المخرج السينمائي خالد يوسف
المخرج السينمائي خالد يوسف متداولة

خالد يوسف في "الإسكندراني".. هل رضخ المخرج المثقف لشروط السوق؟

 يعد المخرج السينمائي خالد يوسف أحد القلائل على الساحة الفنية المصرية الذين يمكن وصفهم بـ "المثقف العضوي" وفق التعبير الشهير الذي صكه المفكر الإيطالي أنطونيو غرامشي، ويُقصد به عدم احتجاب هذا المثقف في برج عاجي ونزوله إلى أرض الواقع ليتبنى قضايا الناس ويدافع عنها ويسعى لتغيير الواقع إلى الأفضل بحسب ما يمتلكه من أدوات، فلماذا بدا المخرج المولود في عام 1964 والمعروف بحسه السياسي وانحيازاته للفقراء وعالم المهمشين في فيلمه الجديد "الإسكندراني"، وكأنه يرضخ لشروط السوق عبر تقديم شريط سينمائي يعتمد على "خلطة " من توابل الإثارة والتشويق والحركة ومشاهد الرقص والاغتصاب، فضلاً عن الإلحاح على معارك الملاكمة، وفكرة المقاييس الشعبية للأنوثة بما تقدمه من مغازلة للجمهور وخيالاته؟

أخبار ذات صلة
بعد غياب أكثر من 3 سنوات.. المخرج خالد يوسف يعود إلى مصر

نما الوعي الثقافي الممتزج بحس سياسي بارز لدى خالد يوسف مبكراً، حيث كان والده أمين عام الاتحاد الاشتراكي، التنظيم السياسي الذي أنشأه جمال عبد الناصر، بمدينة "كفر شكر" التابعة لمحافظة القليوبية، وعلى صلة قوية بخالد محيي الدين عضومجلس قيادة ثورة يوليو 1952. وتولى خالد يوسف، الذي سيصبح فيما بعد التلميذ النجيب للمخرج المغامر يوسف شاهين، منصب رئيس اتحاد الطلبة بجامعة الزقازيق ليصبح أحد القيادات الطلابية المؤثرة في مصر بحقبة الثمانينيات، وساعدته خلفيته السياسية ومعارضته الشديدة لتنظيم "الإخوان" أثناء توليهم السلطة ليكون عضو "لجنة الخمسين" لوضع دستور البلاد في 2014 بعد ما عرف بثورة الثلاثين من يونيو التي كان أحد رموزها، كما أصبح عضو البرلمان في 2015.

يحكي فيلم "الإسكندراني" قصة "بكر" المتمرد على حياته في حي بسيط من أحياء مدينة الإسكندرية ويرفض أن يمتهن مهنة والده الحاج "علي الإسكندراني"، جسد شخصيته الفنان بيومي فؤاد، الذي يعمل تاجر أسماك.

أزمة الصراع مع الأب والرغبة في تحقيق الذات بعيداً عن سلطته، تتكرر مع "بكر" ولكن في سياق آخر هو الصراع مع ابن عمه "يونس"، جسد شخصيته الفنان محمود حافظ، إذ تحتدم بينهما معارك المقارنة وتحقيق الذات منذ الصغر.

أخبار ذات صلة
خالد يوسف يعلن اعتزاله "الدراما التلفزيونية"

ولا تبدوعلاقة "بكر" مع حبيبته "قمر"، التي أدت دورها الفنانة زينة، أفضل حالاً ما يجعله يترك المدينة الساحلية لمدة عشر سنوات متصلة، يتورط خلالها في تجارة دولية غير مشروعة، ويعود إلى مسقط رأسه وقد أثرى ثراء فاحشاً ليحاول أن يحكم قبضته على الحي الذي نشأ فيه بقوة المال والأمر الواقع الجديد.

بدا الهاجس التسويقي واضحاً منذ اللحظة الأولى التي تمثلت في اختيار الفنان أحمد العوضي ليلعب دور البطولة المطلقة في العمل ويجسد شخصية "بكر"، وهو ما عدّه البعض مفاجأة من العيار الثقيل؛ إذ إن "العوضي" بنى شعبيته حصريًّا عبر عالم المسلسلات الدرامية، التي يتراوح تقييمها من ضعيف إلى متوسط، ولا سيما في السنوات الثلاث الأخيرة من خلال شخصية "البطل الشعبي" الذي يتسم بقيم الشهامة ونجدة الملهوف. وعرفه الجمهور من خلال أعمال "ضرب نار"،  و"اللي ملوش كبير"، و" شديد الخطورة" التي اعتمد فيها على تكوينه الجسماني كملاكم قديم يتمتع بالطول الفارع، والعضلات البارزة، واللياقة البدنية، لكن التحفظ الفني على أدائه، والذي جاء على لسان نقاد ومتابعين تَمثل في تقديمه لنمط ثابت من الأداء والانفعال مهما اختلفت الشخصية.

قدم الفيلم صورة جميلة في حد ذاتها لأماكن وشواطىء عديدة مستغلًّا جمال مدينة الإسكندرية، لكن مشهد الاغتصاب بدا مقحمًا ويمكن الاستغناء عنه دراميًّا؛ وهو ما أعاد التساؤل بشأن مدى ولع خالد يوسف بهذه النوعية من المشاهد التي تبدو لونًا من المشهيات الجماهيرية على نحو ما تكرر في فيلميه السابقين "هي فوضى"، إنتاج 2007 والذي قدمه مع أستاذه يوسف شاهين، و"الريس عمر حرب"، إنتاج 2008.

 الإلحاح على مشاهد الملاكمة والفنون القتالية في الإعلان التشويقي للفيلم جعل البعض يقول على سبيل الدعابة، إن العمل بطولة "أحمد بروس لي" وليس أحمد العوضي.

وأثارت الملصقات الدعائية للفيلم التي تُظهر كل فنان على حدة مع جملة تعبر عن دوره في السياق الدرامي الكثير من الجدل، واعتبر كثيرون أنها لم تكن موفقة وأرادت العمل وفق آليات السوق لكنها أتت برد فعل عكسي. من تلك المقولات التي تصدرت "الترند" واستهجنها رواد مواقع التواصل عبارة "شرف لأي ست تشم ريحة عرق راجلها الشقيان"، والتي جاءت مرفقة بصورة محمود حافظ. وتركَّز الانتقاد على أن الجملة تبدو غير موفقة في الصياغة، كما تساءل البعض عما يمنع أن يكون الزوج يعمل بشرف ويشقى من أجل لقمة العيش الحلال ومع ذلك يستحم ويحتفظ برائحة طيبة؟ ويبدو أن موجة الانتقاد للحس التجاري غير الموفق هنا كانت شديدة، حتى أن صناع العمل اضطروا لحذف تلك الجملة واستبدالها بعبارة أخرى تقول "الشقا شرف".

ومن العبارات الأخرى التي كانت مستهجنة أيضاً، وإن بدرجة أقل حدة: "مفيش شعر ست اتفرد على ضهره في الحرام"، والتي جاءت مع صورة الفنانة رحاب الجمل.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com