"خطة عمل أفريقية".. وصفة المغرب لتجاوز مشاكل الهجرة
"خطة عمل أفريقية".. وصفة المغرب لتجاوز مشاكل الهجرة"خطة عمل أفريقية".. وصفة المغرب لتجاوز مشاكل الهجرة

"خطة عمل أفريقية".. وصفة المغرب لتجاوز مشاكل الهجرة

يستعد المغرب لتقديم خطة عمل أفريقية بشأن الهجرة، خلال الدورة العادية الـ30 للاتحاد الأفريقي، المقررة خلال الفترة من الـ 22 إلى الـ 29 من يناير/ كانون الثاني الجاري، بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا.

ويرى خبيران أن المغرب "يمتلك مقومات للنجاح في وضع خطة متقدمة لمعالجة مشكل الهجرة في القارة، خصوصًا أنه تحوّل خلال السنوات الأخيرة من بلد عبور إلى بلد استقبال واستيعاب للمهاجرين.

ودعا العاهل المغربي خلال نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي في القمة الأفريقية الأوروبية الخامسة في العاصمة الإيفوارية أبيدجان، إلى صياغة خطة عمل أفريقية بشأن الهجرة.

وانعقد في العاصمة المغربية الرباط، يوم الـ 9 من يناير/ كانون الثاني الجاري، المؤتمر الوزاري للنظر في صياغة أجندة (خطة) أفريقية حول الهجرة، بحضور 20 وزيراً ومسؤولاً حكومياً أفريقياً، من ضمنهم وزراء خارجية، وكذا ممثلو منظمات أفريقية ودولية تعنى بشؤون الهجرة.

وبحسب ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، في كلمته بالمؤتمر، فإن "الأجندة الأفريقية حول الهجرة تهدف إلى جعل قضية الهجرة رافعة للتنمية المشتركة وركيزة للتعاون جنوب- جنوب (بين الدول الأفريقية) وعاملاً للتضامن".

وقال وزير الخارجية المغربي إن "عدد المهاجرين الأفارقة في العالم يبلغ 36 مليون مهاجر، من إجمالي عدد المهاجرين الذي يبلغ 258 مليونًا، أي أن نسبة المهاجرين الأفارقة تمثل 14% على المستوى الدولي".

وستتمحور الأجندة الأفريقية التي سيتم اقتراحها من طرف المغرب، حول 3 محاور، يتعلق الأول بجعل الهجرة بأفريقيا اختياراً وفرصة وليس ضرورة.

أما المحور الثاني، فيتعلق بـ"تجاوز الصورة النمطية حيال المهاجرين بالقارة"، فيما يسهم الثالث بـ"إعداد مخطط شامل يحترم حقوق المهاجرين، مع التنسيق الإقليمي والدولي".

الحلول مسؤولية أفريقيا

اعتبر سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة العين للعلوم والتكنولوجيا بأبوظبي (خاصة)، أن اقتراح المغرب "خطة أفريقية للهجرة" يأتي من إيمانه بأن "إيجاد حلول ملائمة للهجرة ليس مسؤولية الدول الأوروبية وحدها، وإنما مسؤولية الدول الأفريقية بالدرجة الأولى".

ورأى الصديقي أن "رؤية المغرب تعتمد البحث عن حلول لقضايا الهجرة في إطار إستراتيجية التعاون جنوب-جنوب".

ولفت إلى أن "المغرب سيضع تجربته في المجال أمام بلدان القارة، خاصة أنه كان بلداً مُصَدراً للهجرة وتحول لمدة بلداً للعبور ثم أصبح اليوم بلداً للاستقبال".

ولإبراز أهمية "التعاون القاري في مجال الهجرة"، أشار الخبير المغربي إلى أن "المغرب ليس بمقدوره وحده إيجاد حلول ناجعة للمهاجرين الذين يتدفقون عليه من القارة الأفريقية، رغم أنه قام بمبادرات كثيرة لتسوية وضعية آلاف المهاجرين"، مردفًا، لذلك يرى (المغرب) أهمية التعاون مع دول المصدر لإيجاد حلول تنموية تجعل المهاجرين لا يفكرون في مغادرة بلدانهم".

عناصر قوة المغرب

يقول تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة محمد الخامس (حكومية) بالعاصمة الرباط، إن "بلاده التي أصبحت نموذجًا يحتذى به في تدبير مشكلة الهجرة، وينظر إليه بإعجاب في أفريقيا وأوروبا، سيضع تجربته كاملة بين يدَي أفريقيا".

ويتوقع الحسيني أن يكون للخطة المغربية "بضع مزايا إيجابية تتعلق أساساً بالتخفيف من الضغط على البلدان التي يقع عليها الإقبال بقوة، وإحراج الدول التي ترفض استقبال اللاجئين".

ورأى الحسيني، أن "من عناصر قوة المغرب في تدبير مشكل الهجرة، أنه أخضع الاستقرار على أراضيه لمعايير متقدمة جدًا، وليس المعمول بها في بلدان العالم الثالث، تمثلت في تسوية الوضعية الإدارية لعدد من المهاجرين والسماح لهم بممارسة أعمال في القطاعات الإنتاجية".

وأطلق المغرب السياسة الوطنية للهجرة واللجوء، التي مكنت من إرساء مرحلتين لتسوية وضعية المهاجرين، مكنت الأولى، التي انطلقت في 2014، من تسوية وضعية 25 ألف مهاجر من بين 28 ألف طلب، أغلبهم من دول أفريقيا جنوب الصحراء، وسوريا.

فيما تلقت السلطات المغربية أكثر من 25 ألف طلب من مهاجرين منذ إطلاق حملة التسوية الثانية خلال ديسمبر/ كانون الأول 2016.

وأوضح الخبير المغربي أن "الخطة التي سيقترحها المغرب في الاتحاد الأفريقي ستنطلق أساساً من التوزيع العادل للمهاجرين في مجالات جغرافية محددة، على أن تكون عملية الاستيعاب مدروسة دون تمييز واضح بين المهاجرين واللاجئين".

مسار متواصل

وانطلقت إعدادات المغرب لـ"خطة عمل أفريقية بشأن الهجرة" خلال القمة الـ 28 للاتحاد الأفريقي، في يناير/ كانون الثاني 2017، عندما أعطى العاهل المغربي الملك محمد السادس موافقته، بطلب من رئيس جمهورية غينيا ألفا كوندي، لتنسيق عمل الاتحاد الأفريقي في مجال الهجرة.

وفي يوليو/ تموز الماضي، وضع العاهل المغربي اللبنات الأولى لأجندة أفريقية حول الهجرة، بتقديم مذكرة أولية تحدد "رؤية لأجندة أفريقية حول الهجرة" أمام القمة الـ 29 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي.

وخلال 2018، تتوجه الأنظار إلى المغرب، بعد أن اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع قرارًا يقضي باختياره لاحتضان المؤتمر الدولي للهجرة لسنة 2018، المقرر إقامته يومي الـ 10 والـ11 من ديسمبر/ كانون الأول من العام الجاري، وسيتم خلاله اعتماد "الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة".

وسيكون المؤتمر المذكور مكملًا لأشغال المنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية، الذي يتولى المغرب وألمانيا رئاسته المشتركة، والذي ستنعقد قمته الـ11 في مراكش (وسط)، في الفترة من الـ 5 إلى الـ 7 من ديسمبر/كانون الأول 2018.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قال العاهل المغربي في القمة الأفريقية الأوروبية الخامسة في العاصمة الإيفوارية أبيدجان، إنه "في ظل تسارع حركة الهجرة بوتيرة غير مسبوقة، أصبحت هذه الخطة تفرض نفسها بإلحاح شديد، وتقتضي تفعيلها على أربعة أصعدة: وطنياً وإقليمياً وقارياً ودولياً".

وأضاف وقتها: "الهجرة الأفريقية لا تتم بين القارات، في غالب الأحيان. فهي تقوم قبل كل شيء داخل البلدان الأفريقية ؛ إذ إنه من أصل 5 أفارقة مهاجرين، 4 منهم يبقون في أفريقيا".

وقال إن "الهجرة غير الشرعية لا تشكل النسبة الكبرى؛ فهي تمثل 20٪ فقط من الحجم الإجمالي للهجرة الدولية".

وأوضح أن الهجرة لا تسبب الفقر لدول الاستقبال، لأن 85 ٪ من عائدات المهاجرين تصرف داخل هذه الدول؛ مضيفاً أن التمييز بين بلدان الهجرة وبلدان العبور وبلدان الاستقبال لم يعد قائماً.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com