السعودية.. قصر المربع الطيني القديم يكتسب شهرة عالمية عبر مشروع جديد

استلهمت السعودية قصر المربع التاريخي الذي بني في ثلاثينيات القرن الماضي، لتصميم مجسم عملاق سيتوسط حيًا تجاريًا وسكنيًا فارهًا تعتزم بناءه وسط العاصمة الرياض، ليكتسب القصر الطيني، بين ليلة وضحاها، شهرة عالمية بجانب شهرته المحلية.

وأعلنت المملكة، يوم الخميس، عن إطلاق شركة "تطوير المربع الجديد" لتعمل على بناء منطقة وسط الرياض أو ما يُعرف باسم "داون تاون" الذي يميز أشهر المدن الأمريكية والأوروبية، مثل: نيويورك ولندن، أو دبي المجاورة.

ويتضمن المشروع الجديد بناء مكعب أبعاده 400 متر لكل من الطول والعرض والارتفاع، سيتوسط "الداون تاون" المرتقب بكل أبنيته ومساحاته الخضراء، في محاكاة لقصر المربع الذي بناه مؤسس السعودية في بداية توحيد المملكة وما زال شاهدًا على تلك الحقبة.

وقالت "دارة الملك عبدالعزيز"، وهي مؤسسة ثقافية معنية بتراث السعودية والجزيرة العربية والعالم العربي، إن مشروع المربع الجديد أو "الداون تاون" باسمه العصري، هو امتداد لقصر المربع الذي أدار منه المؤسس البلاد لسنوات.

ونشرت "الدارة" عبر تويتر، صورًا للقصر القديم بجانب تصميم المكعب العملاق الجديد الذي سيتوسط "الداون تاون"، مع تعليق جاء فيه "من (المربع التاريخي) إلى #مشروع_المربع_الجديد مسافات شاسعة تعدَّاها وطن شامخ، وقيادة رشيدة، وشعب أصيل".

وعادت الأضواء إلى قصر المربع القديم مجددًا بعد أن تسابقت وسائل الإعلام المحلية والعالمية للحديث عن "الداون تاون" الجديد الذي سيكون وجهة استثمارية جديدة لكبريات الشركات، بينما تناقل مدونون كثر صورًا ومعلومات للمكان التاريخي الذي تم استلهامه ومحاكاته في المكعب الجديد.

وقال الدكتور نايف الشرعان، وهو أكاديمي مهتم بالتاريخ: "#المربع_الجديد أكبر داون تاون حديث في العالم، يحاكي قصر المربع القديم.. بمساحة تبلغ 19 كم2، ويوفر 334 ألف فرصة عمل، و 180 مليار ريال دخلا غير نفطي، و 9000 وحدة ضيافة، وغيرها من وسائل الترفيه".

واختار الكاتب والإعلامي السعودي البارز، مشاري الذايدي، خلال تعليقه على مشروع "الداون التاون" الجديد، الإشارة لبيتي شعر من قصيدة للشاعر بدر بن عبدالمحسن، يمجد فيهما القصر القديم.

وكتب الذايدي عبر تويتر: "ضمن مباهج الرؤية السعودية، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يعلن عن مشروع# المربع المبهر أعظم داون تاون جديد، وبين المربع الجديد والحديث نتذكر أبيات البدر بن عبدالمحسن:

كن (المربع) توه اليوم مشيود/ جدران طين أطمام سقفه جرايد.

قصر بنى للعدل والطيب والجود/ سوره ذرا للناس وفرشه وسايد".

ويقول القائمون على مشروع "الداون تاون" الذي كشف عنه ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، إنه سيضم وحدات سكنية، ومرافق ترفيهية وتعليمية، على مساحة تتجاوز 19 كيلومترًا مربعًا، وبطاقة استيعابية لمئات الآلاف من السكان.

وستقوم الشركة ببناء المكعب ليكون أحد أكبر المعالم على مستوى العالم، وستستوحي الواجهة الخارجية للمكعب الطابع النجدي الحديث في تصميمها، بينما سيشمل مساحة طابقية من الداخل تتجاوز مليوني متر مربع، تحتوي على العديد من العلامات التجارية، والمعالم الثقافية، والنقاط الجاذبة للضيوف والزائرين، إلى جانب وحدات فندقية وسكنية، ومساحات مكتبية للأعمال، ومرافق للترفيه.

وسيكون لهذا المشروع المتوقع الانتهاء منه العام 2030، دور بدعم الناتج المحلي غير النفطي بما يصل إلى 180 مليار ريال، واستحداث 334 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.

وتعود قصة النشأة لقصر المربع، إلى أمر الملك الراحل عبد العزيز آل سعود بتشييده على بعد 2 كيلومتر من الرياض القديمة، تماشيًا مع تطور المدينة وتوسعها آنذاك، حيث أسس القصر وما حوله على شكل مدينة مصغرة تحوي عدة مبانٍ.

وانتقل الملك عبدالعزيز للعيش في قصر المربع، العام 1939، ليكون مقرًا لسكنه مع أفراد أسرته، ومكان الحكم وتصريف شؤون الدولة، وديوانًا يستقبل فيه زعماء ورؤساء دول العالم.

ويلاحظ زوار القصر الذي بات مكانًا تراثيًا يستقبل الضيوف من كل مكان، التصميم المميز بالفناء الداخلي الذي يتوسط القصر، وتطل عليه جميع الغرف، فقد بني بالطريقة السائدة آنذاك.

وغُطّت الغرف وأسقفها بجذوع الأثل، وزيّنت بجريد النخل وسعفه، وأنشئت قواعد القصر من الحجر، واستقامت جدرانه من الطوب اللبن المخلوط بالقش، كما زينت بنقوش وزخارف مطبوعة على الجص، بينما برزت جمالية القصر في الأعمدة المتعرجة الحاملة لغرفه وممراته.