محللون إيرانيون: أزمة مياه خوزستان نموذج لتعامل النظام مع عرب الأحواز
محللون إيرانيون: أزمة مياه خوزستان نموذج لتعامل النظام مع عرب الأحوازمحللون إيرانيون: أزمة مياه خوزستان نموذج لتعامل النظام مع عرب الأحواز

محللون إيرانيون: أزمة مياه خوزستان نموذج لتعامل النظام مع عرب الأحواز

ينشغل محللون سياسيون بقراءة وتحليل أبعاد الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها مدن محافظة خوزستان في إيران؛ اعتراضا على أزمة نقص المياه، والوقوف على سياسة النظام الإيراني في التعامل مع أزمات منطقة خوزستان ذات الأغلبية العربية من المواطنين.

وتشهد محافظة خوزستان، وفي مقدمتها مدينة "الأحواز"، تظاهرات منذ السابع من يوليو الجاري وحتى اليوم؛ احتجاجا على سياسة السلطات الإيرانية بتحويل مسارات أنهار من المحافظة إلى مناطق أخرى، وما تلاه من نقص حاد في مياه الشرب والمياه المخصصة للزراعة.

ورغم أن احتجاجات خوزستان اندلعت بالأساس للتعبير عن غضب الأهالي من أزمة نقص المياه، إلا أن مواطني الأحواز وغيرها من المدن أعربوا عن رفضهم لحُكم النظام، عبر إطلاقهم شعارات من قبيل: "الموت لخامنئي"، و"لا لنظام الجمهورية الإسلامية".

"مافيا" داخل النظام

وفي إطار مناقشة أسباب ودلالات أزمة المياه في خوزستان، قال الكاتب والمحلل الإيراني داريوش معمار إن "خوزستان تواجه العطش منذ سنوات عديدة، رغم أن هذه المحافظة تُعد، بحسب إحصاءات مصلحة المياه في إيران، أكثر مناطق البلاد وفرة بالمياه".

وأضاف معمار، في مقال بـ "الإندبندنت" الفارسية، أن "قرار السلطات الإيرانية نقل مياه أنهار محافظة خوزستان إلى خارجها يمضي قدما، رغم الرفض الشديد من قبل خبراء البيئة في البلاد".

وأشار المحلل الإيراني إلى وجود "مافيا" داخل النظام الإيراني تعمل على استغلال مصادر المياه في خوزستان لمصالحها ومشاريعها الخاصة، ضاربين بعرض الحائط تحذيرات خبراء البيئة من تداعيات نقص المياه على المنطقة سواء اقتصاديا أو جغرافيا.

ولفت إلى أن نواباً إيرانيين عن مدن محافظة خوزستان كشفوا، في وقت سابق، أن أزمة نقص المياه بخوزستان تحمل بُعدا أمنيا وسياسيا، منوهين إلى حرص النظام في طهران على عدم إطلاع أهالي خوزستان على أسباب أزمة نقص المياه.

وأوضح المحلل الإيراني أن بيانات منظمة البيئة في إيران تؤكد معاناة 11 مدينة و700 قرية بخوزستان من نقص المياه، مضيفا أن "سلطات النظام لم تُقدم حتى الآن على حل الأزمة، بل فتحت الرصاص الحي على المحتجين لقمع أصواتهم".

أزمة اقتصادية شاملة

من جهته، تناول الكاتب والمحلل الإيراني أحمد علوي الخصائص الاقتصادية والاجتماعية لأزمة نقص المياه في خوزستان، مؤكدا أن هذه الخصائص هي السبيل الأفضل لفهم طبيعة سياسات النظام في هذه المنطقة.

وقال علوي، في مقاله بموقع إذاعة "فردا" المعارضة، إن "الوضع في محافظة خوزستان يرتبط بشكل أساسي بالمياه، ولهذا فإن أي ضرر يلحق بتوفير المياه لهذه المنطقة ينتهي بأن تتحول الأزمة من مجرد نقص في المياه إلى أزمة اقتصادية شاملة".

وأشار إلى "أن خوزستان تعاني من أزمات البطالة والفقر والإهمال بشكل كبير، ولذلك يعتمد سكانها على مهن أهمها الزراعة وتربية الماشية لكسب مصدر رزقهم، بينما قد يواجه الأهالي أزمة في هذه المجالات، نظرا لارتباطها الوثيق بالمياه".

وأوضح أن "أزمة نقص المياه في خوزستان ليست جديدة، بينما تُمثل في الواقع نموذجا لتعامل النظام الإيراني مع مقدرات البلاد، والأهم أنها تكشف رؤية النظام لتوزيع مزايا هذه المقدرات ومنافعها الاقتصادية على خريطة البلاد".

ورأى المحلل الإيراني أن "المياه تُعد واحدة من بين المصادر الاستراتيجية التي يعمل النظام على توزيع حصصها على من هم الأقرب إليه، في حين أن الأقرب للنظام في هذه الحالة ليس المواطنين، وإنما مراكز القوى وعصابات السلطة، لا سيما المعسكر المقرب من المرشد الأعلى".

وتابع قائلا: "رغم أن منطقة خوزستان تأتي في المرتبة الثانية من حيث الناتج المحلي الإجمالي لإيران، إلا أنها لا تتمتع بأي أولوية لدى النظام بسياق توزيع مصادر الدخل مع غيرها من المدن والمحافظات الإيرانية".

سيناريو قمع الاحتجاجات

بدورها، سلطت الكاتبة والمحللة الإيرانية يلدا أميري الضوء على تصاعد الاحتجاجات الشعبية في خوزستان ضد أزمة نقص المياه، وأسلوب النظام الإيراني في التعامل مع المحتجين الذين خرجوا للتعبير عن قضية واضحة وهي "العطش".

وقالت أميري، في مقال بموقع "زيتون" التحليلي المعارض، إن "الجمهورية الإسلامية دائما ما تلجأ في مواجهة أية احتجاجات إلى سيناريو مكرر؛ وهو تسمية المحتجين بمثيري الشغب وتخوينهم وإلصاقهم بأطراف خارجية معادية لإيران".

واعتبرت أن "هذا السيناريو يأتي في ظل سياسة النظام الإيراني لانحراف مطالب المحتجين عن مسارها، سواء كانت هذه المطالب اقتصادية أو سياسية أو حتى بيئية، كأزمة نقص المياه التي تشهدها مدن خوزستان".

وأشارت إلى أن إعلام النظام الإيراني، خاصة المعبر عن صوت مؤسسة الحرس الثوري، يعكف هذه الأيام على نشر تقارير ومقالات رأي تقارن بين احتجاجات الأحوازيين وبين الانتفاضات الشعبية التي خرجت خلال السنوات الأخيرة ضد النظام، والتي تصفها هذه المنابر الإعلامية بـ "أحداث الفتنة والمعادية للثورة".

وأكدت المحللة الإيرانية أن أسلوب النظام في طهران لقمع احتجاجات أهالي خوزستان يتشابه بشكل كبير مع أدوار الاحتجاجات الماضية في الشارع الإيراني، والتي عادة ما تشهد قطع السلطات لخدمة الإنترنت، والدفع بقوات أمنية قمعية، وأخيرا اعتقال أعداد كبيرة في صفوف المحتجين.

وكشفت أن احتجاجات مدن خوزستان على أزمة المياه تمر بحالة من العنف من قبل عناصر الأمن الإيراني، سواء العناصر الرسمية، أو غير الرسمية التي تنشط منذ تسعينيات القرن الماضي في فض الاحتجاجات الشعبية وهي ترتدي "زيا مدنيا".

ونوهت إلى أن تصاعد الاحتجاجات في خوزستان قد يتسع إلى خارج حدود هذه المحافظة؛ وهو ما حدث بالفعل في العاصمة الإيرانية طهران، وأيضا مدينة مشهد الدينية، اللتين تضامن سكانهما مع مواطنيهم في خوزستان، حتى أنهم هتفوا ضد النظام والمرشد.

وبحسب تقارير إيرانية، فإن أزمة انقطاع المياه عن أهالي خوزستان وتحديدا مدينة الأحواز تسببت في أن تشهد هذه المنطقة جفافا متواصلا، حتى أن الآبار التي يستعين بها أهالي الأحواز بدأت تجف واحدة تلو الأخرى، وبات العطش وافتقار المياه أبرز ما يهدد الأهالي.

ويرى مراقبون أن النظام الإيراني يتعمد إهمال منطقة خوزستان وحرمانها من الخدمات الأساسية من الصحة والتعليم والبنى التحتية؛ بهدف تصفية العنصر العربي الذي يُمثل أغلبية سكان هذه المنطقة، في ظل امتلاكهم ثروات طبيعية غنية، أهمها النفط والغاز.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com