تأتي في مقدمة المصانع الأكثر تلويثًا تلك المتخصصة في إنتاج مادة الأمونيا
تأتي في مقدمة المصانع الأكثر تلويثًا تلك المتخصصة في إنتاج مادة الأمونياGetty image

التلوث الصناعي يهدد الجزائر بكارثة بيئية ويسبب أمراضًا خطيرة

يخلف التلوث الصناعي أزمة بيئية حادة في الجزائر مع أن البلاد غير مصنفة ضمن الدول الصناعية الكبرى، حيث يدفع المواطنون فاتورتها الصحية أمراضًا، والمزارعون وصيادو الأسماك خسائر وذلك بناء على شكاوى الجمعيات النشطة في مجال البيئة.

ويواجه حوض "سيبوس" التلوث الحضري والصناعي والزراعي، وهي منطقة تقع شمال شرق الجزائر العاصمة وتمتد على مساحة 6471 كيلومترًا مربعًا بطول 240 كيلومترًا، ويغطي 86 بلدية و7 ولايات أبرزها عنابة، والطارف، وسكيكدة، وقسنطينة، وقالمة، وسوق أهراس، وأم البواقي. 

وقد تسبب في التلوث العديد من المصانع عبر 4.5 مليون متر مكعب من الملوثات الصناعية، والتي يتم إطلاقها سنويًّا على وجه الخصوص في هذا النهر، منها 3 ملايين متر مكعب من الزيوت المستعملة. 

أخبار ذات صلة
ارتفاع التلوث السام يُجبر الهند على فرض قيود على حركة المركبات

وأحصى مسؤول محلي من ولاية عنابة شرق البلاد في تصريح لـ"إرم نيوز"، وجود 86 وحدة صناعية في حوض سيبوس، منها ثمان فقط لديها محطة خاصة بها لمعالجة مياه الصرف الصحي، ومن المقرر إنشاء محطات أخرى لمعالجة المياه.

وتأتي في المقدمة المصانع الصناعية الكبيرة الأكثر تلويثًا، وهي تلك المتخصصة في إنتاج مادة الأمونيا على وجه الخصوص بـ 800 ألف طن، يتم تصدير أكثر من ثلثها إلى الخارج. 

وبالنسبة لنشطاء البيئة، ومنهم جمعية أصدقاء البيئة الجزائرية، فإن هذا المنتج شديد الخطورة، وتسربه في البحر يمكن أن يسبب كارثة بيئية، ويتم نقله بواسطة سفن مبردة بدرجة حرارة -33 درجة. 

ولم تفلت الجزائر وساحلها البحري الكبير من الظاهرة الملحوظة في البحر الأبيض المتوسط. 

وتعتبر المناطق الساحلية الجزائرية اليوم هي الأكثر سكانًا في حوض البحر الأبيض المتوسط، حيث يعيش أكثر من 40% من مجموع السكان الجزائريين على 1.6% من أراضي البلاد يتوزعون على المدن الثلاث الكبرى: العاصمة، وعنابة، ووهران.

وينعكس هذا النسيج المتوسع من الأنشطة الصناعية، على التوازنات البيئية والاقتصادية حيث تتزايد مستويات التلوث البحري يومًا بعد يوم في المناطق الحضرية العالية وتستمر المجمعات الصناعية في إطلاق نفاياتها. 

ويتأسف الناشط في جمعية "شجرتي" البيئية، عمار نسيلي لعدم تجهيز العديد من الوحدات الملوثة بأنظمة مكافحة التلوث، وبالنسبة لبعضها، فإن معدات المعالجة الخاصة بها لم تعمل بشكل صحيح. 

وأضاف لـ"ارم نيوز"، أنه يتم إطلاق النفايات السائلة المحملة في أغلب الأحيان بملوثات كيميائية دون أي معالجة، فهي مسؤولة عن التلوث الخطير للمياه السطحية، لا سيما الأودية وسدود المياه الجوفية والمياه البحرية.

 وبصورة أخرى فإن هذا التلوث أصاب العديد من المنابع المائية والسدود وخلَّف آثارًا ضارة على البيئة والصحة العامة.  

وتنفي الجهات الرسمية في الجزائر تقاعسها عن وضع حد للتلوث البيئي، وكشفت مديرية البيئة بالجزائر العاصمة أن 16 شركة صناعية موجودة في المنطقة قامت بإلقاء النفايات السائلة والسامة في وادي الحراش، وبحيرة الرغاية وقد تم توجيه قرار بإغلاق هذه الوحدات. 

وقال مصدر بالهيئة لـ"إرم نيوز" إنه تم تطبيق قرارات الإغلاق التي سلطت على وحدات صيانة السيارات العاملة بالمنطقتين الصناعيتين الرغاية والرويبة شرق العاصمة.

وكانت وزارة البيئة والطاقات المتجددة أحصت وجود 6 آلاف وحدة صناعية مصنفة ضمن المؤسسات "الملوث المحتمل" للبيئة وللوديان.

وغير بعيد عن النتائج المتوصل إليها، فقد كشف بدوره ممثل لجنة الصيادين عن خطورة ما يتعرض له الساحل البحري لعاصمة ولاية عنابة والذي يمتد بشكل خاص على مسافة 80 كلم.

ومن الأنشطة المحظورة التي ارتكبها الملوثون إلقاء ما يقرب من 160 ألف لتر من الزيوت المستعملة في حفرة عمقها 40 مترًا عبر وادي سيبوس الذي يصب بدوره في بحر المنطقة. 

وكشف صيادون جزائريون، أن التلوث الذي تم الإبلاغ عنه عبر ساحل مدينة عنابة تسبب في انخفاض ملحوظ في المنتجات السمكية في الصيد وبيعها في الأسواق المحلية.  

ولعل أكبر تهديد على مدى نصف قرن للمواطنين كان وادي الحراش بروافده، الذي يصب في سواحل العاصمة وفي مياه البحر الأبيض المتوسط، حيث يعد مقبرة ومفرغة للنفايات السائلة من مياه الوحدات الصناعية المحملة بمختلف المواد الكيماوية المتدفقة من المناطق الصناعية؛ ما يشكل مصدر تهديد بيئي لسكان المدينة؛ ما أضحى بمثابة الخطر المحدق بالواجهة البحرية في سياق تنامي النسيج الصناعي والانفجار الديمغرافي.

وأوضحت لجنة حكومية حسب مصادر مطلعة لـ"إرم نيوز"، أن أشغال تهيئة هذا الوادي على طول 18 كلم وتأهيله وتطهيره انطلقت في 2013، إذ يتعيَّن تسليم المشروع وتحويله إلى مساحات وفضاءات مهيأة للزوار قبل حلول نهاية العام الجاري. 

أخبار ذات صلة
التلوث يتسبب بـ5% من حالات السرطان في أوروبا

وكشفت وزيرة البيئة والطاقات المتجددة الجزائرية فازية دحلب مساء الاثنين، أنّ حظيرة وادي السمار ستفتح قريبًا أبوابها أمام العائلات الجزائرية وهذا بعد خضوعها لأشغال إعادة تهيئة.

لكن رواد مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا صورًا تُبين تواصل حالة الوادي السيئة الذي لا يزال يتدفق على بعض الشواطئ جراء تدفق مياه الصرف الصحي.

وبسبب التلوث يدفع الجزائريون فاتورة صحية باهظة على رأسها الإصابة بأمراض القصبة الهوائية وسرطان الرئة الذي يَعرف انتشارًا واسعًا يصل إلى 50 ألف حالة جديدة سنويًّا.

أما كلفة التدهور البيئي فتقدر بنحو 52 مليون دولار جراء المخلفات والنفايات، و541 مليون دولار من تدهور الأراضي، إذ يفقد الاقتصاد الوطني 1.2 في المئة من إجمالي الناتج المحلي نتيجة التلوث سنويًّا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com