بعد اتفاق واشنطن وطهران.. هل سيوافق العراقيون على مصطفى الكاظمي؟
بعد اتفاق واشنطن وطهران.. هل سيوافق العراقيون على مصطفى الكاظمي؟بعد اتفاق واشنطن وطهران.. هل سيوافق العراقيون على مصطفى الكاظمي؟

بعد اتفاق واشنطن وطهران.. هل سيوافق العراقيون على مصطفى الكاظمي؟

عندما قبل رئيس المخابرات العراقية مصطفى الكاظمي ترشيحه لمنصب رئيس الوزراء، يوم الخميس، بعد 17 عامًا من دخول القوات الأمريكية بغداد، بدت التحديات المقبلة أكثر حدة من أي وقت مضى منذ غزو العراق.

إذ يترصد الفيروس التاجي كورونا العراق، وتتراجع أسعار النفط بما يكفي لدفع الاقتصاد نحو الكارثة، وتتصادم الميليشيات المدعومة من إيران والقوات الأمريكية حول القواعد العسكرية العراقية، ولا يزال مقاتلو تنظيم داعش يشكلون خطرًا ويحلمون بالعودة.

وأكدت قائمة الحضور في حفل ترشيح مصطفى الكاظمي على المخاطر التي تواجهها البلاد، فقد جلست على الكراسي المذهبة نخبة الساسة،  في استعراض نادر للوحدة لم تشهده البلاد منذ أن أطاحت الاحتجاجات الجماهيرية بحكومة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي في الخريف، ودفعت العراق إلى أزمة.

ووفقًا لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، الكاظمي هو ثالث رئيس وزراء مكلف بالبلاد في غضون 10 أسابيع، وقد هدد عدم اليقين السياسي وعدم وجود قيادة ثابتة مستقبل البلاد في وقت لا يستطيع تحمله.

التوترات الأمريكية الإيرانية

في الوقت الذي تشن فيه الولايات المتحدة وإيران حرب ظل عبر الشرق الأوسط، أصبح العراق ساحة المعركة الأكثر تقلبًا، ويتوقع المسؤولون والخبراء أن الكاظمي، وهو من اللاعبين من وراء الكواليس البارعين، والمعروف بقدرته على تكوين التحالفات في واشنطن وطهران والمنطقة الأوسع، سيتغلب على العقبات التي هزمت المرشحين السابقين، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى امتيازه النادر بأنه مقبول لكل من الولايات المتحدة وإيران.

وقالت راندا سليم، مديرة برنامج حل النزاعات والمسار الثاني في معهد الشرق الأوسط بواشنطن: "لقد استطاع السير على هذا الخط الرفيع بين واشنطن وطهران، فقد لا يكون الخيار الأول لطهران، ولكنه خيار مقبول".

وفي الأشهر الأخيرة، أمر الرئيس ترامب بقتل اللواء الإيراني قاسم سليماني في يناير في هجوم بطائرة مُسيرة خارج مطار بغداد الدولي، وكثفت الفصائل السياسية المرتبطة بإيران الضغط على القوات الأمريكية لمغادرة العراق، كما صعدت الجماعات شبه العسكرية حملتها من الهجمات الصاروخية التي استهدفت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة وقُتل بعض الجنود العراقيين وسط تبادل إطلاق النار.

وفي تلك الأثناء، تضغط واشنطن على الحكومة العراقية لتنأى بنفسها عن إيران، وتطلب من قوات الأمن العراقية مطاردة المسؤولين عن الهجمات الصاروخية، وتزيد الضغط على بغداد للحد من اعتمادها على صادرات الطاقة الإيرانية، التي تستهدفها العقوبات الأمريكية. ومنحت الحكومة الأمريكية إعفاءات قصيرة المدى للعراق تعتمد على التقدم الذي أحرزه في وضع الخطوط العريضة لخطط تنويع إمداداته بعيدًا عن إيران، ووجد العراق نفسه بين ضغوط متنافسة من الولايات المتحدة وإيران.

وقالت كريستين فونتينروز، مديرة مبادرة "سكوكروفت" لأمن الشرق الأوسط في المجلس الأطلنطي ومسؤولة سابقة في مجلس الأمن القومي لترامب: "إن أول مهمة كبيرة للكاظمي إذا تمت الموافقة عليها ستكون تحديد ما يمكن للعراق أن يطلبه ويعرضه على إيران والولايات المتحدة".

وجهات نظر حول الميليشيات

ويأتي تعيين الكاظمي بعد أسبوع من زيارة إسماعيل قاآني، بديل الجنرال قاسم سليماني لبغداد. وقال مسؤولون عراقيون إن الجنرال الإيراني إسماعيل قد أشار في اجتماعاته إلى أن إيران والحرس الثوري لا يريدان مرشح واشنطن المفضل عدنان الزرفي رئيسا للوزراء.

وقال مسؤولون عراقيون مطلعون على صفقات الغرف الخلفية التي أدت إلى ترشيح الكاظمي، الذين تحدثوا شرط عدم الكشف عن هويتهم بسبب حساسية الموقف، إنه "وافق على عدم التدخل في شؤون ميليشيات البلاد، التي يرتبط بعضها بإيران، مقابل دعم الكتل السياسية الشيعية التي أعاقت ترشيح اثنين من رؤساء الوزراء السابقين".

إذ كان يُنظر إلى الزرفي على أنه معادٍ للميليشيات على نطاق واسع، ونتيجة لذلك، فقد الدعم خلال أيامه الأخيرة.

وواحد تلو الآخر، أصدر مؤيدوه السابقون بيانات لدعم مصطفى الكاظمي، والذي لم يكن مرشحا لهذا المنصب، مما دفعه للاستقالة رسميا صباح الخميس، وخلال ساعات بدأت دورة الترشيح من جديد.

وبعد فترة قصيرة من إعلان تعيينه، نشر الكاظمي تغريدة تقول: "بتفويضي لقيادة الحكومة العراقية، أتعهد لأبنائي الكرام بالعمل على تشكيل حكومة تضع تطلعات ومطالب العراقيين على رأس أولوياتها".

وقال مسؤول عراقي مطلع على موقف الميليشيات: إن الكاظمي حصل على قبول جزئي؛ لأنه كان يُنظر إليه على أنه شخص يمكنه إقناع واشنطن بمواصلة الإعفاءات من العقوبات، في الوقت الذي يؤدي فيه انهيار أسعار النفط العالمية إلى تدهور قدرة الدولة على تمويل نفسها.

وقال المسؤول: "إنهم لا يثقون في الكاظمي بالكامل، لكنهم يرونه أيضا كشخص يمكنهم التعامل معه. وفي هذه المرحلة، يريد الجميع بذل قصارى جهدهم للحفاظ على الإعفاءات الأمريكية".

وحضر ترشيح الكاظمي "هادي العامري" زعيم شبكة الميليشيات العراقية، ولكن إحدى الجماعات المؤثرة في الشبكة ردت، الجمعة، بغضب، واصفة ترشيح رئيس المخابرات بأنه "إعلان حرب ضد الشعب العراقي".

واتهمت حركة كتائب حزب الله، التي قُصفت قواتها من قِبل الولايات المتحدة، رئيس المخابرات بالتواطؤ في الغارة التي أسفرت عن مقتل سليماني في 3 يناير، ومع ذلك ظلت الجماعة صامتة بشأن ترشيحه يوم الجمعة.

التحديات المقبلة

التحديات التي سيواجهها العراق أكثر تشابكًا وشمولًا من أي وقت في تاريخه الحديث. ففي الوقت الذي يبذل فيه الأطباء قصارى جهدهم لاحتواء أزمة الفيروس التاجي، يجب على المسؤولين الحكوميين معرفة كيفية تفادي الكارثة المالية التي يمكن أن تثير احتجاجات أكبر وأكثر غضبًا من تلك التي أطاحت بأول رئيس وزراء للبلاد.

وقالت ريناد منصور، وهي باحثة في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مركز "تشاتام هاوس": "كانت أزمتا كورونا وأسعار النفط من أكبر مخاوفنا في المركز، وكان السبيل الوحيد للمضي قدماً هو الاتفاق على الكاظمي، الذي يعد باللعب وفقا لقواعد اللعبة".

ويعتمد العراق على مبيعات النفط في 90% من عائداته، وليس لديه خطة واضحة للتعويض عن النقص المقدر بمليارات الدولارات التي سيتعرض لها بسبب انخفاض أسعار النفط العالمية.

ومن بين أمور أخرى، من المرجح أن تجد الحكومة تغطية أجور حوالي 3 ملايين موظف أمرًا مستحيلا.

وفي إحدى المقابلات الأخيرة التي أجراها قبل تنحيه، وضح الزرفي المشكلة بأشد العبارات، وقال على التلفزيون العراقي: "في الشهر القادم لن نتمكن من تأمين نصف الرواتب، وسنختبر معاناة حقيقية."

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com