباك الأحزاب

ويذهب المحلل السياسي، أحمد الشيخ، إلى أن الأحزاب السياسية التي تشكل حاضنة سياسية للحكومة لن تتبع تهديدها بالانسحاب بسحب ممثليها في الحكومة، وأن الاحتجاجات الظاهرة الآن وسط القوى السياسية مردها أن رئيس الوزراء عبدالله حمدوك أخفى عنها حقائق التطبيع مع إسرائيل في تفاوضه مع الإدارة الأمريكية على رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وضرورة فصل مسار التطبيع عن الإزالة من القائمة ما أحدث حالة من الإرباك وسط هذه الأحزاب.

وزير العدل السوداني يجوز التطبيع مع اسرائيل قانونا

أعلن وزير العدل السوداني نصر الدين عبد الباري، اليوم السبت، أن الوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية في البلاد، لا تضع قيودا غير المصلحة والاستقلالية والتوازن في ممارسة الحكومة لسلطة وضع وإدارة السياسة الخارجية، ولا تمنع إقامة علاقات مع إسرائيل.

وقال عبد الباري في تصريح اليوم، إن "الحكومة الانتقالية الحالية، المؤيدة من السواد الأعظم من السودانيين، ومسنودة من العسكريين، ويقودها رئيس وزراء ( عبدالله حمدوك) يحظى بتأييد لم يحظَ به أي رئيس وزراء في تاريخ السودان تملك القدرة السياسية على إتخاذ القرارات الكبرى، لأنها ليست حكومة انتقالية تقليدية، وإنما حكومة تأسيسية".

وأضاف أن "الحكومة الانتقالية مفوضة بموجب الوثيقة الدستورية الحاكمة بإدارة السياسة الخارجية بتوازن وباستقلالية، ووفقاً لمصالح السودانيين، التي تتغير بتغير الزمان والظروف".

وأفاد المسؤول السوداني أن "قرار التطبيع يعود على السودانيين بمنافع كثيرة في المدى القريب والبعيد تم الاتفاق عليها، وسوف يرون أثر ذلك في الأيام القليلة المقبلة". مشددا على أن "ما يروج له البعض أن ثمنا باهظا دفعه أو سيدفعه السودان أو أن شروطا غير عادلة فرضته الإدارة الأمريكية على السودان غير صحيح".

وقال وزير العدل السوداني: "لقد كانت المفاوضات بندية واحترام، وبمراعاة مصالح الأطراف المتفاوضة، لاسيما مطالب الطرف السوداني". مشيرا إلى أن "اتفاق التطبيع —ككل الاتفاقيات الثنائية أو الاتفاقيات ذات الأطراف المتعدد—يجب إجازته من الهيئة التشريعية أو مجلسي الوزراء والسيادة في اجتماع مشترك في حال عدم قيام الهيئة التشريعية عندما يتم التوقيع على اتفاق التطبيع النهائي".

وأكد الوزير أن "الحكومة الأمريكية استجابت لموقف رئيس الوزراء والحكومة السودانية الثابت بضرورة الفصل بين إزالة السودان من قائمة الإرهاب ومناقشة خطوات التطبيع..لكن صدور قرار إزالة السودان من قائمة الدولة الراعية للإرهاب وإعلان قرار التطبيع في يوم واحد سببه التأخر من جانبنا في إكمال إجراءات فتح الحساب المشترك".

ثمرات التطبيع

ويرى الشيخ في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن "ثمرات التطبيع هي إزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب حيث يتمكن السودان من الاستفادة من التكنولوجيا الإسرائيلية في الزراعة والصناعة وغيرها من المجالات، إلى جانب أن السودان كسب محور أمريكا وإسرائيل والتعامل معهما دون وسطاء كما يحدث في السابق، بالإضافة إلى أمن البحر الأحمر، والتعاون بين البلدين في المجالات العلمية والاقتصادية".

وأرجع الشيخ إصرار إسرائيل على التطبيع مع السودان برغم أنها ليست دولة مواجهة ولا تملك حدودا برية مع اسرائيل،  إلى "أنها حالة نفسية لكون الخرطوم كانت طوال عقود تمثل عاصمة اللاءات الثلاثة".



ويرجح المحلل السياسي أن الأحزاب السياسية التي تعتبر حاضنة للحكومة الانتقالية لن تنسحب من الحكومة، ولن تسحب ممثليها في الحكومة، ويقول إنها حال انسحبت نصف الأحزاب المشاركة في الحكومة لن تمثل ضغطا كبيرا عليها في أمر التطبيع المسنود من الشارع السوداني.

وقال: "لم تخرج مسيرة واحدة رافضة للتطبيع منذ أمس وحتى الآن ما يعد مؤشرا بقبول الشارع السوداني لقرار التطبيع". على حد تعبيره.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com