"انتوا كمان انضبوا".. خلاف السلطنة العثمانية ومتصرفية جبل لبنان يتجدد بعد قرن
"انتوا كمان انضبوا".. خلاف السلطنة العثمانية ومتصرفية جبل لبنان يتجدد بعد قرن"انتوا كمان انضبوا".. خلاف السلطنة العثمانية ومتصرفية جبل لبنان يتجدد بعد قرن

"انتوا كمان انضبوا".. خلاف السلطنة العثمانية ومتصرفية جبل لبنان يتجدد بعد قرن

علق ناشطون لبنانيون غاضبون على باب السفارة التركية في بيروت لافتة كتب عليها: "انتوا كمان انضبوا"، وذلك في أحدث فصول الخلاف بين بيروت وأنقرة؛ على خلفية انتقاد وجهه الرئيس اللبناني ميشال عون للعثمانيين، أسلاف الأتراك.

ووضع الناشطون صورة "جمجمة" شريرة على خلفية تظهر شكل العلم التركي، إلى جانب العبارة التي تستعيد جملة قالها زعيم حزب الله اللبناني حين قال إن تهديده لإسرائيل بالرد على تحليق الطائرات المُسيرة في الأجواء اللبنانية أدى إلى إخلاء ثكنات عسكرية إسرائيلية قريبة من الحدود اللبنانية، ليعلق نصر الله ساخرًا: "قلت لهم انضبوا، بس هنَي هربوا".

وزعمت مصادر تركية أن هذه الخطوة المستفزة عبر تشبيه تركيا بإسرائيل، جاءت في "ظل تقاعس واضح وغير مفهوم من عناصر قوى الأمن الداخلي اللبناني التي لم تحرك ساكنًا إزاء هذا الاعتداء".

ويستحضر الخلاف صفحات من تاريخ السلطنة العثمانية التي حكمت المناطق العربية لنحو 4 قرون، وساقت الشباب العربي إلى الجندية، لقتال وتوسيع رقعة الإمبراطورية العثمانية في مناطق نائية، وسط تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

وكانت شرارة الأزمة الدبلوماسية بين لبنان وتركيا قد بدأت حين هاجم الرئيس ميشال عون في كلمة له بمناسبة الذكرى المئوية لإعلان لبنان الكبير، الحقبة العثمانية، وما عانته بلاده من فقر ومجاعة في ظل السلطنة.

وقال عون: إنّ "كلّ محاولات التحرر من النير العثماني كانت تقابل بالعنف والقتل وإذكاء الفتن الطائفية، مشيرًا إلى أن إرهاب الدولة الذي مارسه العثمانيون على اللبنانيين، خصوصًا خلال الحرب العالمية الأولى، أودى بمئات الآلاف من الضحايا ما بين المجاعة والتجنيد والسخرة".

وسارعت وزارة الخارجية التركية إلى الرد على تصريحات الرئيس اللبناني عون، إذ اعتبرتها "إساءة سافرة للدولة العثمانية"، مشيرة إلى أن التصريحات "مؤسفة للغاية وغير مسؤولة".

وأضافت الخارجية التركية أن تصريح عون "تضمن إشارات كيدية ومغرضة تتعلق بالعهد العثماني، واتهامات بممارسة الإمبراطورية العثمانية إرهاب دولة في لبنان، وهو ما ندينه بأشد العبارات ونرفضه برمته".

في المقابل، رأى مستشار رئيس الجمهورية اللبنانية للشؤون الروسية، أمل أبو زيد، أن "تطاول الخارجية التركية على رأس الدولة في لبنان مدان ومرفوض، وما هو إلا تعبير عن ذهنية التسلط والهيمنة، التي ورثتها الدولة التركية عن السلطنة العثمانية البائدة"، بحسب تغريدة له عبر تويتر.

وتشير مصادر تاريخية إلى أن مجاعة حصلت بين الأعوام 1915 و1918 ضربت مناطق واسعة من سوريا العثمانية، منها ولاية بيروت، ومتصرفية جبل لبنان، وذلك خلال الحرب العالمية الأولى، مدعومة بإهمال جمال باشا الحاكم العسكري التركي في سوريا.

وكان والي السلطنة العثمانية تعمد مصادرة المحاصيل والأملاك لخدمة المجهود الحربي، وهو ما تسبب في هروب الشباب من الأراضي الزراعية في الريف؛ خوفًا من التجنيد الإجباري، وتزامن ذلك مع ظهور أسراب جراد "غطت قرص الشمس". وراح ضحية الوضع عشرات الآلاف، إذ تقول المصادر إن ثلث سكان جبل لبنان مات من الجوع.

وكانت جيوش السلطان العثماني سليم الأول سيطرت في عام 1516 على لبنان وعلى المناطق الجبلية من سوريا وفلسطين، وعهد بإدارة هذه المناطق لفخر الدين المعني الأول وهو أمير من الأسرة المعنية قدم الولاء للباب العالي، لكنه كان يسعى إلى التهرب من دفع الجزية، فقررت السلطنة بسط النفوذ المباشر على البلاد، ولكن ملاك الأراضي والفلاحين اللبنانيين على السواء قاوموا ذلك، وفي عام 1544 توفي فخر الدين في بلاط باشا دمشق مسمومًا، وكذلك قتل ابنه قرقماز في عام 1585 أثناء قتاله للعثمانيين.

وأقرت الدولة العثمانية نظام حكم أسمته متصرفية جبل لبنان، وعُمل به حتى عام 1918، وجعل هذا النظام جبل لبنان منفصلًا من الناحية الإدارية عن باقي بلاد الشام، تحت حكم متصرف أجنبي تعينه الدولة العثمانية بموافقة الدول الأوروبية العظمى الست آنذاك: بريطانيا وفرنسا وبروسيا وروسيا والنمسا وإيطاليا.

وقد استمر هذا النظام حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، حيث اقتسمت بريطانيا وفرنسا المشرق العربي (سوريا والعراق)، بموجب اتفاقية سايكس بيكو، ووقع لبنان وسوريا تحت الانتداب الفرنسي الذي قسم سوريا إلى الأقطار الأربعة المعروفة اليوم بسوريا ولبنان والأردن وفلسطين.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com