هل أساء فيلم "الإسكندراني" إلى أسامة أنور عكاشة؟
منصات مصرية

هل أساء فيلم "الإسكندراني" إلى أسامة أنور عكاشة؟

يعد الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة أحد المؤلفين القلائل المتوّجين على عرش الدراما التلفزيونية في مصر.

وصنع عكاشة مجده من خلال مسلسلات شهيرة حفرت عميقاً في ذاكرة أجيال متعاقبة، مثل "ليالي الحلمية" و"الشهد والدموع" و"أرابيسك" و"زيزينا" و"ضمير أبلة حكمت".

لذلك، أطلق عليه كثيرون لقب "نجيب محفوظ الدراما"؛ نظراً لما اتسمت به أعماله من "نفس ملحمي" وتعدد الشخصيات وتوالي الأجيال، فضلاً عما حفلت به من واقعية شديدة ونماذج إنسانية تتحدى النسيان.

أسامة أنور عكاشة
أسامة أنور عكاشةمنصات مصرية

ويواجه فيلم "الإسكندراني"، الذي يُعرض حالياً في مصر، اتهامات بتشويه اسم عكاشة، الذي يرد اسمه كمؤلف"، فقد ذهب البعض إلى حد اتهام مخرج الفيلم خالد يوسف بمحاولة "الصعود على أكتاف عكاشة في إكساب الفيلم قيمة ثقافية وتاريخية لا يستحقها".

في المقابل، ثمة من يرى أن "الإسكندراني" حافظ على روح السيناريو الذي خطّه عكاشة في كتاب مستقل عام 1991، وحينها كان من المفترض أن يتحول السيناريو إلى فيلم من إخراج أحد رموز تيار "الواقعية الجديدة" في السينما المصرية وهو الراحل عاطف الطيب، على أن يلعب بطولته النجم الراحل محمود عبد العزيز.

الصراع الرئيسي في الفيلم يتمثل في نفس المعركة الحضارية بين "بكر الإسكندراني" الذي قام بدوره أحمد العوضي، وهو الشاب الذي عاد من الغربة إلى مسقط رأسه في حي شعبي بمحافظة الإسكندرية ليشتري المنطقة ومحالها القديمة، ويحولها إلى كيانات تجارية تجسد حالة من الأنانية والانتهازية، وأبيه "علي الإسكندراني" الذي يتصدى له، والذي يعتز بتراث المنطقة كحي شعبي أصيل ويتعهد بالحفاظ على هويتها، وجسد دوره بيومي فؤاد.

خالد يوسف مع أبطال فيلم "الإسكندراني"
خالد يوسف مع أبطال فيلم "الإسكندراني"منصات مصرية
أخبار ذات صلة
خالد يوسف يهاجم طارق الشناوي بسبب "الإسكندراني"

ابتعاد عن الرؤية المميزة

أما الخطوط الدرامية الأخرى، فقد ابتعدت كثيرا عن الرؤية المميزة لأسامة أنور عكاشة وجعلت ارتباط اسمه بالعمل يبدو غريباً ومثيراً للتساؤل إن لم يكن للاستنكار؛ بسبب ما وضعه المخرج خالد يوسف من "تغييرات كثيرة" على النص الأصلي، كما قال بنفسه في أحد البرامج التلفزيونية.

تلك التغييرات هدفت إلى منح الفيلم الحس التجاري والجاذبية التسويقية، وهو ما يتناقض بشكل جذري مع مفاهيم وتصورات المؤلف نفسه الذي ينظر للفن باعتباره "رسالة سامية" في المقام الأول.

ولعل من أبرز التغييرات التي أقحمت على نص عكاشة، معارك الحركة والإثارة التي هيمنت على الشريط السينمائي منذ اللحظة الأولى، وجاءت جيدة بحد ذاتها وأداها "العوضي" بإتقان، لكن المبالغة فيها لم تكن مبررة درامياً.

كما جاءت شخصية "علي الإسكندراني" بالسيناريو الأصلي مخلصة لقيم الأصالة فقط، لكن الفيلم أضاف إليها جزئية الإغراق في المتعة الحسية والمزاج الشخصي بجعلها "شخصية مزواجة"، وكأن المخرج يخشى أن تصبح " ثقيلة الظل" لو حافظ عليها كما هي في النسخة الأصلية.

ولا يمكن القفز أيضاً عن مأزق "فارق التوقيت" الذي وقع فيه صنّاع الفيلم، ذلك أن السيناريو مكتوب منذ 33 عاماً بروح جيل الثمانينات بما اتسم به من إيقاع بطيء، مقارنة بالعصر الحالي، وجمل طويلة وشخصيات حالمة ذات لمسة رومانسية كانت تناسب العصر آنذاك.

أما الفيلم فيغرق في الحداثة والتشويق والإثارة والإيقاع اللاهث مع سيارات وملابس وإكسسوارات تشير إلى اللحظة الراهنة، فبدا الفيلم وكأنه يتضمن بداخله لحظتين زمنيتين لم يتم فض الاشتباك بينهما على نحو مقنع.

أخبار ذات صلة
خالد يوسف في "الإسكندراني".. هل رضخ المخرج المثقف لشروط السوق؟

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com