أمضى 7  أشهر في "مخيم النفايات".. قصة لاجئ عراقي اعتقل في ليتوانيا
أمضى 7 أشهر في "مخيم النفايات".. قصة لاجئ عراقي اعتقل في ليتوانياأمضى 7 أشهر في "مخيم النفايات".. قصة لاجئ عراقي اعتقل في ليتوانيا

أمضى 7 أشهر في "مخيم النفايات".. قصة لاجئ عراقي اعتقل في ليتوانيا

تشكل بعض الدول الأوروبية، مثل ليتوانيا ولاتفيا وبيلاروسيا، كابوساً بالنسبة للاجئين العرب الذين يحاولون العبور إلى أوروبا وتقديم اللجوء.

وتفرض هذه الدول شروطاً صعبة على اللاجئين تصل في بعض الأحيان حد الاعتقال والأسر، لذلك يتفادى المهاجرون تقديم اللجوء فيها، ويفعلون المستحيل كي لا يقعوا في أسر شرطتها.

لم ينج كاظم جاسم ابن العراق رغم قيامه بذلك المستحيل من قبضة حرس الحدود الليتواني، وانتهت رحلته إلى أوروبا أسيراً في مخيماتهم.

نحو وطن وحياة
وقال جاسم "في بلدي العراق لا توجد حقوق وواجبات، خصوصاً الشباب الذين لا يملكون أي مستقبل أو أفق، وأنا شعرت بذلك منذ أن كان عمري 15 عاماً، فقررت السفر والهجرة، بحثاً عن حياة ومستقبل دراسي ومهني أفضل".

وأضاف "عندما وصلت إلى السابعة عشرة، قررت السفر وحصلت على موافقة وتأييد أهلي، وبدأت أتابع أخبار اللجوء واللاجئين على مواقع التواصل الاجتماعي".

قرر كاظم بدايةً، السفر عبر تركيا إلى اليونان، وقدم على تأشيرة إلى تركيا 4 مرات، لكن طلبه رفض، فقرر السفر إلى بيلاروسيا ومنها العبور تهريباً إلى أوروبا.

وقال الشاب "وصلنا إلى بيلاروسيا، وفي نفس اليوم الذي وصلنا فيه بدأنا رحلة التهريب، وكانت أولى محطاتها عبر سيارة أجرة إلى الحدود". وأضاف: "شعرنا أن سائق سيارة الأجرة لا يستلطفنا، فبدأنا الحديث معه عن ظروفنا الصعبة في العراق، محاولين استعطافه كي لا يشتكي علينا، إلى أن وصلنا الحدود".

تجمع كاظم مع 7 من أصدقائه في نقطة الانطلاق، وقاموا بتقسيم أنفسهم على مجموعتين، 4 في كل مجموعة، وبدأوا المسير.

شرطة حدودية طائرة
وهنا قال كاظم "وصلنا إلى السياج الحدودي بعد المسير لساعات باتجاه ليتوانيا، وقمنا بقص السياج وعبوره، وبعدها بدأنا المسير في الغابات الليتوانية – البيلاروسية". وأضاف "في هذه الغابات كانت هناك حشرات لاسعة تغزو الحقول، شوهت لسعاتها وجوهنا. قضينا ساعات دون أن نستطيع كشف أي جزء من أجسامنا، وإلا لسعته الحشرات.. لقد كانت أقسى من حرس الحدود".

قبل الوصول إلى السياج البيلاروسي، شعر كاظم بوجود دورية للجيش، فطلب من أصدقائه الاختباء، وما كان منهم إلا الاختباء داخل مستنقع مائي، وغمر أجسامهم بالماء الملوث.

وتابع الشاب "بعد رحيل الشرطة، مشينا إلى السياج المزود بكاميرات، فقررنا العبور وتسليم أنفسنا بعد تجاوز السياج الفاصل".

وحشية الليتوان
وأضاف "عبرنا السياج وركضنا إلى أن وصلنا إلى مرتفع جبلي صغير، صعدنا إلى قمته وقررنا أن نأخذ قسطاً من الراحة ونتناول الطعام، لكن ما هي إلا لحظات حتى هاجمنا حرس الحدود".

داهمت المجموعة قوات حرس الحدود الليتوانية المدعومة بالكلاب الشرسة، وقامت بالاعتداء على كاظم ورفاقه بالضرب الوحشي. وهنا قال الشاب "استلقيت على الأرض وقمت بوضع يدي على رأسي لأحميه من ضربات العصا والهراوات، وقام أحد الكلاب الشرسة بعضي بعنف. شعرت أن عظامي تهشمت تحت أنيابه".

وأضاف "بعد الضرب المبرح والعض من الكلاب، طلب منا حرس الحدود الاستلقاء، وبدؤوا التحقيق معنا وسؤالنا عن المهربين والمحطات التي عبرناها". وأردف الشاب: "قاموا بغمر رأس صديقي بالأرض فابتلع التراب واختنق، ووصل التراب إلى قصباته الهوائية وبدأ بالسعال بشكل هستيري، أما أنا فأعصاب قدمي ماتت من عضة الكلب، ولم أعد أشعر بقدمي كلها".

أُجبرت قوات الحرس الحدودي على إسعاف كاظم ورفاقه، لكن ليس للمستشفى بل إلى ثكنة عسكرية قريبة، ومكثوا هناك حوالي 19 يوماً.

اللجوء المشؤوم
في اليوم العشرين، أطلق حرس الحدود سراح المجموعة وأرشدوهم إلى مخيم للمهاجرين، وهناك بصموا وقدموا اللجوء في ليتوانيا.

وعن الرحلة إلى المخيم تحدث كاظم قائلا "كان الطريق خطراً للغاية يعج بالعصابات والحيوانات المفترسة. سرنا لفترات طويلة، ثم عبرنا بسيارة حتى وصلنا إلى المخيم الذي كان يسمى مخيم النفايات".

كانت الحياة في هذا المخيم مليئة بالمشاكل، وهو مشهور بخطورته وبكثرة العصابات داخله.

وروى كاظم "كانت تنتشر المشكلات والحروب بين الأكراد والعرب، وفي بعض الأحيان بين العرب أنفسهم.. قام شخص عراقي بكسر عظام وجه عراقي آخر أمامي.. لا أعلم لماذا!".

قضى كاظم فترة طويلة داخل غرفة صغيرة في هذا المخيم، لا يرى الضوء إلا من خلال فتحة صغيرة في الحائط، دون أن يتحدث مع أحد أو يعرف مصيره.

وقال الشاب: "وصلت إلى حد طلبت فيه من السجان إعادتي إلى العراق، وهددته بالانتحار، فقاموا بنقلي إلى خيمة جلست فيها مع شبان عراقيين".

ماذا فعلت بنفسي؟
انتقل كاظم بعد ذلك إلى مخيم آخر، لم يكن الوضع فيه أفضل من السابق بكثير، وبقي هناك 7 أشهر دون أن يعلم مصيره.

وقال: "لا أحد يعرف مصيره هنا، المفروض أن مدة الاحتجاز هي 6 أشهر، تجاوزتها أنا بشهر، دون أن يخبرني أحد ما هو مصيري، حتى الدولة هنا لا تعرف ماذا تفعل بنا". وأضاف: "المعاملة هنا سيئة للغاية، لا توجد طبابة، والمخيم يعج بالأمراض، والسياج المحيط بالمخيم لا يمكن بأي شكل من الأشكال تجاوزه للهروب خارج المخيم".

"أنتظر فرج الله.. لا أعلم متى سيأتي.. لكنه سيأتي لا محالة".. بهذه العبارة ختم كاظم حديثه ومعاناته، منتظراً مصيره المجهول.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com