نتانياهو: الجيش يقوم بتفكيك "معاقل حماس" في جباليا شمال قطاع غزة
صنفت أنقرة جبهة النصرة كتنظيم إرهابي، في مؤشر على أن المفاوضات، التي أجرتها المخابرات التركية مع قادة الجبهة، وصلت إلى طريق مسدود، لاسيما مع اقتراب ساعة الصفر لبدء الجيش السوري بدعم روسي المعركة الأخيرة في إدلب، آخر معاقل المعارضة المسلحة.
وكانت جبهة النصرة في السابق مدعومة ماليًا من تركيا وقطر كما أكد ذلك قبل شهور رئيس وزراء قطر السابق الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني.
ووفقًا لتقارير سابقة، فإن غالبية عناصر الجبهة، التي تسيطر على المساحة الأكبر في محافظة إدلب، رفضت، خلال المفاوضات، الرضوخ للمطالب التركية بحل نفسها تجنبًا لعمل عسكري وشيك تستعد له الحكومة السورية التي قالت على لسان وزير الخارجية وليد المعلم إن الهدف الرئيس من معركة إدلب هو "مسلحو الجبهة".
وأفاد مرسوم صدر عن الرئاسة التركية الجمعة، أن تركيا صنّفت هيئة تحرير الشام، التي تضم عدة تنظيمات أبرزها النصرة، منظمة إرهابية.
وتعارض أنقرة بشدة القيام بعمل عسكري في إدلب التي يعيش فيها نحو ثلاثة ملايين شخص، بعضهم جاءوا إليها من مناطق المصالحات التي جرت بين المعارضة السورية المسلحة والنظام السوري في الغوطة والقلمون وجنوب البلاد.
ومن المتوقع أن يشجع القرار التركي فصائل المعارضة المسلحة "المعتدلة" على الدخول في تسويات ومصالحات مماثلة مع النظام، مع الإشارة إلى أن موسكو ودمشق تفضلان هذا الخيار المتمثل في "نصر دون حرب".
ويرى محللون سياسيون أن تصنيف تركيا لجبهة النصرة منظمة إرهابية جاء بضغط روسي، في محاولة لعزل التنظيم "المتشدد" عن باقي التنظيمات "المعتدلة"، المتحالفة مع تركيا، والتي ستضطر إلى عقد مصالحات مع النظام السوري بدلًا من خوض "معارك خاسرة".
ويضيف المحللون أن القرار التركي هو نوع من "التكتيك" لشراء الوقت بهدف تأجيل توقيت المعركة، مشيرين إلى أن تخلي تركيا عن "الجبهة" في هذه اللحظات الحاسمة سيدفع الكثير من عناصرها إلى البحث عن فرصة للنجاة، وهو ما سيضعف التنظيم، الأكثر قوة في إدلب.
ويوضح المحللون أن مثل هذا السيناريو سيجعل المعارك محدودة، مما سيحول دون تدفق أعداد هائلة من اللاجئين نحو تركيا التي أعربت مرارًا عن خشيتها من أن تؤدي المعارك في إدلب إلى كارثة إنسانية جديدة تغرقها بمزيد من اللاجئين الذين يقدر عددهم، حاليًا، بنحو ثلاثة ملايين يعيشون على الأراضي التركية.
وفي حال فتحت أنقرة حدودها، أثناء المعارك المحتملة فستكون هناك كارثة جديدة في تركيا، وإذا أغلقتها، فستكون الكارثة أسوأ"، وفقًا لمصادر رسمية تركية.
ورغم العقيدة الجهادية "المتزمتة" لاتباع جبهة النصرة، المرتبطة بالقاعدة، الذين تمرسوا في ساحات القتال في العراق وأفغانستان والشيشان وغيرها، إلا أن الجبهة طُعمت كذلك خلال الحرب السورية، بعناصر أقل خبرة من مقاتلين عرب وأتراك وأوزبك وشيشانيين وطاجيك وقلة من الأوروبيين.
ويرى المحللون أن مثل هذا "الخليط البشري غير المتجانس"، سيربك صفوف الجبهة بفعل القرار التركي، مرجحين أن تشهد الجبهة انشقاقات بين عناصر سيرضون بالتسوية وتسليم أسلحتهم، وآخرون سيقاتلون بدافع عقائدي إيديولوجي، حتى الرمق الأخير.
ورغم بعض الشكوك التي تحيط بمدى جدية تركيا في الالتزام بالقرار الذي صدر عنها حيال جبهة النصرة، إلا أن المحللين يرون بأن أنقرة مضطرة للتقيد بفحوى قرارها، لا سيما في ظل علاقاتها المتوترة مع واشنطن والاتحاد الأوروبي، لافتين إلى أن تركيا لن تجازف بإغضاب روسيا، كذلك.
ويضيف المحللون أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لن يجد أفضل من معركة إدلب لإثبات جدية تحالفه مع روسيا في وقت يعيش فيه وضعًا حرجًا بسبب تهاوي عملة بلاده، وتراجع علاقاته مع أمريكا وأوروبا، وهو ما قد يتسبب في انهيار شعبيته.
وكانت تقارير سابقة أفادت أن تركيا طلبت من روسيا مهلة تمتد حتى الرابع من أيلول/سبتمبر ريثما تتمكن من إقناع جبهة النصرة بحل نفسها والاندماج مع باقي فصائل المعارضة المسلحة، الأمر الذي قد يمنع هجوم الروس والنظام السوري على إدلب، غير أن القرار التركي الأخير أظهر أن أنقرة عجزت عن تحقيق هذا الهدف.
وزار وفد وزاري تركي رفيع موسكو قبل نحو أسبوع لبحث السيناريوهات المطروحة لإدلب، وضم الوفد وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، ووزير الدفاع خلوصي أكار، ورئيس الاستخبارات هاقان فيدان.
وكرر أوغلو، خلال الزيارة، رفض بلاده لأي عمل عسكري في إدلب، لكنه استدرك أن "من المهم إزالة مخاوف روسيا فيما يخص إدلب، حيث من الضروري ألا تشكل الجماعات المتطرفة أي تهديدات لوجودها وقاعدتها في المنطقة"، في إشارة إلى قاعدة حميميم الروسية في سوريا.
وكانت صحيفة "الوطن" السورية، الموالية للنظام، نقلت عن مصادر مقربة من فصائل مسلحة في إدلب قولها إن أنقرة كانت قد دعت قيادات "النصرة" إلى اجتماعات تشاورية في تركيا عقدتها على مدار 3 أسابيع لبحث مصير إدلب، مشيرة إلى أن "النصرة" رفضت حل نفسها والانضمام إلى تنظيم "الهيئة الوطنية للتحرير"، المدعوم من تركيا، لعدد من الأسباب، أحدها خلاف إقليمي ودولي حول مصير مقاتليها الأجانب الذين ترفض دولهم الأم عودتهم إليها وتطالب بتصفيتهم في إدلب.
وأضافت المصادر، وفقًا لـ"الوطن"، أن "النصرة" تخشى استهدافها من قبل تركيا عبر الائتلاف الجديد "الهيئة الوطنية للتحرير" الذي تطالب بعض فصائله بتصفية النصرة، لافتة إلى أنها "لا تثق بنوايا" أنقرة.
وتشكلت الهيئة الوطنية للتحرير قبل نحو شهرين بدعم تركي وتتضمن نحو 12 فصيلًا معارضًا.
ومن المنتظر أن يحدد مصير إدلب، التي تعيش حالة من الترقب والقلق، خلال قمة ثلاثية في السابع من الشهر الجاري تجمع الرئيس الإيراني حسن روحاني مع نظيريه الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان.
ومحافظة إدلب والمناطق المحيطة بها هي آخر منطقة كبيرة خاضعة لسيطرة جماعات المعارضة المسلحة المناهضة للرئيس السوري بشار الأسد الذي يستعد لإطلاق ما يمكن أن يكون آخر معركة رئيسة في الصراع الدائر منذ عام 2011.
وتسيطر هيئة تحرير الشام، التي تشكل جبهة النصرة قوامها الرئيس، على نحو ستين في المئة من أراضي المحافظة الواقعة شمال غرب سوريا، والمحاذية لتركيا.
يشار إلى أن جبهة النصرة، هي ذراع لتنظيم القاعدة، تشكلت أواخر سنة 2011 خلال الأشهر الأولى من عمر "الأزمة السورية"، وسرعان ما نمت قدراتها بتمويل قطري تركي لتصبح أبرز قوى المعارضة المسلحة للدولة السورية لخبرة رجالها وتمرسهم على القتال. وتبنت الجبهة عدة هجمات انتحارية في حلب ودمشق.
وفي محاولة لنزع صفة الإرهاب، وفك الارتباط مع القاعدة، أعلن زعيم الجبهة أبو محمد الجولاني، في 28 تموز/ يوليو 2016 من خلال تسجيل بث على قناة "الجزيرة" القطرية إلغاء العمل باسم "جبهة النصرة" وإعادة تشكيل جماعة جديدة باسم "جبهة فتح الشام"، ليس لها علاقة بأي جهة خارجية، في إشارة إلى تنظيم القاعدة.
وفي مطلع العام الفائت أعلنت "جبهة فتح الشام"، وحركة نور الدين زنكي، وثلاث فصائل أخرى حل الفصائل المذكورة وتشكيل "هيئة تحرير الشام".