تقرير: جدل الهوية والتاريخ بين الهندوس والمسلمين ينذر بموجة عنف واسعة في الهند
تقرير: جدل الهوية والتاريخ بين الهندوس والمسلمين ينذر بموجة عنف واسعة في الهندتقرير: جدل الهوية والتاريخ بين الهندوس والمسلمين ينذر بموجة عنف واسعة في الهند

تقرير: جدل الهوية والتاريخ بين الهندوس والمسلمين ينذر بموجة عنف واسعة في الهند

رأت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن المسجد دخل في معركة الهند حول الهوية الدينية، وسط الصراع المحتدم في هذا الصدد بين الهندوس والمسلمين، حيث تهدد سلوكيات الهندوس وآراؤهم المتطرفة بإشعال موجة عنف واسعة النطاق في البلاد.

وقالت في تقرير نشرته اليوم الأربعاء، على موقعها الإلكتروني: "بعد ظهر يوم الجمعة الماضي، وخارج البوابة الصخرية لمسجد (غيانفابي)، فإن الطريق المؤدي إليه شهد وجود العشرات من رجال الشرطة، بعضهم مسلحون بقنابل الغاز المسيل للدموع، وكانت هناك أيضا تغطية إعلامية واسعة، من خلال كاميرات التلفزيون، وميكروفونات المراسلين الصحفيين".

وأضاف التقرير إن "المسجد الذي يعود إلى القرن السابع عشر، في مدينة فاراناسي القديمة (بيناريس أو كاشي سابقا) في ولاية أوتار براديش شمال البلاد، وهي أقدس المدن الهندوسية، ظهر بوصفه أحدث نقطة مشتعلة بين القوميين الهنود والأقلية المسلمة، فبعد مزاعم عبر استقصاء أجرته محكمة بوجود بقايا إله هندوسي في منطقة المسجد، فإن المحكمة صادرت الأرض المبني عليها، وتم حظر التجمعات الكبيرة للمصلين".

ووفقا لوكالة فرانس برس، يركز أنصار الهندوتفا (التفوق الهندوسي) حاليا على مسجد غيانفابي حيث أجريت في الأسبوع الماضي حفريات بأمر محكمة في موقع المسجد كشفت عن "شيفا لينغا"، وهو تمثال لكائن يعد "رمزا" للإله شيفا.

وقال الوزير كوشال كيشور من حزب "بهاراتيا جاناتا" القومي الهندوسي الذي يتزعمه رئيس الوزراء ناريندرا مودي، إن "ذلك يعني أنه موقع معبد" معتبرا أنه يجب أن تتاح للهندوس الصلاة فيه.

وبات يمنع على المسلمين ممارسة طقوس الوضوء المعتادة في المكان الذي عثر فيه على التمثال الهندوسي المزعوم.

تكرار سيناريو التسعينات

ويخشى المسلمون أن يشهد المسجد ما آل إليه مسجد بابري في أيوديا في أوتار براديش الذي شُيّد في القرن السادس عشر، فبعد تدمير المسجد عام 1992، اندلعت أعمال عنف طائفية من بين الأسوأ في تاريخ الهند منذ استقلالها، قضى خلالها أكثر من ألفي شخص معظمهم من المسلمين.

هزت تلك الأحداث الأسس العلمانية للبلاد وفرضت القومية الهندوسية قوة سياسية مهيمنة، ما مهد لانتخاب مودي عام 2014 لقيادة البلاد التي يعتنق 200 مليون من مواطنيها الإسلام.

منذ ثمانينات القرن الفائت، دعم حزب "بهاراتيا جاناتا" بحماسة كبيرة بناء معبد مخصص للإله راما (الصورة الرمزية لفيشنو) في موقع المسجد نفسه، وقد وضع مودي حجر أساسه عام 2020.

مساجد ومعابد

وقال تقرير واشنطن بوست إنه "على مدار عقود، زعم القوميون الهنود بأن عددا من أبرز المساجد في الهند كانت في الأصل معابد هندية، أو مناطق مقدسة، قامت الإمبراطورية المسلمة بتغيير وضعها منذ مئات السنين. هذه المطالبات، التي يراها المسلمون على أنها محاولة لمحو تاريخهم من البلاد، لاقت اهتماما من جانب حكومة رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي".

ونقلت الصحيفة عن عتيق أنصاري، رجل الأعمال البالغ من العمر 66 عاما، والذي يصلي في مسجد غيانفابي منذ عقود، قوله: "هذه مكيدة سياسية، جمال هذه الدولة الذي يتمثل في التنوع يتعرض للتشويه الآن".

ورأت "واشنطن بوست" أن الجهود التي تستهدف استعادة السيطرة على أماكن الصلاة الخاصة بالمسلمين ليس فقط بسبب رفع دعاوى قضائية ضد ما حدث في الماضي، بحسب خبراء، ولكن الهدف الأساسي، كما تقول "أودري تروشكي"، أستاذة تاريخ جنوب آسيا في "جامعة روتجرز" الأمريكية، يتمثل في تجسيد رؤية القوميين الهنود، التي تقوم على أنه لا يوجد مكان للمسلمين في مستقبل الهند إلا إذا كانوا مواطنين مضطهدين من الدرجة الثانية، ويتم منعهم من الحصول على حقوقهم.

وأشارت إلى أن "الزخم القانوني الجديد حول قضية مسجد غيانفابي أدى إلى مخاوف من اشتعال عنف في الشارع، مثل ما حدث قبل 30 عاما في البلاد،بعد أن قامت عصابات هندوسية بهدم مسجد يعود إلى القرن السادس عشر في مدينة "أيوديا".

وأوضحت أن الحركة التي كانت تقف وراء أحداث هذا المسجد هي التي رفعت حزب "بهاراتيا جاناتا"، الذي ينتمي إليه مودي، إلى الساحة السياسية الوطنية في التسعينيات، الآن يتم بناء معبد كبير على الأرض المتنازع عليها، حيث يعتقد الهندوس أنه مكان ميلاد الإله رام.

الرؤية المنحازة للتاريخ

وقالت "تانيكا ساركار"، المؤرخة التي تلقت التعليم في جامعة "جواهرلال نهرو" في العاصمة نيودلهي، إن رؤية القوميين الهنود للتاريخ منحازة بشدة، ومدفوعة بشكل كامل بالرغبة في غرس الهوية العمياء، والكراهية للآخرين، وأشارت إلى أنها تخشى أن تؤدي القضية الأخيرة إلى كم هائل من العنف ضد المسلمين.

تقرير "واشنطن بوست" أضاف بالقول: "خلال الشهور الأخيرة، قامت مجموعة من الهندوس، وعادة ما يحملون السيوف، بتنظيم مسيرات خارج المساجد، والهتاف بشعارات مناهضة للإسلام، وعادة ما تسبب ذلك في وقوع اشتباكات.

واستهدفت السلطات في الولايات التي يحكمها حزب "بهاراتيا جاناتا" الزواج بين الأديان، وحظرت الحجاب في الفصول الدراسية، وتقوم بعمليات هدم لمنازل المسلمين دون سند قضائي".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com