الحرائق.. من آثار التغير المناخي في تونس
الحرائق.. من آثار التغير المناخي في تونسأ ف ب

هل تنجح "الدبلوماسية الخضراء" في التصدي لتغير المناخ بتونس؟

وجدت تونس في قمة المناخ المنعقدة مؤخرًا بدولة الإمارات فرصة لأجل حشد الدعم المالي المطلوب لمواجهة تداعيات التغيرات المناخية وإنقاذ أمنها الغذائي باعتبارها من الدول المتضررة من مشاكل الاحتباس الحراري والجفاف وندرة المياه. 

وشاركت تونس في الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "كوب 28"التي استضافتها دبي.

ويتساءل خبراء ومتابعون عن مدى نجاح وقدرة الدبلوماسية الخضراء التي تنتهجها تونس على إقناع المانحين الدوليين بأحقيتها وأفضليتها كدولة متضررة للحصول على تمويلات تدعم خططها الوطنية في هذا المجال.

وحذَّر أحدث تقرير للبنك الدولي من أن الاقتصاد التونسي مهدد بالتراجع بنسبة 3.4 في المئة من الناتج الداخلي الخام بحلول عام 2030 في حال لم تتخذ الدولة إجراءات عاجلة للتعامل مـع مخاطر التغيرات المناخية وبشكل خاص نقص المياه.

في المقابل تؤكد وزارة الزراعة التونسية حاجتها إلى اعتمادات بقيمة 70 مليار دينار لتنفيذ إستراتيجية المياه في أفق عام 2050، أي بمعدل 2.7 مليار دينار سنويًّا، في إطار مجابهة تأثير التغيرات المناخية.

أخبار ذات صلة
كوب28.. اتفاق تاريخي يدعو للتحوّل عن الوقود الأحفوري

وأوضح محمد علي فنيرة ممثل البرلمان التونسي في الاجتماع البرلماني لقمة المناخ في"كوب 28" لـ"إرم نيوز"أن "تونس تتحرك لأجل الحصول على التمويلات الضرورية، وقد سررنا بالمصادقة على صندوق الكوارث المناخية".  

وتابع "صحيح نحتاج اليوم إلى تمويلات كبيرة لكننا بصدد التفاوض مع العديد من الأطراف الدولية وعمل وزارة البيئة دؤوب في هذا المجال لتوفير التمويلات اللازمة لمواجهة التغير المناخي".   

وأقر بأن" تونس تحتاج إلى جهد كبير للوصول إلى الرقم المطلوب، رغم أنها من الدول النامية والتي تعد من ضحايا الدول المصنعة الكبرى المستهلكة للكربون، ورغم ذلك تدافع بكل الطرق لأجل الحصول على الدعم لأجل المساهمة في حماية البيئة".

محمد علي فنيرة ممثل البرلمان التونسي في الاجتماع البرلماني لكوب 28
محمد علي فنيرة ممثل البرلمان التونسي في الاجتماع البرلماني لكوب 28إرم نيوز
أخبار ذات صلة
تعرف على المدن المهددة بالغرق بسبب التغير المناخي

ووفقًا لتقريرللأمم المتحدة تحتاج الدول النامية إلى ما يزيد على 300 مليار دولار سنويًّا بحلول عام 2030 للتكيف مع تغير المناخ. 

ولاحظ فنيرة تقدمًا فيما يخص التفاوض مع الأطراف الدولية غير أنه يبقى تقدمًا" غير كاف لتحقيق الأهداف طويلة المدى وهي الحد من الانبعاثات وبناء قدرة على التكيف وتأمين التمويل والدعم الاقتصادي"، معتبرًا أن "ما يخصص لأفريقيا هو نحو 3 في المئة رغم الأضرار الكبيرة للمناخ، وهي غير كافية مقارنة بما تحتاجه دول القارة".  

وحسب فنيرة فقد شدد"البرلمانيون المشاركون بالقمة على"أن التغير المناخي يحتاج إلى تركيز اقتصاد منخفض في استهلاك الكربون واستثمار كبير في الطاقة المتجددة للوصول إلى الهدف المرجو وهو صفر كربون بحدود سنة 2050".  

وأشار إلى أن" تونس أكدت مساعيها للحد من الانبعاثات بنسبة 45 في المئة لحدود سنة 2030، غير أنها مسؤولية مشتركة بين جميع الدول".  

التحرك في الوقت المناسب

وحذَّرت الأوساط البرلمانية المشاركة بكوب28 من أن عدم التحرك في الوقت المناسب لمواجهة مشاكل المناخ وعدم الحصول على التمويلات اللازمة سيقود إلى نتائج اجتماعية وخيمة على غالبية دول العالم حيث سيتفاقم الفقر وانعدام الأمن وعدم المساواة وارتفاع نسق الهجرة غير الشرعية، حسب ما ذكره فنيرة، وأردف"من لا يملك ماءً وهواءً نظيفًا سيفضل الانتقال إلى مكان آخر."

ورغم إقناع المانحين الدوليين بالحصول على التمويلات الكافية، تعد مهمة غير سهلة بالنسبة لتونس، فإن الاتفاق على تفعيل صندوق عالمي للمناخ للمساهمة في تلبية احتياجات الدول النامية المعرضة لتداعيات تغير المناخ في "كوب 28"  يعد خطوة إيجابية، حسب خبراء البيئة والمناخ.   

واعتبر عادل الهنتاتي الخبير الدولي في البيئة والتنمية المستدامة " أن"تفعيل صندوق مواجهة أضرار المناخ سيمنح تونس فرصة للحصول على التمويلات الضرورية وجبر الضرر خاصة وأنها بادرت بتقديم برامج ومشاريع إلى هذا الصندوق."

ورأى في حديث خصَّ به "إرم نيوز" أن" توقيع تونس وسويسرا اتفاقية على هامش قمة المناخ الأخيرة يعد أولى نتائج هذا الجهد وخطوة تمهد لمزيد الدعم لخفض الانبعاثات بالبلد".

عادل الهنتاتي الخبير الدولي في البيئة والتنمية المستدامة
عادل الهنتاتي الخبير الدولي في البيئة والتنمية المستدامةإرم نيوز
أخبار ذات صلة
خبراء: "صحة البشر تواجه خطرا كبيرا بسبب التغير المناخي"

ووقعت سويسرا وتونس السبت الماضي، اتفاقًا ثنائيًّا متعلقًا بحماية المناخ والذي يسمح بتحقيق مشاريع تخفيض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بتونس وذلك بتمويل من الحكومة السويسرية.

ووصف الهنتاتي هذا الاتفاق بـ"المهم"، لافتًا إلى أن"تونس لديها مشاريع تخص تطوير منظومة الطاقة المتجددة خاصة الشمسية وهو أمر هام جدًّا؛ إذ من شأن هذه المشاريع أن تضاعف قدرة العالم على إنتاج الكهرباء عن طريق الطاقة المتجددة". 

أخبار ذات صلة
شح المياه والتصحر ونظم الزراعة تتصدر فعاليات "كوب28"

التمويل مرهون بنجاعة الدبلوماسية

ويبقى نجاح تونس في الحصول على تمويل يقيها مخاطر التغيرات المناخية رهن انتهاجها دبلوماسية ناجعة وتقديمها مشاريع مقنعة قادرة على المساهمة في حماية البيئة، وفق خبراء. 

ويرى عامر الجريدي المستشار السابق لوزير البيئة التونسي خلال حديثه لـ"إرم نيوز" أن" تونس لن تقدرعلى تعبئة الموارد المالية المطلوبة والضرورية للتكيف مع تغيّرالمناخ دون "دبلوماسية خضراء" ناجعة وفاعلة، وهو رهن كفاءة القائمين على الحقيبة الحاملة لموضوع البيئة على مستويات أربعة".  

وتابع "علينا تقديم مشاريع مقنعة تستجيب لشروط الأطراف الإقليمية والدولية المانحة ووفق رؤية واضحة، وإستراتيجية تنفيذ ناجزة، وخطة اتصالية ومدروسة، وأداء دبلوماسي نافذ وفعّال. "

وبيّن الجريدي أنه "بعد تحقّق الاستقرار السياسي، ينتظر تونس وضع رؤية لمنوال تنموي لا يمكن أن يكون إلّا مستدامًا أو مسؤولًا (وهي مصادقة على الأجندة 2030 الأممية للتنمية المستدامة وعلى كلّ المواثيق المتعلقة بالبيئة والاستدامة)".

كما شدد على ضرورة " بناء خطّة إصلاحية تطويرية تحمل رؤية معيّنة للمدرسة التي نريد أن تكرّس ذلك المنوال التنموي، وتعبئة مجتمعية لتبنّيه".

عامر الجريدي المستشار السابق لوزير البيئة التونسي
عامر الجريدي المستشار السابق لوزير البيئة التونسي إرم نيوز
أخبار ذات صلة
دول عربية تستخدم طائرات دون طيار لمواجهة التغير المناخي

واستدرك المستشار السابق لوزير البيئة التونسي قائلًا "لعلّ استشارة وطنية حول منوال التنمية ستلي الاستشارة الوطنية لإصلاح وتطوير التعليم وتكون تونس مهّدت بذلك لانتقالها التنموي (الإيكولوجي) والتربوي على أسس منهجية صلبة تمكّن أصحاب القرار من صياغة برامج ومشاريع مقبولة من الأطراف المانحة". 

واستنتج بالقول" ذلك أن القصور في الأداء سببه غياب المنهج المتأسس أوَّلًا وقبل كلّ شيء على الرؤى في مختلف المجالات، بما في ذلك المسألة التنموية المرتبطة بالمشغل البيئي الذي أصبح تغيّر المناخ عنوانه".

وحسب التقرير الأخير للبنك الدولي، فإن تونس تواجه تحديات مناخية كبيرة بسبب تضررها من الاحتباس الحراري وندرة المياه، كما إنها مهددة بتآكل السواحل والفيضانات؛ ما يستوجب خطة وطنية عاجلة لإنقاذ وحماية أمنها الغذائي وتخفيف أضرار تداعيات المناخ على اقتصادها الوطني.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com