تونس.. هل يمثل "اتفاق قرطاج" بداية النهاية لحكومة الشاهد؟
تونس.. هل يمثل "اتفاق قرطاج" بداية النهاية لحكومة الشاهد؟تونس.. هل يمثل "اتفاق قرطاج" بداية النهاية لحكومة الشاهد؟

تونس.. هل يمثل "اتفاق قرطاج" بداية النهاية لحكومة الشاهد؟

رأى سياسيون وخبراء تونسيون أن ما تمخض عنه الاجتماع، الذي جمع الرئيس التونسي، الباجي قايد السبسي، أول من أمس الثلاثاء، مع الموقعين على "اتفاق قرطاج"، يمثل خطوة جدية في تجاه تغيير حكومة يوسف الشاهد، القائمة منذ سبتمبر/ أيلول 2016.

و"اتفاق قرطاج" هو وثيقة تحدّد أولويات الحكومة، وقع عليها، في يوليو/ تموز 2016، كل من: "الاتحاد العام التونسي للشغل" (أكبر نقابة عمالية)، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية" (الأعراف)، واتحاد المزارعين" (مستقل)، وأحزاب سياسية، أبرزها "النهضة" (68 نائبًا من أصل 217) و"نداء تونس" (56 نائبًا).

نحو تغيير الحكومة

الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، الذي شارك في اجتماع الثلاثاء، اعتبر أن حكومة الشاهد هي "حكومة تصريف أعمال".

ورفض الطبوبي، في تصريح لإذاعة محلية، تأجيل التعديل الحكومي إلى ما بعد الانتخابات البلدية، في السادس من مايو/ أيار المقبل.

وقال، إن الحكومة التي ستنبثق عن الحوار المصغر (لجنة اجتماع قرطاج) ستقود تونس إلى نهاية الفترة البرلمانية الحالية (نهاية خريف 2019).

وهو ما رد عليه رئيس الحكومة التونسية، بقوله، أمس، إن "الاتحاد العام التونسي للشغل أول من يعلم أننا لسنا حكومة تصريف أعمال".

وتابع الشاهد، في تصريحات إعلامية، أن حكومته "طرحت إصلاحات جوهرية فيما يتعلق بقطاع الوظيفة العمومية والمؤسسات الحكومية".

وذهب أمين عام حزب "البناء الوطني" التونسي، رياض الشعيبي، إلى وجود "إجماع وطني بين كل القوى السياسية والاجتماعية على تغيير حكومي جذري وعميق".

وأضاف الشعيبي: "يوجد إجماع وطني بين مختلف الفاعلين على حالة الفشل الكبير التي تعيشها حكومة الشاهد".

وأردف أن "التغيير الحكومي ضروري وتأخر كثيرًا"، محذرًا من أن "تأجيل تغيير رئيس الحكومة وأعضائها سيعمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد".

وعقب خروجه من اجتماع قرطاج، قال المدير التنفيذي لحزب "نداء تونس" (المشارك في الحكومة)، حافظ قايد السبسي (نجل الرئيس التونسي) للصحفيين، إن "التحوير (التعديل) الوزاري مرتبط بخريطة الطريق".

وأضاف: "لا نريد أن يكون التحوير شكليًا، بل في العمق، ومبنيًا على الأولويات الاقتصادية والاجتماعية".

وفي وقت تتحدث فيه تقارير إعلامية وتسريبات عن تخلي "نداء تونس" عن الشاهد، تتعمق الأزمة الاقتصادية في تونس، وتراجعت احتياطات النقد الأجنبي إلى أدنى مستوياتها منذ سنوات.

واعتبر الباحث الاجتماعي التونسي، هشام الحاجي، أن "انسحاب الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة من دعم حكومة الشاهد جعل هذه الحكومة في حكم المنتهية سياسيًا".

وقال، إن تشكيل اللجنة من جانب الموقعين على اتفاق قرطاج لتقييم حكومة الشاهد هو "انطلاق لتشكيل حكومة جديدة".

وتحفظ المتحدث باسم حركة "النهضة" (المشاركة في الحكومة)، عماد الخميري، عن تأييد الرأي القائل بإجراء تغيير حكومي، قبل أن يكون ذلك من نتائج عمل اللجنة.

وقال الخميري إن "اللجنة تمضي في عملها، وإذا رأت أن هذا يؤدي إلى تعديلات (حكومية) فنحن لا نمانع.. اللجنة تستدعي (تستغرق) مدة شهر لإنهاء أعمالها".

التعديل.. "رسائل سيئة"

وفق المحلل السياسي التونسي، الحبيب بوعجيلة، فإن "الطبقة السياسية في تونس تبعث برسائل سيئة إلى الداخل والخارج (بشأن الاستقرار) من خلال التغييرات الحكومية المتسارعة".

وبعد الثورة الشعبية التي أطاحت بالرئيس الأسبق، زين العابدين بن علي (1987-2011) مرت تونس بثماني حكومات، هي: حكومة محمد الغنوشي الأولى والثانية (يناير/ كانون الثاني- مارس/ آذار 2011)، وحكومة الباجي قايد السبسي (مارس/ آذار 2011- ديسمبر/ كانون الأول 2011)، وحكومة حمادي الجبالي (ديسمبر/ كانون الأول 2011 – فبراير/ شباط 2013).

وكذلك حكومة علي العريض (مارس/ آذار 2013- يناير/ كانون الثاني 2014)، وحكومة مهدي جمعة (فبراير/ شباط 2014- يناير/ كانون الثاني 2015)، وحكومة الحبيب الصيد (فبراير/ شباط 2015 – أغسطس/ آب 2016)، ثم حكومة الشاهد منذ سبتمبر/ أيلول 2016.

وأضاف بوعجيلة أن "الرسائل السيئة أصبحت عادة أو إدمانًا؛ نظرًا لغياب برنامج مشترك بين الفاعلين السياسيين، ودخول عوامل أخرى في الصراع السياسي، أحيانًا جهوية وأحيانًا من لوبيات الفساد، وأحيانًا خيارات شخصية".

وهو ما اتفق فيه الباحث الاجتماعي، هشام الحاجي، بقوله إن "تونس دخلت مرحلة إنتاج الأزمات الدورية، كشكل من أشكال الحكم، فلم يمض على تشكيل الحكومة إلا وقت قصير، ونجد أنفسنا أمام ضرورة تشكيل حكومة جديدة".

ولفت الحاجي إلى أن "البعض يدعو إلى مراجعة نظام الحكم لتوفير شروط الاستقرار الضروري لتتمكن الحكومة من أداء مهامها".

وكان الرئيس التونسي انتقد، في تصريحات صحيفة في سبتمبر/ أيلول الماضي، نظام الحكم الحالي، فيما دعا قياديون في "نداء تونس" إلى تغييرات في الدستور، لمراجعة نظام الحكم، وأبدوا تخوفات من الحكم المحلي، كما يدعو إليه الدستور (اللامركزية).

لكن أمين عام حزب "البناء الوطني"، رياض الشعيبي، اعتبر أنه "لا يوجد بديل جدي للوضع الحالي، وأطالب بإقالة الشاهد ومراجعة الخيارات الاقتصادية والاجتماعية، وتشكيل حكومة من الأغلبية الانتخابية الموجودة الآن".

مصير الانتخابات البلدية

وحول تأثير التغيير الحكومي المحتمل على مسار الانتخابات البلدية، رد حافظ قايد السبسي على أسئلة صحفيين في قصر قرطاج، الثلاثاء، بأن "جميع الأطراف تعهدت بأن المسار الانتخابي لن يُمسّ".

وأعرب الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، عن رفضه تأجيل التعديل الحكومي إلى ما بعد الانتخابات البلدية (في السادس من مايو/ أيار المقبل)، مشددًا على أهمية وجود "هيئة مستقلة تشرف على الانتخابات".

ومضى قائلاً إنه حتى في حال استقالت الحكومة لن يحدث فراغ في الجهاز التنفيذي، إذ تبقى الحكومة لتسيير الأعمال، فيما اعتبر بوعجيلة أن "موعد الانتخابات يضغط على الفاعلين، وكانت النيّة متجهة إلى تأجيل التحوير بعد الانتخابات، إلا أن الاحتقان الاجتماعي وعلاقة الحكومة بالنقابات مثلما يحدث في التعليم (النقابة رفضت تسليم أعداد الطلاب إلى الإدارة قبل أن تلبي الوزارة مطالبها المادية) قد يجعل التغيير قبل الانتخابات".

وتحدث عن وجود رغبة في تشكيل الحكومة قبل "مفاجأة الانتخابات البلدية"، وهي "رغبة موجودة لدى المنظمات الاجتماعية ونداء تونس خوفًا من شبح النهضة".

ومضى بوعجيلة موضحًا ذلك بـ"وجود خوف من أن تكسب النهضة ورقة الانتخابات البلدية كفاعل رئيس في تشكيل الحكومة إذا تم ذلك بعد الانتخابات".

أما بالنسبة للحاجي فإن "تغيير الحكومة حاليًا سيؤثر على الانتخابات البلدية، وإذا تم تأجيل التغيير الحكومي ستتم الانتخابات في وقتها.. الانتخابات لابد أن تتم في وقتها وبالحكومة الحالية".

وفي الاتجاه نفسه ذهب المتحدث باسم "النهضة"، عماد الخميري، بتشديده على "ضرورة أن تتم الانتخابات".

وختم بأن "الأحسن للبلاد هو أن يكون هناك استقرار.. التغيير الحكومي ليس هدفًا، ويجب تجنب ازدحام الأجندات"، في إشارة إلى ضرورة ألا يتلازم التغيير الحكومي مع أجواء الانتخابات.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com