أحجية سياسية تحير العراقيين.. من محافظ نينوى؟
أحجية سياسية تحير العراقيين.. من محافظ نينوى؟أحجية سياسية تحير العراقيين.. من محافظ نينوى؟

أحجية سياسية تحير العراقيين.. من محافظ نينوى؟

بينما تشهد بغداد ومدن جنوب العراق احتجاجات مطلبية واسعة، منذ نحو شهرين، يسود الهدوء شوارع محافظة نينوى الشمالية ومركزها مدينة الموصل، لكن أهلها يحاولون فك أحجية سياسية، وهي أن مجلس محافظة منحل يعيّن محافظًا خلفًا لآخر تقدم باستقالته، ولم يقدمها في الوقت عينه.

وبدأت القصة في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر، عندما أعلن مجلس محافظة نينوى، ثاني أكبر محافظة في العراق، فتح باب الترشيح لمنصب المحافظ، معللًا ذلك بشغوره بعد تقديم منصور المرعيد استقالة خطية.

وفي جلسة استثنائية أقيمت، الأحد، وسط إجراءات أمنية مشددة، انتخب المجلس اللواء المتقاعد نجم الجبوري محافظًا، بعد تقدمه ومرشحين اثنين إلى المنصب في فترة الأيام الأربعة التي فتح خلالها باب الترشح، لكن هذا الإجراء الذي قد يبدو روتينيًا صدر في الواقع عن مجلس منتخب تم حله، كغيره من مجالس المحافظات، بقرار للبرلمان في 28 تشرين الأول/ أكتوبر، أما المرعيد، فينفي من جهته التقدم باستقالته، على الرغم من تأكيد مجلس المحافظة حيازته لكتاب بهذا الصدد موقع من المرعيد نفسه.

وثمة بعد آخر للصراع على المنصب الأعلى في محافظة مركزها الموصل، أولى المدن التي سيطر عليها تنظيم داعش في هجومه الكاسح عام 2014، فالمرعيد يعد مقربًا من "الحشد الشعبي" الذي تنضوي في إطاره فصائل مسلحة توالي غالبيتها إيران، وساهمت في القتال ضد المتشددين. أما الجبوري، فهو ضابط سابق برتبة لواء، تولى قيادة منطقة عمليات نينوى، ويعرف بقربه من الولايات المتحدة.

في إطلالته الأولى في مؤتمر صحافي، الأحد، بعيد تعيينه، تعهد الجبوري أمام أهالي نينوى، المحافظة التي تعرف بتنوعها الإثني والديني، "بأنه سيقر العدل والإنصاف، وسيكون للجميع من أيزيديين وأكراد وتركمان وشبك وعرب ومسيحيين دون أي تفرقة".

وتحاول محافظة نينوى بشكل تدريجي أن تنزع عنها آثار سيطرة الجهاديين وأضرار المعارك التي خاضتها القوات العراقية مدعومة بتحالف دولي بقيادة واشنطن، وصولًا إلى استعادة الموصل، في تموز/يوليو 2017.

وقال الجبوري: "سأعمل جهدي لحفظ كرامة الإنسان في نينوى، وتوفير فرص عمل للعاطلين، وانتخابي هو تكريم للقوات المسلحة".

أنا محافظ نينوى

ورفض المرعيد، الذي تولى منصبه في أيار/ مايو الماضي، إبعاده، وقال: "أنا محافظ نينوى، وأستمد شرعيتي من القانون والدستور"، وكان رأى في مؤتمر صحافي عقده يوم انتخاب الجبوري بـ23 صوتًا من أصل 39، أن "لا شرعية قانونية لقرارات المجلس؛ لأنه منحل، وسنقاضي الذين حضروا جلسة الأحد، وجلسة إقالتي التي سبقتها".

ويقول المرعيد، إن رسالة الاستقالة التي يؤكد المجلس أنها بحوزته لا تحمل تاريخًا ولم يقدمها بنفسه، وإنه لو أراد الاستقالة لكان لجأ "إلى المؤسسات الرسمية المعنية وبكتاب رسمي"، منتقدًا "ادعاء المجلس تقديم المحافظ استقالته بورقة مكتوب عليها بخط اليد ودون أي تاريخ".

في المقابل، يؤكد عضو المجلس غانم حميد، أنه تمّ "الإعلان عن الترشيح لمنصب محافظ نينوى بعدما قدم منصور المرعيد استقالته بخط يده وتوقيعه".

انعكاس سلبي

وشهدت نينوى تبدلًا في مركز المحافظ بشكل متكرر في الأشهر الماضية.

ويعد هذا المنصب جذابًا؛ نظرًا للحظوة التي يتمتع بها المحافظ، وأيضًا لأن المحافظة تحظى بموازنة سنوية تصل إلى 800 مليون دولار، وحامت شبهات فساد في الأعوام الماضية حول عدد من محافظي نينوى في بلد ينخره الفساد ويحتل المركز 168 من 180 على لائحة أكثر الدول فسادًا، بحسب تصنيف منظمة الشفافية الدولية.

وبحسب الأرقام الرسمية، أدى الفساد في الأعوام الـ16 الماضية، منذ سقوط نظام الرئيس صدام حسين، إلى خسارة العراق ما يصل إلى 450 مليار دولار، أي ضعف الناتج المحلي الإجمالي.

وأعلنت هيئة النزاهة العراقية، في نيسان/ أبريل الماضي، فقدان ما يقارب 60 مليون دولار من موازنة محافظة نينوى، اختلسها موظفون مقربون من المحافظ الملاحق قضائيًا نوفل العاكوب، قبل إقالته من منصبه.

وأتى قرار البرلمان العراقي بحل مجالس المحافظات مع بداية الاحتجاجات المطلبية غير المسبوقة في التاريخ الحديث للعراق، والتي أدت منذ انطلاقها في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر، إلى مقتل نحو 350 شخصًا، غالبيتهم من المتظاهرين خلال مواجهات مع القوات الأمنية.

ويقول المحلل العراقي حامد الشيخ، إن "مجالس المحافظات حلقة زائدة ومجال للتلاعب والفساد، وحل البرلمان لها خطوة موفقة".

وبحسب القوانين العراقية، يعد مجلس المحافظة "السلطة التشريعية والرقابية" فيها، وله صلاحية إصدار تشريعات لإدارة شؤونها بما لا يتعارض مع القوانين الاتحادية. ويخضع المجلس لرقابة البرلمان، ومن مهامه انتخاب المحافظ، وله صلاحية إقالته وسحب الثقة منه بشروط.

وهي ليست المرة الأولى التي تشهد فيها محافظة عراقية تجاذبًا حول منصب المحافظ. ففي كانون الثاني/يناير الماضي، تنافس ثلاثة أشخاص في واسط، هم: محافظ رفض إقالته، ونائبه الذي أراد تولي المنصب بشكل دائم، وثالث تحجج بانتخابه من مجلس المحافظة.

ويشكل الصراع على المنصب مشكلة إضافية لأهالي نينوى الذين يعانون من آثار معارك الأعوام الماضية، مع بطء عمليات إعادة الإعمار واكتظاظ المخيمات بالنازحين والواقع الاقتصادي والمعيشي المتردي.

ويقول أحمد عبدالرحمن (32 عامًا)، المقيم في الموصل، إن المشهد "ضبابي لا يتحمل هذه الصراعات التي انعكست سلبًا على مفاصل الحياة"، مضيفًا: "نينوى لا تملك واجهة سياسية تمثلها، لهذا أصبح التلاعب بها من الخارج سهلًا جدًا".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com